الدائرة المفرغة في دورتها الحالية
محمد فاروق سلمان :
احس بمحنة الاسلاميين وانتقالهم للخطاب الاحتجاجي على عسف السلطة الحالية وعجزها ايضاً، والمطالبة بحكم القانون والعدالة وليس لتناقض خطابهم هذا مع ممارستهم ابان انفرادهم بالسلطة، وهي ذات المحنة عند جمهور التمكين الجديد او قادته الجدد اذا شئنا الدقة، عندما يتم الاحتجاج بان هذا غيض من فيضكم..
ولكن محنة الاسلاميين الحقيقية في تجاوز مطالبتهم بتعاطف الجمهور، للرغبة في العودة للحكم من خلال بوابة النضال وسير الاعتقال كانما الذين يحكمون الان تعوزهم هذه السيرة، او لم تكن في تاريخ ماضي جزء من سيرة الاسلاميين انفسهم!
لو انهم فقط اعتدوا بكونهم حكموا واخطأوا، واصابوا بمفارقتهم الصواب الدين بقدر ما اصابوا الدولة، واعادوا النظر في مصاب الناس في الدين والدولة منهم، فربما يكون في هذا تزكية لهم بافضل مما يمكن ان يستدروا عطف جمهور مهما رأوا من الحكومة الان فشلاً: استعانوا على فشلها بتذكر ايامهم التي حكموا فيها السودان منذ ان كان واحداً، ولو ارادوا ان يعينوا العدالة ويحولوا بين الظلم والابرياء منهم لاعترفوا على الظالمين بينهم، ولو انهم ارادوا ان يتبرؤا مما اصاب الناس ايام حكمهم لما انكروا ما هو باين منهم ولاقروا بِما خفي الا عليهم، فلا يؤخذ ما هو حق لهم بالباطل منهم. كما لم يؤخذ الدين ببعض جهلهم عليه في اعتداد ظلمهم به.
أمًا وقد سبق في الاسلاميين حكم التاريخ بعد ان أعجزت شروطه حكمتهم، ودارت عليهم دوائره، فاني هنا مذكر الرفاق وشركاءهم في السلطة الانتقالية ممن آل اليهم الامر بان التاريخ حكمه عليكم آتي: فإن غلبكم ان تحكموا الا كمن سبقوكم فلا تسقطوا مثلهم، وان افتقدتم الحكمة وانتم تطلبون حكم الناس، فلا تعدموها وانتم تتولوا امر الناس او عندما يطلب منكم الناس الرحيل، فالناس قد منحوكم صبرهم حتى يملكوا أمرهم فلا تجعلوا من محنتكم محنة اخرى تصيب الناس وتزيدهم رهقاً.
نحن امام ميلاد جديد لن يحول دونه تقاصر همة الساسة المدنيين وتحايلهم على الجمهور بالعسكر، او تحاملهم على العسكر بالجمهور، فحركة التاريخ لن تعود بِنَا للوراء والدائرة المفرغة قد استنفدت شروطها حتى باتت دائرة مفزعة. ولو قدر للبرهان غدا ان يتفق مع الحلو على ما فشلت فيه القوى المدنية التي ظلت تماطل فيما تصدت اليه، حتى تضمن انفرادها بالسلطة، وكما اقصت الجبهة الثورية عن قوى الحرية والتغيير (وغير ها) حتى كتب لها وعلى جهد حميدتي ان تاتي مستقلة عنها وفق اتفاق جوبا، فستكون ورقة التوت قد سقطت عن ما تبقى من قحت ممن انصب اهتمامهم على ان يكونوا من يحكم دون بحث الحكمة في كيف يحكموا. وان يتقدموا الناس دون ان يقدموا قضايا الناس!
ما وجدت فيما يحدث في هذه التاريخ اكثر من قدرة الاحداث فيه على فضح الوكالة وفساد النيابة عن الناس من سوء الممارسة السياسية القديمة، وليس فيه اوضح من استنفاد شروط الدولة الموروثة من المستعمر لصلاحيتها. وليس ابلغ عن انتهاء هذا الفصل من تاريخ السودان الا حديث سمل Alsadiq Sumel في تابين الشهيد بهاء نوري واعتذاره عن انهم لو اخذوا امر العدالة بالاصالة عن فلذات اكبادهم، بعيدا عن مرسال الساسة، لكان دم الشهيد بهاء مصان، كما دماءاً كثيرة وبعد الثورة قد سفحت كان لها ان تصان، واظن ان اسر الشهداء والضحايا وذويهم اقدر على ان يرفدوا العالم الان بالنموذج السوداني للعدالة الانتقالية ومن صميم وجع السودان ومخاض ميلاده الجديد.
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …