ارتفاع أسـعـار السلع والدولار .. تحدي في مواجهة الحكومة الانتقالية
الخرطوم – الشاهد
تشهد الأسواق السودانية زيادة لافتة في أسعار السلع الرئيسية التي ارتفعت دون سبب محدد، وتعالت الشكاوى وسط السودانيين من انفلات الأسعار في الأسواق وصعودها الجنوني بشكل يومي، بينما والت أسعار العملات الأجنبية رحلة الصعود العالي مقابل الجنيه ولامس الدولار للمرة الأولى حاجز المائة جنيه، إلى ذلك، أعلن عدد من تجار السلع، عن توقف حركة شراء وبيع السلع المستوردة.
وفي سياق متصل بالمسألة قال دبلوماسي بريطاني إن الحكومة السودانية تواجه تحديّين رئيسيين هما تحقيق السلام، وإعادة بناء الاقتصاد، وشجع الحكومة على اتخاذ قرار بإنهاء دعم السلع وجني العائد في اتجاهات أخرى، وغرد السفير البريطاني لدى الخرطوم “عرفان صديق” على حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، الأحد قائلا: إنه في الوقت الذي تمضي فيه المفاوضات في جوبا قدما، تبقى التحديات الاقتصادية “هاجسا لا يمكن غض الطرف عنه”.
واشار صديق إلى ان التضخم وارتفاع سعر العملة الأجنبية يطبقان على خناق الاقتصاد، مؤكدا أن اي حلول مستدامة تتجاوز معضلتي الدعم وإصلاح سوق العملات لن يكتب لها النجاح، ووفقا لصديق، فإن الدعم السلعي الحكومي يراوح 36% من ميزانية 2020 وتابع: “فقط فكروا فيما يمكن أن تعود به هذه الأموال حال تم توجيهها لقطاعات أخرى مثل الرعاية الصحية، المدارس، الطرق وغيرها”.
وتشجع الدول الغربية والبنك الدولي على وجه الخصوص الحكومة الانتقالية في السودان على اتخاذ خطوات جريئة بالتوجه صوب رفع الدعم عن المحروقات وغيرها كمخرج من الوضع الاقتصادي الخانق، وبرغم موافقة وزارة المالية على المضي في هذا الاتجاه الا أن الخطوة قوبلت باعتراض واسع من تحالف قوى الحرية والتغيير، ونجح في ابطالها مؤقتا بالوصول الى تفاهمات بعقد مؤتمر اقتصادي قبل نهاية مارس المقبل تناقش فيه البدائل الممكنة لتخفيف الأضرار الناجمة عن الغاء الدعم.
وأشار السفير البريطاني الى المساعدات المباشرة التي ستتلقاها الفئات الأكثر فقرا في المجتمع، حال إقرار سياسية تحرير السلع، واعتبر أن الاصوات المعارضة داخل قوى الحرية والتغيير لن تخدم قضية الإصلاح، “كما سيكون من الصعب حشد الدعم الدولي لاقتصاد السودان إذا لم تتم معالجة سياسة الدعم غير الفعالة، التي لا تستهدف أشد الفئات احتياجا”، حسب قوله.
وأضاف عرفان: “حان الوقت لبدء نقاش وطني حول من الذي يستفيد بالضبط من إصلاح الدعم ومن الذي يخسر” وختم عرفان سلسلة تغريداته بالتأكيد على أن الحكومة السودانية لديها خطة لاستبدال الدعم السلعي بالمساعدة النقدية المباشرة لمن هم في أشد الحاجة إليها، وذلك للتخفيف من أعباء الزيادات الحتمية المتوقعة للأسعار، وأشار إلى ان المجتمع الدولي يناقش كيفية دعم هذا المسار، مؤكدا أن الوقت بات ملائما لدعم الخطة، لا لتسجيل النقاط السياسية.
ويعتزم تياراً في قوى الحرية والتغيير في السودان، رفع توصية إلى مجلس الوزراء لإعفاء وزير المالية، وكشف عضو لجنة الخبراء الاقتصاديين بـ”الحرية والتغيير” عادل خلف الله، عن تعديلات على سعر الصرف والدولار الجمركي تطبق في مارس المقبل مع عقد المؤتمر الاقتصادي في ذات التوقيت المعلن، وقطع بأن إجراء أي تعديل وزاري”سلطة بيد رئيس الوزراء”.
وكشف خلف الله في تصريحات لصحيفة الصيحة اليوم “الاثنين” عن اتفاقهم مع مجلس الوزراء على تعديل السعر الرسمي للجنيه مقابل الدولار من”45″ إلى”60″ جنيهًا، وتحريك الدولار الجمركي من”18″ إلى”55″ جنيهًا اعتبارًا من مارس المقبل، واشار بحسب الصحيفة الى إصدار قرارات لإصلاح الاقتصاد، تشمل منع المضاربة بالدولار، وتغيير عدد من السياسات إضافة لتدابير إصلاحية تطرح في المؤتمر الاقتصادي مارس المقبل.
وفي المقابل أكد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، إبراهيم البدوي أن الدولار الجمركي سيظل كما هو، نافياً أي اتجاه لرفع أو تعديل قيمة الدولار الجمركي، وأوضح أن وزارته بالتنسيق مع البنك المركزي هي الجهة الرسمية المسؤولة عن تعديل سعر الصرف بأنواعه، وأشار البدوي الى ذلك في تصريحات صحفية محدودة بوزارة المالية عقب اجتماع انعقد ظهر اليوم “الإثنين” ضمه ووزير الطاقة والتعدين ووزير الصناعة والتجارة ومحافظ بنك السودان المركزي وممثل للقطاع الخاص.
وأشار البدوي إلى أهمية الدولار الجمركي في تحديد أسعار الكثير من السلع الحيوية وقال “لذلك فإن وزارة المالية ليس لديها أي خطط لتغيير أو تعديل سعر الدولار الجمركي في الوقت الحالي” وقال البدوي إن الخطة المقدمة في إطار الموزانة العامة لحكومة الفترة الانتقالية تضمنت أن أي خطوة لتعديل سعر الدولار الجمركي لا بد أن تُسبق بإجراءات مصاحبة مثل توفير السلع الضرورية عبر جمعيات تعاونية أو استهلاكية وخدمية يتم تعميمها على كل السودان.
من جانبه نفي عضو اللجنة الاقتصادية لقوي الحرية والتغيير، عادل خلف الله، الناطق الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي ما أوردته صحيفة الصيحة اليوم “الإثنين” على لسانه بشأن الاتفاق على زيادة الدولار الجمركي الى “55” جنيهاً، وقال : “لم يحدث اتفاق لا من قريب أو بعيد بهذا المعنى ولم ادلي بما يفيد بذلك المعني فضلاً عن أنه يتنافي مع ما ظلت تؤكده قوى الحرية والتغيير ولجنتها الاقتصادية قبل وبعد اجازة الموازنة” وأشار إلى رفض قوى الحرية والتغيير تضمين موازنة 2020 حزمة سياسات صندوق النقد الدولي والمتمحورة حول تحرير اسعار المحروقات، وتخفيض قيمة الجنية سواء سعر صرف الجنية أمام الدولار او في حساب الموازنة، وتحرير الدولار الجمركي، تدريجياً ووفق مخطط زمني.
وربط بعض التجار الارتفاع بزيادة الدولار مقابل الجنيه واضطرارهم لشرائه من السوق السوداء لاستيراد بعض المنتجات ما ينعكس سلبا على السعر المباشر للمشتري، فيما ظل الجنيه السوداني منذ أشهر يسجل تدنيا مريعا أمام العملات الأجنبية في تعاملات بداية الأسبوع وسط توقعات بمزيد من الانهيار خلال مقبل الأيام، وطبقا للبعض فأن أسعار الدولار وصلت رقما قياسيا اليوم وبلغ سعره “100” جنيه سوداني.
وارجع المتعاملون الارتفاع إلى زيادة الطلب على العملات الأجنبية بشكل كبير علاوة على ارتفاع حجم المضاربات من كبار التجار، وقال أحد المتعاملين لـ “الشاهد” هناك حالة كبيره من الطلب على العملات واتوقع ان يتجاوز الدولار مائة جنيه خلال يومين، ولفت إلى تجدد الحملات الأمنية ظهر اليوم على تجار العملة وسط الخرطوم، وأضاف “تم اعتقال العشرات لكن أسعار العملات ماتزال مستمرة في الارتفاع ولا أعتقد ان تنجح هذه التصرفات في حدوث أي تراجع للأسعار”.
وتحاول السلطات منذ عدة أسابيع الحد من تدني قيمة الجنيه امام العملات الصعبة الا ان أسعارها استمرت في التصاعد، ويرجع مختصون الارتفاع إلى ضعف الصادرات مقابل شح النقد الأجنبي لتغطية الواردات الضرورية إلى جانب زيادة الحاجة للعملات الأجنبية لأغراض العلاج بالخارج والسفر والعمرة.
وأوقفت السلطات قبل أيام نحو 23 متهماً بعد ضبطها عملات أجنبية متنوعة (دولار – ريال سعودي – درهم إماراتي – دينار كويتي) واقتادتهم إلى قسم شرطة الخرطوم شمال ودونت ضدهم بلاغات وفقاً للمادة 5 من قانون النقد الأجنبي.
وبدأت شعبة عمليات الخرطوم حملات مفاجئة خلال الأسابيع الماضية أسفرت عن ضبط عشرات من تجار العملة بطرقات الخرطوم الرئيسية ووسط السوق العربي وسوق الكلاكلة اللفة وقضت محكمة الخرطوم شرق بالسجن لمدة شهر ومصادرة الأموال لصالح حكومة السودان في مواجهة عدد من التجار.
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …