‫الرئيسية‬ آخر الأخبار كمبرادورية الفترة الانتقالية
آخر الأخبار - رأي - مارس 4, 2021

كمبرادورية الفترة الانتقالية

علاء الدين محمود :

المصطلحات والمفاهيم مهمة في الممارسة السياسية والتحليل وقراءة الواقع، وهناك مصطلح ظل البعض يسخر منه جهلا، وآخرين لأسباب ايديولوجية وهو مصطلح الكمبرادور أو الكمبرادورية والذي ظل يعرف بأنه تحالف البرجوازية مع رأس المال الأجنبي للسيطرة ليس فقط على السوق الوطنية – بحسب التعريف – بل للهيمنة على الارادة الثورية وفعل التغيير، وهي حالة موجودة وسائدة في واقعنا السوداني وهو من الأمراض التي برزت بقوة في مرحلة ما بعد سقوط النظام وبدايات الثورة؛ أي في الوقت الراهن، ووجد الأمر صعودا كبيرا نسبة لوجود مجموعات جاهزة لعبت دور الوسيط في هذه المهمة ومارست اختراقا ليس من القاعدة بل من رأس هرم الدولة، وهي مجموعات كانت في الماضي ضمن منظومة بعض منظمات المجتمع المدني المتستقطبة للتمويل أو “الفند” من الذين صرنا نطلق عليهم لقب الفندالة، هذه المجموعات كانت تمارس في الماضي لعبة فتح النفاجات بين الحكومة والمعارضة من أجل صنع طبقة بغض النظر عن الانتماءات السياسية، مستفيدة من كونها تلعب في فضاء ممتد بين الدولة والمجتمع، لذلك كنا كثيرا ما ندهش للعلاقات الاجتماعية المفتوحة والحميمية بين معارضين وحكوميين كيزان، فالحكومة في لحظة من اللحظات تخلت عن أحلام الدولة الإسلامية والمشروع الحضاري ورضيت بحالة تبدو واقعية في تأسيس طبقة تجمعها مع كبار التجار والأسر العريقة وما شابه في لعبة المصالح، لذلك وجدت بعض القوى السياسية المعارضة أن تعمل على محاورة النظام ومنازلته انتخابيا واسقاط خيار الانتفاضة والتخلي عن المصطلحات الراديكالية الخادشة للحياء المحافظ وحياء النظام العالمي مثل “ثورة” “جماهير” مع العمل على الاستهزاء والسخرية من تلك المصطلحات والمفاهيم حتى تبقى على بنية الدولة القديمة، فالكيزان كانوا ضمن القديم وضمن بنية الدولة القديمة وضمن مصالح الطبقة القديمة المتجددة المسيطرة على الدولة منذ خروج المحتل البريطاني، لذلك كانت تلك المجموعات هي الأكثر تنظيما واستعدادا لمرحلة ما بعد السقوط نسبة لعلاقاتهم المفتوحة مع الخارج، وقد لعبوا دورا كبيرا في الحالة الراهنة من المسار الثوري، وهي حالة ممانعة ومقاومة للتغير من أجل فرض الدولة الجديدة وتأسيس واقع جديد يقوم على العدالة الاجتماعية والمساواة والسلام الاجتماعي، واقع يشكل دولة جديدة لكل السودانيين يجد الجميع أنفسهم فيها، بل ان بعضهم حاول توظيف مفهوم التأسيس الجديد وافراغه من مضمونه تماما عبر اقامة تحالف مع العسكر لتشكيل واقع بعيد الجماهير وإرادتها على نحو ما جاء في خطاب وزير العدل الشهير الذي تنهض بنيته على أساس ايديولوجي لا يتفق مع المسار الثوري.
ولكن هل انتهى الأمر هنا؟ للأسف لا، فللكمبرادورية دلالات متعددة ومختلفة، ومن ضمنها ذلك السياق الذي يعتمل حاليا في شكل مجموعات أخرى من السياسين والمثقفين الذين يدينون بالولاء للفريق حميدتي دقلو، وهذه المجموعات والتيارات تسربت داخل قوى سياسية وأحزاب كانت ضمن الفعل الثوري لإسقاط نظام الإسلاميين بنشاط وهمة، وهي تضم مجموعة كبيرة من الوطنيين الحقيقين، لكن للأسف تسربت إليها مجموعات حميدتي، مستغلة لهاث تلك القوى نحو السلطة ونحو ان تصبح ذات قوى جماهيرية حتى تكون جاهزة للعملية الانتخابية لذلك عملت على استقطاب أكبر عدد من الأفندية والمثقفين والناشطين السياسين باذلة الكثير من الحوافز.
بل ومنهم جماعات قديمة داخل تلك الأحزاب دانت بالولاء للدعم السريع فيما بعد، وتعمل هذه المجموعات لجر أحزابها نحو التحالف مع العسكر، وبصورة خاصة الدعم السريع، وتسخر من الأدبيات التي تقلل من شأن العسكر وتعري مواقفهم في الوقت الراهن، ولعلكم تذكرون صيحة حميدتي والتي اعقبتها دموع الشهيرة وهو يصيح: “ما تظلموا الناس، ديل الوقفوا معانا”.
إن هذه القوى مطالبة بمراجعة صفوفها ومواقفها جيدا، ومن المتوقع أن تبرز الكثير من التيارات والقوى السياسية الجديدة التي ترفع راية الاستقلالية بينما هي متعددة الولاءات مثل تيار المستقبل والتيار السوداني الجديد، فهناك الكيزان الذين لن يعودوا للواجهة في صورتهم القديمة “المؤتمر الوطني” بل سيعملون جاهدين لخلق أوعية جديدة تربطها بهم حبال سرية، في صورة تحالفات مع العسكر والدعم السريع، وكل ذلك الاغراق سيحاول أن يفرمل المساو الثوري، لكن الثورة ستستمر.

‫شاهد أيضًا‬

الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش

كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …