مفوضية خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة تتبع مباشرة لرئاسة الدولة
مكي بدري حسين محمد :
التربية الخاصة – وزارة التربية والتعليم
على مر عصور التاريخ السياسي للدولة السودانية تعاملت الحقب الحاكمة أو المعارضة ( عسكرية أو مدنية) مع قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة بتماهي يدرج في قائمة الشؤون الإجتماعية ويستعطف أحياناً حسب المزاج السياسي أو حين الضرورة، ويغلب أحياناً إسلوب العطف الإيجابي في تحقيق بعض الإنجازات تمجد شخص فاعلها ( منظومة أو تمجيد ذاتي). ولكنها لم تنظر إليها أبدا بعين أن هذا الأمر حتمية وجود بشري ممتد على أرض الوطن وهي حتمية إلهيه يختارها المولى عز وجل لمن يحبه كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (إذا أحب الله عبدا ابتلاه) وهي قدر بأمر الخالق لا يستطيع أن يتجنبه أي شخص أي كان إذا شاءالله أن تكون له وفي أي ميقات يختاره القدير ، حينها كانوا سيعلمون جميعا أن هذا الأمر ممكن أن يحدث لهم أو لمن يحبون لاقدر الله وكان يجب أن يمهدو الحياة العامة لمشاركتهم فيها، وهذا التفسير قد توصلوا إليه شعوب وحكومات الدول الَمتقدمة بعد الحرب العالمية الثانية وإبان الثورة الصناعية وذلك عندما خلفت الحرب ومن آثارها الملايين من الأشخاص ذوي الإعاقة بأنواع الإعاقات المختلفة وكان لابد أن يتعاملوا حينها مع هذه الشريحة بالعدالة التي تكفل للجميع أن يساهم في بناء الدولة معا على أن تتكفل الدولة ببنائهم وتأهيلهم معرفيا وتكوينا بصورة دامجة تجعلهم جزءا لا يتجزأ من مواطنين تلك الدول،
وقد أدمج هذا التفسير كقرار سياسي وشعبي مدعم بالتشريع الدستوري والقانوني وتم تنفيذه في مهد لبنات بناء دولهم الحديثة من إنشاء بيئة ملائمة للجميع وتضمن إمكانية الوصول للجميع، وقد كان من نتاج هذا الصنيع أن خرج لهم من الأشخاص ذوي الإعاقة من ساهم وبجهد كبير في تقدم تلك الدول وهم كثر، وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ العالم ( ستيفن هوكينغ) ومع تطور إعاقته المركبة إلى مراحل يصعب فيها التواصل مع الآخرين سوى بالعلم والمعرفة والتكنولوجيا وبهم أيضا قد ساهم في تطوير العالم بأثره ويرجع كل ذلك لمبدأ العدالة التي تعاملت بها تلك الشعوب مع هذه القضية، فتغيرت بذلك من قضية لايزال ينظر لديها عندنا كأنها مشكلة من مشاكل شريحة مجتمعية تتداول سياسياً بالطبطبة والتسكين وتغيرت عندهم إلى دمج كامل في كل مناحي الحياة لا تعيقهم المصدات البيئية ولا غيره من مواصلة حياتهم بصورة طبيعية بل أكثر ملائمة حتى يبدع في إنجاز ما خلق له.
كل تلك المقدمة تسوقني لتذكير أرسله لكل الحادبين على بناء هذا الوطن لآفاق متقدمة ونحن في بداية بناء الدولة السودانية الحديثة التي تقم على مبدأ العدالة ثم التنمية يجب أن نوكل قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة بالا يصل للدرجة الوجودية للجميع وأن تصل درجة التداول لها سياسيا ما يؤرق سيادتها ونافذيها وكافة مجتمعها، ولن يتم ذلك في فترة العدالة الانتقالية إلا إذا تبلورت جميع قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة في قالب واحد تحت مظلة واحدة تتبع مباشرة لرئاسة الدولة سياديا وتنفيذيا تحوي تحتها جميع الكيانات التي تساهم في حلحلة هذه القضايا وبشورى بينهم وحذوة بالقانون الدولي يتم رسم خطط ومسارات كيفية العمل لتنفيذ قرارات تدعم دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في الدولة السودانية الحديثة، وإذا أردنا أن نفسر هذا الرأي فهو أقرب إلى مفوضية عامة للأشخاص ذوي الإعاقة.
ولأسباب كثيرة تقودني لدعم هذا الرأي أو ما يشابهه نذكر منها؛
أولا : أن جميع الكيانات التي تختص بشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة في السودان قد جعل منها النظام السابق مسخا يتبع ظله في الدناءة والإستحقار عندما ألبسها ثوب المتسول وعرفها للمجتمع على ذلك النهج يستخدمها أحيانا في جلب المعونة الخارجية والمعونة السياسية ويرفل لها منه فتات العيش حتى تتمسح بيديه شكرا وامتنان، وهذه النظرة يجب أن تتحول إلى استحقاق سيادي وتشريعي وتنفيذي .
ثانيا : في وطننا وللأسف إن أراد الحكام أن يميعوا القضايا جعلوها تذوب في تفرقها وشتاتها واللهث في محيطها، وهذا مايحدث بالظبط في قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة بكثرة الكيانات التي ( وسبحان الله) جميعها تتفق في الأهداف وتتشابه كثيرا في الوسائل لكنها على الإطلاق لن تتوافق على كيان واحد يقوى من شكيمتها ويرفع صوتها لسيادة الدولة ويجعل من إستحقاقاتهم أمرا ذا أهمية قصوى يشغل نافذي هذه الدولة. وبهذا الرأي نتمنى أن يتغير ذلك السلوك المشين بداية من خلال الفترة الإنتقالية وحتى نصنع دولتنا التي نحلم.
ثالثاً : تجربة المجلس القومى للأشخاص ذوي الإعاقة جائت في فترة أراد بها المخلوع أن يحسن صورته دولياً بالتوقيع على الإتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة وعين لها جنرالا من مصابي الحرب تعامل مع القضية كملف وتعليمات أوكلت إليه جزافا دون دراية على أن يرفع تقريره السنوي بما يحسن صورة الدولة أمام الأمم المتحدة ويجلب لها المنافع والدعم المالي واللوجستي وبذات الفكرة تعامل الجنرال وأركان حربه من المنظومة السياسية الحاكمة ( المؤتمر الوطني) وبني له صرحا مجيدا ومراسم عالية المستوى أبعدته تماماً من تحقيق أي إنجاز يخدم الأشخاص ذوي الإعاقة في السودان في تلك الفترة، ولا نود أن تتكرر مثل هذه التجارب في العهد القادم، بل أن نجعل لقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة مؤسسة نافذة تقوم على معايير شاملة لهو الحل الأنجع في تقديري ويضمن إستمرارية العمل وإمكانية المحاسبة.
رابعاً : حتى الآن كيانات وقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة تتبع لمفوضية العون الإنساني ووزارة الشؤون الاجتماعية وبعض منها في وزارة الشباب والرياضة ومنصات أخرى تتوزع على حسب الطلب وهذه المؤسسات يديرها أفراد ليست لديهم معرفة تامة بكيفية التعامل مع مثل هذه القضايا بمهنية وإحترافية تجعلهم ينفذون لصلب الإحتياجات ومن ثم تحقيق الأهداف التي تخدم الجميع، فتعاملوا معها حسب المزاج العام للخدمة المدنية وتباطئهم بالتجاهل والتمويه الدبلوماسي أحيانا عندما ترهقهم المناشدات لضرورة إنجاز المستحقات والتعامل معها كشان المنظمات والإتحادات الأخرى دون تمييز إيجابي للقضية ، وذلك يدفعنا الى أن يتولى الأمر من توطأ بجمر القضية مشروطا بالدراية والمعرفة دون تهجم على المجال ومسؤولا منتخب من غالبية الكيانات التي تحتويها مظلة المفوضية وبذلك نكون قد جعلنا للأمر قبلة واحدة ترمى على عاتقها مسؤولية هذا الشأن.
خامساً : إن كثرة الكيانات والمنظمات المتفرقة على عدد من المؤسسات والتي تشترك في أهداف موحدة يجعل مجهودها مشتتا وضائعا وذلك لعدم تنسيق تلك الجهود بما يخدم كافة الأطراف بصورة مدروسة جيدا وممرحلة حسب الحوجه والتقدير السليم وغالباً ما تتكثف تلك الجهود في مناطق معينة وإتجاهات محددة مما يؤثر على المناطق الأخرى ذات الهامش الجغرافي والنوعي وهذا يقودنا لعدم ممارسة العدالة بالوجه المطلوب.
ولكل تلك الأسباب وغيرها كثير جعلتنا نسهم بهذا الرأي في حل مشاكل وقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة في السودان بأن نجمع كافة هذه الكيانات تحت مظلة واحدة لها نفوذ سيادي وتشريعي وتنفيذي يخدم هذه القضايا. وكنا قد أرفقنا هذا المقترح للوزيرة السابقة الأستاذة لينا الشيخ وزيرة العمل والشؤون الاجتماعية ولكنها لم تستطع أن تفعل شيئاً في هذا الأمر لكثرة المهام التي توكل لهذه الوزارة وهذا يقودنا لأن نتمسك أكثر بهذا المقترح حتى تجد قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة في السودان منبرا موحدا يخدم إستحقاقات الشرائح الأربعة التي تحتويها مظلة الأشخاص ذوي الإعاقة.
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …