‫الرئيسية‬ رأي بؤس الاستثمار …
رأي - يوليو 30, 2020

بؤس الاستثمار …

سالم الأمين

الفساد و البروقراطية و ضعف اللوائح هي اهم اسباب طرد المستثمريين من السودان ، قبل سقوط البشير تحدث كثيرا عن معيقات الاستثمار و اذكر له قصة رواها حدثت لاحد السعودين الذي جاء الى السودان بطائرة خاصة ، لكن كان هناك اجراء يتطلب منه الذهاب الى مكان المشروع في نهر النيل ، كان على المستثمر ان يعبر النيل الى الضفة الاخرى على مركب خشبية .
بالطبع المستثمر رجع الى الخرطوم و منها الى بلاده بسبب هذه البروقراطية التي تفرض عليه ان يركب هذه القطعة الخشبية لاكمال اجراءاته … كان البشير يتحدث بأسى و ضعف من ليس في يده حيلة و ليس كرئيس جمهورية عليه تغيير هذا الواقع المذري …
بعض موظفوا الاستثمار في المركز و الولايات جزء من اسباب التدهور في هروب المستثمرين ، مضافا اليها ضعف تفسير اللوائح و مشاكل حيازة الاراضي ، و كذلك فساد المسئوليين و فساد المسئولين في عهد الانقاذ هو الاسوأ على الاطلاق .

احد المستثمريين النيجيرين جاء الى السودان بغرض الاستثمار السياحي في ولاية البحر الاحمر ، كان بصدد انشاء قرية سياحية ضخمة بكامل فنادقها العالمية و منتزهاتها ، من ضمن المشروع يقوم بتحديث ميناء بورتسودان لاستقبال سفن السياح ، و كذلك المطار ، مع استجلاب اربعة طائرات حديثة لسودانيير … بعد اجراء دراسة الجدوى و الاتفاق المبدئي مع وزير الاستثمار وقتها (م.ع.ا) . طلب منه الوزير مبلغ مليون دولار كي يتسنى له تنفيذ المشروع . غضب المستثمر غضبا شديد و قال لمراففيه السودانيين بما يعني ( وزيركم دا زول جيعان ، انا ما بقدر بشتغل في بلد زي دي ) . ثم غادر الى بلاده.
احد مستشاريه عرض المشروع على الرئيس الجيبوتي عمر قيلي الذي وافق فورا على تنفيذه في بلاده مع كامل التسهيلات و الضمانات …
بسبب جوع و شره وزير تافه خسرت البلاد مليارات الدولارات التي كانت ستغذي الخزينة العامة ، غير آلاف الوظائف التي يوفرها المشروع لانسان البحر الاحمر و الحراك الاقتصادي المتوقع منه .
اما النزاعات الاهلية بسبب الاراضي ، فيكفي ان نستدل بمشروع الراجحي و رفض المواطنيين ان تمر اعمدة الكهرباء الى المشروع عبر اراضيهم ، و الكثير من المشاكل التي دفعته لمغادرة السودان الى دول اخرى .
بالرغم من ان الحصول على الارباح هو الدافع لاي مستثمر الا ان بعض العرب و الافارقة يحاولون الاستثمار في السودان حبا في السودانيين . لكن حالنا كمن يدس محافير من يساعده لدفن ابوه …
بلادنا في حاجة الى كنس هذه المعيقات التي تدمر القطاع الخاص بصفة عامة و الاستثمار الاجنبي بصفة خاصة . سمعة السودان اليوم في غاية السوء في اوساط المستثمرين الحقيقين . فتركوا الساحة للسماسرة و الشفوت الذين يتشاركون مع المسئولين الفاسدين في نهب البلاد بالعمل في الانشطة الطفيلية سريعة العائد للمستثمر و عديمة الجدوى للبلد و للمواطن . و اسوأ استغلال لمقدرات السودان ونهب موارده حدث ما بين العام 2004 الى 2014 حيث كانت الاستثمارات الوافدة بقيمة 19 مليار دولار و الارباح التي خرجت من البلاد في نفس الفترة 16 مليار دولار . مع وجود الاصول داخل السودان ، وهذه نسبة ارباح عالية جدا تساوي 1.5 مليار دولار سنويا تقريبا . و اسوا تناسب ما بين الاستثمار الوافد و الارباح الخارجة من البلاد كان في العام 2008 ، حيث بلغت الارباح الصادرة خارج البلاد 3.5 مليار و الاستثمارات الوافدة فقط 1.5 مليار .
هذه النسبة الخيالية في الارباح الاستثمارية مع ضآلة التدفق الاستثماري مقارنة بالموارد الضخمة للبلاد ، يوضح ان الاستثمار يتم في المشاريع قصيرة الاجل سريعة العائد ، دون الولوج في المشاريع المعقدة و طويلة الامد ….
قطاع الاستثمار يحتاج الى تجديد شامل يعالج كل المعوقات بما يحفظ حقوق و مصلحة الطرفين المستثمر و البلاد …
نحتاج الى قوانيين مرنة تشجع المستثمرين و ايضا تكون صارمة تحفظ حقوق البلد . هذا ما نجحت فيه اثيوبيا و نيجيريا و رواندا فجذبت اليها حتى رؤس الاموال السودانية الحقيقية ، و تركت لنا تجار الدولار و سماسرة الاراضي و جوكية البنوك .

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …