‫الرئيسية‬ آخر الأخبار حديث الساعة: تضارب المصالح وأسس الحكم الرشيد
آخر الأخبار - رأي - فبراير 10, 2021

حديث الساعة: تضارب المصالح وأسس الحكم الرشيد

د. معتصم اقرع :

هذه الحكومة لا تتبع كلامها عن محاربة الفساد بالأفعال. تدعو أفضل الممارسات في الحوكمة تجنب ليس فقط تضارب المصالح ، ولكن أيضًا شبهة تضارب المصالح لأن اوضاع التضارب تفتح الباب أمام الفساد وتقوض ثقة الشعب في نظافة الحكم.
لم تحترم هذه الحكومة قواعد تجنب تضارب المصالح ناهيك عن شبهة التضارب.
من المعروف حول العالم أن الحكومات الأجنبية ورجال الأعمال يحاولون بصورة روتينية رشوة مسؤولين رفيعي المستوى للتأثير علي قرارهم الحكومي.
هذا هو السبب في أن أفضل الممارسات تمنع المسؤولين من قبول الهدايا بأي قيمة نقدية ، مهما كانت صغيرة ، من مصادر أجنبية في داخل الوطن أو عند سفرهم.
فالفساد يأتي في شكل كاش ولكنه يأتي أيضا في اشكال اخري مثل الهدايا الغالية للوزير أو أسرته والإقامة في فنادق فاخرة في زيارات خاصة او توفير فرص عمل مربحة.
إذا لم يستطع وزير أو مسؤول رفض هدية لأسباب دبلوماسية، مثل الرغبة في تجنب إحراج المسؤولين الأجانب أو الإساءة إليهم ، يجب أن تنص اللوائح على أنه عندما يعود عليه الإعلان عن الهدية في غضون 48 ساعة وتسليمها إلى مكتب معين.
يقوم هذا المكتب بجمع جميع الهدايا وبيعها وتحويل عائدات المبيعات إلى المنظمات الخيرية التي تعتني بالفئات الضعيفة مثل الأطفال فاقدي السند وكبار السن.
عدم وجود حظر على قبول الهدايا من الأجانب يترك المسؤولين السودانيين وقادة الأحزاب السياسية عرضة للرشوة في الخارج.
هناك العديد من الأمثلة الأخرى تقول ان الحكومة تتغاضي عن تضارب المصالح.
على سبيل المثال، عينت الحكومة أكبر منتج ومصدر للذهب كرئيس للآلية الاقتصادية العليا – الرجل الذي يمتلك أيضا إمبراطورية استثمارية مترامية الأطراف تعمل في العديد من المجالات الاقتصادية والمالية.
ومن الواضح إن رئاسته للآلية تتعارض مع مصالحه التجارية. يخلق تضارب المصالح هذا إمكانية أن يستخدم منصبه العام لتحريف السياسة الاقتصادية لصالح أعماله بما قد يتناقض مع المصلحة العامة للاقتصاد ككل.
حتى لو لم يسيء رئيس الآلية استخدام سلطة منصبه، فمن الخطأ له وللحكومة تكوين شبهة تضارب مصالح لأن ذلك يقلل من مصداقية وسلامة معايير الحكم ويفقر ثقافة الإدارة العامة المحترمة.
لكن رئيس الآلية الاقتصادية ليس وحده في الحكومة القديمة أو الجديدة فهناك العديد من الذين ينطبق عليهم تناقض المصالح.
فمثلا يجلس في مجالس إدارة مؤسسات هامة أصحاب اعمال يؤثر قرار مؤسساتهم العامة على مصالحهم التجارية.
وشبهة تضارب المصالح حدت ببعض المعلقين الِي الذهاب الِي ان أصحاب المصالح كانوا وراء تصنيف واردات التبغ كسلع أساسية على غرار الدواء.
وحتى لو كان أصحاب الأعمال لا علاقة لهم بالقرار من بعيد أو قريب الا ان شبهة تضارب المصالح تغذي بيئة اثارة شكوك في الحكم كان من الممكن تفاديها لان ثقة الشعب في نظافة الحكم تعتبر رصيد سياسي ورمزي ووطني ونفسي في غاية الأهمية.
مثال آخر هو تضارب المصالح الناشئ عن الجنسية المزدوجة. تملي أفضل الممارسات أن أي مسؤول يحمل جواز سفر أجنبي يجب أن يبتعد عن أي مفاوضات بين بلدي جنسياته لتجنب أي شبهة أو انطباع بأنه يحابي الدولة الأخرى لأنه سيرحل ليعيش هناك قريبًا وقد يحاول بالتالي إرضاء الدوائر القوية في تلك الدولة حتى تكافئه عندما ينتهي عمله كوزير.
في مثل واحد ، دفعت الولايات المتحدة بشدة إلى التطبيع مع إسرائيل. تحت مثل هذه الضغوط تشير قواعد الحوكمة النظيفة إلى أن أي وزير يحمل جواز سفر أمريكي أو إسرائيلي عليه أن يبتعد عن ملف مفاوضات التطبيع لتفادي شبهة تضارب المصالح، والحكومة لديها مئات المسؤولين الآخرين الذين يمكنهم القيام بمهمة مفاوضات التطبيع, سلبا أو إيجابا, دون تضارب في المصالح.
وهناك أيضا قضية إقرار الذمة المالية التي توجب علي من يتولى المنصب العام الرفيع ان يكتب اقرارا كاملا عن الثروة والأصول المملوكة له ولأسرته القريبة مثل الزوج والابناء ثم يكتب اقرارا اخر بعد الخروج من المنصب وتكون هذه الاقرارات وثائق قانونية يمكن استخدامها عند اللزوم ان دعي امر في قضايا من اين لك هذا.
ربما بدا قاسيا تصنيف مؤسسة الشفافية الدولية للسودان كأحد اكثر ستة دول فسادا في العالم في 2020 ولكن ممارسات الحكومة في قضية الفساد وشبهاته لا تساعد علي الاحتجاج أو التحفظ علي ما جاءت به المنظمة.
من الجيد أن السيد الوزير مدني قد أعاد الساعة الغالية الِي الخزينة العامة كما أعاد مبلغ حافز دولاري ضخم سابقا. وهذه سنن حميدة من السيد الوزير تقاعس عنها غيره.
نأمل أن يكتب السيد مدني ما يعرفه الآن وما استبان في مستنقعات السلطة عن حيل الحكومات الأجنبية في صرف الهدايا لتلطيف قلوب السياسيين السودانيين وكبار رجال الدولة ونساءها وما يترتب عليه عن بيع القرار بعيدا عن المصلحة الوطنية.
“دبيب في خشمو جرادة ولا بيعضي”. – مثل دارفوري.
وايضا دبيب عشمان في جرادة ولا بيعضي.

‫شاهد أيضًا‬

الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش

كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …