‫الرئيسية‬ آخر الأخبار وفه التبجيلا …!!
آخر الأخبار - يناير 14, 2023

وفه التبجيلا …!!

الطيب عبد الماجد:

أنا نقطة ضعفي هي ( المعلم ) والكتابة عن المعلمين
ودائماً أجد نفسي أقصر قامة من الحديث عنهم وقضاياهم وأنا الذي اعتدت فقط أن أقف في حضرتهم
ولم أشعر يوماً أن ( الكتوف اتساوت )

لذلك أكتب اليوم بمداد الروح والحذر عن قضاياهم وأزماتهم
ويقيني المطلق أنه إذا لم ينصلح حال المعلم والتعليم
فلن ينصلح حال هذا البلد …!!

فالتعليم هو مفتاح هذه الحياة وكل شيئ

والعملية التعليمية هي دائرة متكامله إذا حدث أي خلل فيها فإن التيار لن يكتمل ولن نرى النور وبالتالي لن نصل الي نتيجه ويمثل المعلمون مركز هذه الدائرة…!!

بفوت على البعض أن المعلم هو الشخص الوحيد المناط به التعامل مع مئات الطلاب وهو ينظر لكل طالب منهم على حدى يريده أن يفهم ويستوعب وينجح وأمام هذا الضغط الجارف فهو في المقابل له أسرة وأعباء أخرى يريدها هي الأخرى أن تزدهر وتنجح …!!

فالأب أحيانا في المنزل يجاهد ويتعب أمام خمسة ابناء فقط مختلفي الميول والطباع والفهم والإدراك والاستيعاب والدواخل فما بالك بالمئات…
ويلومه البعض أنه إحتد مع طالب ما ..أو قام بتوبيخه
أو حتى خرج عن طوره …!!
ولعمري فهو خروج بمعروف

لذلك فالمعلم يسكب روحه في المدرسة والبيت والشارع فهو مطالب أن يكون معلماً في كل شيئ لأنه قدوة ومثل ورائد وبالتالي نحن مطالبين في المقابل أن نهيئ له هذه الأجواء ليقودنا إلي النور …!!

لكن بالنظر لحال المعلمين في بلادي فإن الحال يغني عن السؤال حيث ينظر للعلم أنه موظف وحتى هذه فهو
غير مقـُيم ..!’

المعلم هي المهنة الوحيدة التي وإن صرفت عليها الدوله أكثر من المهن الأخرى فلن يجد ذلك اعتراضاً من الآخرين
لأنهم كلهم خرجوا من رحم المعلمين وتضحياتهم …!!

( لما يزيدوا مرتباتهم بنفرح كأنو زادونا نحنا )

واستحضر هنا مقولة مؤسس ( سنغافورة ) الحديثة
( لي كوان بو ) الذي نقلها من البؤس والشقاء لمصاف السعداء حيث قال بالحرف الواحد أظن أنني
لم أقم بالمعجزة في سنغافورة أنا فقط قمت بواجبي
فخصصت موارد الدولة للتعليم وغيرت مكانة المعلم
من الطبقات الدنيا في المجتمع إلي المكان اللائق بهم
وهم من صنعوا المعجزة التي يعيشها المواطنون الآن
وأي مسؤول يحب بلده ويهتم بشعبه كان سيفعل مثلي )
فاذا كنت نحتاج لمعجزة …فهذه هي المعجزة وقابلة للتطبيق ودونكم ( سنغافورة ) التي كانت من أسوأ دول العالم وهي الان في المقدمة ….!!

ومرتب المعلم في السودان يغطي اقل من 14%
من تكاليف المعيشة …!!

أعلم أن الحال من بعضه لبقية المهن …
لكن هذا الأخير هو مصنع كل هذه المهن وبالطريقة دي
( لا حيعرف يدرس ولا حيعرف يعيش )
ولن نصنع مهناً أخرى …

زمان وأنا في المدرسة كان في حاجه إسمها
( أبو الفصل )
وكان أبو فصلنا أستاذ ( عثمان )

( الله يطراه بالخير أينما كان )

أستاذ ( عثمان ) دا من شدة وجوده في المدرسة واهتمامه بالتفاصيل وحضوره صباح ومساء ..كان يراودنا الإحساس بأنو ليس لديه بيت ولا أسرة ولا التزام غيرنا …
وإنو فعلاً ( ولد ) ( بكسر الواو ) الفصل دا عشان كدا بقولو ليهو ( أبو الفصل )

لما تحصل منافسات بين الفصول في أي ضرب من ضروب المعرفة أو الفنون كان المعلمون يحشدون الطاقات ويعدون العدة للنزال
بتذكر وزملائي الذين معي يتذكرون ذلك جيداً

ومرات بعملو إختبارات تنافسية مشتركة مع مدارس أخرى
في مواد مختلفة اشبة بمسابقات المدارس بس ما متلفزة
وكان هناك إمتحان لغة عربية مشترك بيننا ومدرسة أخرى جارة ….
أنا بصراحة كنت عندي شوية شطارة كدا …
كنت أول الفصل

( طبعا أول الفصل دي ما بتقدر تكتبها في ( الفيس ) إذا لم تكن دقيقة لأنو أبراج المراقبة ( القرو ) معاك كلهم بعرفو الحقيقة

وكان هو أشبه بالمدرب يعدنا لذلك ويعطينا التوجيهات النهائية لخوض اللقاء
وجاء يوم الإمتحان ووفقني الله في حله بشكلٍ مرضي
عدا سؤال واحد كنت أشك فيه ولازلت أذكره ولن انساه طيلة حياتي
وكان السؤال

( أُنْجِزَ المشروع كاملاً وتم تكريم الطلاب )

اعرب ما تحته خط وحدد نائب الفاعل في هذه الجملة
وحدد السبب ..!!

أنا الحقيقة لم أكن أعرف الإجابة بشكل دقيق في تحديد نائب الفاعل لكن غايتو اجتهدت كدا واتوكلت وحددت وخرجت غير متأكد
ولما طلعنا بعد الإمتحان كان النقاش الذي يتم عاده بعد
الإمتحان بيننا كطلاب وكان هذا السؤال هو الأكثر تداولًا
بيننا
جاءني أستاذ ( عثمان ) مهرولاً ..قال لي أها كتبت شنو في
حل السؤال دا ..؟؟

( وهو وأساتذة المدرسة أخرى هم من وضعوا الإمتحان ولكنهم ولتجردهم ومهنيتهم واحترامهم لم يلمحوا لنا مجرد تلميح بما يمكن أن يأتي في الامتحان )

فكنت متردد قلت ليهو يا أستاذ والله ما متأكد لكن
كتبت هو المشروع حلّ محل الفاعل المحذوف لأنو الفعل مبني إلى المجهول فسُمّيَ نائب فاعل وأخذ حكمه في الرفع
والله لم أشاهد الا وأستاذ ( عثمان ) دا اخد ليهو
( نطة ) كدا ورفع يدينو كأني جبت قون ولم اشاهد فرحاً بهذا الشكل …وانفعالاً بهذه الدرجة
وكان سعادتي ( بنطته ) اكثر من الإجابه نفسها …!!

( زي نطة رئيس فرنسا ( ماكرون ) لما فرنسا جابت القون )

رغم خطأًي في اجابة أخرى أكثر سهولة كلفتني ثلاث درجات
وجبت ٥٧ من ٦٠ وكانت اعلى درجة جابوها معاي أربعة
واحد تاني معانا واتنين من المدرسة التانيه ورغم ذلك تفوقنا بالإجمالي وفازت مدرستنا
واكرمونا بشهادات لم أفرح بشهادة الجامعة كما سعدت بها في ذلك التوقيت …

( ولم أكن أعرف وقتها اننا سنتعرض لامتحان أكبر يصعب فيه تحديد الفاعل ونائب الفاعل …ويتعسر الجواب
والفعل مبني للمجهول ) …

هذا هو المعلم وكلهم ( أستاذ عثمان ) ولازالوا كذلك إلى يومنا هذا …منصفين وملتزمين وعطاء بلا حدود رسل معرفة
وسفراء تنوير …!!

المعلم الشخص الوحيد الذي يفرح لنجاح الطالب أكثر من الطالب نفسه أحيانًا وهو الوحيد الذي يتمنى ان يكون الطالب أفضل منه تماماً كما يكون الأب
والمعلم هو الوحيد الذي يجلس في مهنته ويقدم للمجتمع كل المهن الاخرى حارساً للفضيلة بواباً للعلم والمعرفة …!!

ورغم ذلك فلا تقدير ولا إنصاف

البلد الما بتقدر المعلم فيها خلل وما جادة تمشي لي قدام

ولا خير فينا إذا لم ننصفهم ونمنحهم حقوقهم كامله غير منقوصة ..

فرحو الأستاذة وكرموهم واعطوهم فقد أعطوا ولم يستبقو شيئًا
إذا أردتموها دولة ناهضة …

وكيف يملأنا الزهو والفخار عندما نجد بعض الدول التي
تتحدث عن فضل المعلمين السودانيين في النهوض
بالتعليم فيها

( ولا يذكر الفضل إلا أهل الفضل )

ولازالو يحفظون لهم هذا الصنيع ويذكرونهم بالخير
كلما جاء الحديث عن النهضة والتطور ..

صدروا كل شيئ…إلا ( المعلمين ) …!!

فإنكم بهذا المنحى تصدرون ( المربي ) وتصادرون الحياة ….!!

التحية لكل معلمي بلادي والقومة ليك يا وطني ..
حتى يستقيم عودك …وتحدد مسارك ….
لنعود من جديد كما كنا …رواد علم وأهل معرفة وأصحاب
همة …

والتحية لكم معلمي بلادي أينما كنتم نباهي بكم ونفخر

لكم العزة وللسودان المجد والنماء ..!!

وسلام عليكم في العالمين …!!

‫شاهد أيضًا‬

الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش

كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …