ما الذي يفصل الخرطوم عن سيناريو الجنينة؟؟
بشرى احمد علي :
لا يختلف السيناريو الذي حدث في الجنينة من حرق ونهب وقتل على الهوية الإثنية ، لا يختلف كثيراً عن ما كان يجري في بدايات هذا القرن عندما انقسمت الحركة الإسلامية فإنعكس ذلك على اقليم دارفور ، المفارقة الوحيدة هي ان قوات الجنجويد تطورت واصبحت شريكة في الحكم ، و أصبحت لها موارد مالية وعلاقات خارجية مستقلة ، وهي تستطيع الان ان تلعب دور الأب في هذه الحرب حيث يمكنها شراء مرتزقة للقتال نيابة عنها لأن قادتها لا يريدون التورط فيما يُعرف بالمهام القذرة wet Job بحكم انها يريدون المحافظة على مراكزهم في الدولة التي تشكلت بعد سقوط البشير ..
لكن في بداية عام 2002 كان يُمكن ببساطة الإشارة لتورط الجيش السوداني بحكم انه دعم الجنجويد بسلاح الطيران بينما مارس الجنجويد سياسة الأرض المحروقة ، ولكن هذه الإشارة لم نكن نلاحظها هذه المرة ، وسمح الجيش السوداني لنفسه بلعب دور safe watching من دون أن يتدخل فكانت فرصة ذهبية للمليشيات لتصفية حساباتها على الارض ، والمفارقة الجديدة التي يجب أن نتحدث عنها وبحذر شديد هو أن مكون المساليت هو المستهدف هذه المرة ، في نظر نظام البشير كان محور الشر يتكون من الزغاوة – المساليت – الفور ، فخروج مكون الفور من القائمة سببه ان قوات عبد الواحد لا زالت تحمل السلاح ويتوقع منها الإنضمام للسلام ، اما مكون الزغاوة فقد عاد إلى حضن الدولة بكل أطرافها بحكم ان له تجربة سابقة في ايام المشروع الحضاري ، اما مكون المساليت فقد أصبح الحلقة الضعيفة والمستهدفة في نظام جديد يعتمد على وزن القبيلة ونوعية تجهيزها العسكري ، وبالفعل كانت تصريحات الدكتور جبريل بخصوص الحواكير هي بداية إشعال شرارة العنف في دارفور ، لكن المخيف في سيناريو العنف الجديد انه إنتقل للمدن ، وتم ذلك في غياب المنظمات الإنسانية التي طالما شكلاً سداً لصد الإنفلات الامني التام في المدن وكانت توثق الفظائع وتفضح المتفلتين ، والأمر الآخر والمثير للقلق ، ان هؤلاء المسلحين لا يبدوا عليهم الخوف من المساءلة القانونية ويجوبون الطرقات وهم يحملون قوائم جاهزة لتصفية خصومهم ، نحن امام حالة رواندية بالتمام والكمال …
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه .. متى سيصل هذا الحريق إلى الخرطوم ؟؟ فالبعض يستبعد هذا المآل ويعتبره بعيداً ، ولكن عندما ترجع لمقولة السير أرثر كونان دويل : عندما تستبعد المستحيل فإن كل شئ لا يمكن توقع حدوثه يُمكن حدوثه فسنجد انفسنا في في ساحة الفرز triage ، وأجزم تماماً أن الخرطوم ينتظرها اسوأ من هذا السيناريو الذي حدث في الجنينة ، فالحركات المسلحة في الخرطوم تقوم بعملية إستطلاع وتتمركز بين السكان وتجمع المعلومات ، و هذا يتزامن مع وجود جيش ضعيف وغير منظم ومشغول بحروب خارج الحدود ، اما قوات الدعم السريع سوف تكتفي بالمراقبة ولن تتدخل لحماية السكان ، فهي قوات ذات عقيدة قبلية وكل معركة بين الآخرين هي نصر لها في خاتمة المطاف ، ولم تخفي الحركات المسلحة وعيدها وبانها سوف تشكل السودان على أسس جديدة مبنية على قوة القبيلة وسلاحها ، وإتفاق جوبا يظهر خلاف ما يبطن ، فهو تحالف وليس اتفاق سلام ، وما حدث في الجنينة ينتظر الخرطوم ما لم يتحرك العاقلون لإنقاذ البلاد من آتون حرب عرقية قادمة لا تبقي ولا تذر ، وكل حل سياسي يبقي على قوات الدعم السريع ويسند إليها الشرعية سوف يقودنا لا محالة لهذه الحرب.
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …