كل هذا النفاق باسم الحقوق؟

د. معتصم اقرع :

يعاني الخطاب السياسي المناصر لحوق المرأة ولحقوق الأقليات, في نسخته الرجالية، من نفاق بائن بينونة كبري ويبدو ان هذه الحقوق لا تعدو ان تكون سوي أدوات لخدمة الصراع السياسي حول السلطة والهيمنة.

فرغم سقوط نظام الاخوان ما زال القانون يعاقب النساء بالسجن والغرامة وغيره بتهمة صناعة المشروبات الكحولية وهذه فضيحة لأي حكومة تدعي الديمقراطية لعدة أسباب:

1.أولا السودان قطر متعدد الديانات وصنع الخمر مباح لمن دان بـغير الاسلام.

2. هناك مجموعات عرقية/ثقافية مسلمة ولكن تفسيرها للإسلام لا يمنع صنع الخمر وشربه.

3. وحتى في نسخ من الإسلام المعتدل فان الضرورات تبيح المحظورات. وصانعات الخمر لا يتكلفن مشاق المهنة ومخاطرها الجمة عن هواية بـل لتوفير القوت لهن ولغيرهم من الأطفال والشيوخ والشباب.

ولا أدرى كيف يجوز حبس النساء قفزا علي مركزية التنوع الديني والثقافي في السودان وذهولا عن عمق الفقر وصعوبة الحصول علي عمل باجر يكفي لتغطية الذهاب والاياب منه دع عنك توفير الطعام لآخرين في الأسرة.

واذا اخذنا في الحسبان تفشي تعاطي الخمر بين كبار رجال الدولة في مجلسي الوزراء والسيادة والشركاء وكل المناصب العليا يتضح حجم النفاق والتحيز الجندري والديني والطبقي في حبس نساء صفاي.

ولا يقف النفاق عند باب الحكومة, اذ لم يهتم بتبني قضايا هذه الفئة من النساء المنادون بعلمانية الدولة أو حقوق المرأة او المتاجرون بحقوق الاقليات الدينية والاثنية. فالذين صعدوا الِي السلطة باسم حقوق الأقليات تهمهم اللاندكروزرات والاكسنات والتوسانات ولا وقت لديهم لنساء قاع المجتمع. وهذا يعني ان الجميع متواطئ مع عنف الدولة وعسفها بأضعف طائفة من النساء تعاني من رباعية التهميش الديني والعرقي والثقافي والنوعي في عالم يحكمه رجال يحتسون الخمر ويحبسون صانعته – ومن لم يشرب الخمر منهم ربما ازهق الروح وباع البلد رخيصة.

ومن الممكن ان تحاول الدولة الحد من انتشار الخمر من غير الاعتداء على نساء ضعيفات. فبعض الدول مثلا تجرم الدعارة وتعاقب الزبون ولكنها لا تعاقب بائعة الهوى وفي اخري يحرم القانون المارجوانا (بنقو) ويعاقب التاجر ولكنه يترك المتعاطي في حاله. خلاصة القول ان حماية نساء صفاي من عنف الدولة لا يعني بالضرورة ان الحكومة تشجع انتشار الخمر في المجتمع.