توباتو ينمو بشكل مختلف..!!
قصة قصيرة
مدثر حاج على :
أخيراً، وفي صباح اليوم التالي للهبة السادسة والسبعين للريح القمئ في حياة توباتو، تناقلت نباتات وطيور جزيرة خنى النبا الحزين الذي كان متوقعاً،
– قد قضى
– رأيناه مجندلاً على الوضع الأفقي الذي طالما كرهه، توقفت إلى الأبد أغصانه وفروعه الزكية الندية عن التأثير إلى اتجاه السماء، وأمسكت إلى الأبد جذوره (التي لم تمتلك لغة أشياء الجزيرة خاصية وصفها بعد) عن مغازلة جسد حبيبته الأرض والتوغل في أعماق أعماقها.
– الذين رأوه أكدوا أن الألوان الأربعة : الأبيض والأحمر والأخضر والأزرق كانت تشع معاً من جسده المجندل بزهو ومهابة.
– هل تعني أنه كان مبرقعاً؟
– لا، لقد كانت كل خلية من جسده تشع الألوان الأربعة معاً في نفس اللحظة.
– والبنفجسي؟
– لقد كان، رحمه الله، يؤكد في حياته على أن البنفسجي هو اللون الذي يكون موجوداً عندما لا يكون موجوداً، ولا يكون موجوداً عندما يكون موجوداً.
– لطالما أكد لنا الكبار حتمية انتصار الريح القميء في آخر المطاف.
– على الرغم من أنه كان صامداً ومبتسماً طيلة الوقت إلا أنه لم تكن هناك أي مؤشرات تدل على إمكانية أن يكسب توباتو هذه الحرب بينه وبين الريح القمئ.
– هل كان يحلم إذاً عندما كان يزعم أن لديه إيماناً راسخاً بأنه سينتصر في النهاية وأن طريقته الغريبة في الكون والنمو هي التي ستسود؟
– ربما كان يهذي!؟ رحمه الله.
(2)
كان الكبار قد أبدوا قلقهم منذ البداية على هذه الطريقة الغريبة التي اتخذها هذا النبات الذي ولد هجيناً، وأقسموا له كل غال وعزيز أن الخير كل الخير في الزحف والتسلق والانبطاح وما إلى ذلك من طرق النمو المتبعة والمسموح بها في جزيرة خنى. وسوف لن يقوده في النهاية إلى حتفه، وما آثار حفيظة الكبار، ولم يكن أعراض توباتو عن مواعظهم، وفصاحته عدم ايراد المبررات، ليس على عدم رغبته في العدول عن هذه الطريقة التي اختارها للكون والنمو وحسب، وإنما على عدم قدرة خلايا جسده على عدول كهذا أصلاً. ما أثار حفيظة الكبار كان استمتاع الصغار بالحديث إلى توباتو ومتابعة أحداث حربه الضروس التي لم تلبث أن اندلعت بينه وبين الريح القمئ ومحاولات بعضهم النمو بطريقته، لا تقليداً، بل شوقاً إلى الذات التي لا تزال غائبة، كالبنفسجي في أحاجي توباتو الغريبة الممتعة. ليس هذا وحسب، الطريقة الغريبة التي اتخذها توباتو لنموه جلبت إلى فضاء الجزيرة كائنات مذهشة وبديعة اضطرت الصغار والكبار معاً إلى اصطلاح أسماء لها في فضائها اللغوي من أمثال: طيور وعصافير وعنادل.
كان واضحاً منذ البداية أن الطريقة الغريبة التي اختارها توباتو لنموه ستؤثر سلباً على ما كانت تتمتع به الجزيرة من هدوء ودعة، فعلى غير المعتاد، يقرر هذا النبات الصبي أن يكون نموه رأسياً تماماً، ولطالما نصحه الكبار العارفون بباطن ومآل كل شيء أن شططه هذا سيجلب له ولهم جميعاً الكثير والكثير من العنت والتعب. وقد بدأ أنهم كانوا على كل الحق في كل ما قالوه له، رحمه الله.
بعد هبتين أو ثلاث للريح القمئ بعد وفاة توباتو، تناقلت نباتات وطيور الجزيرة نبأ غريباً لم يكن متوقعاً:
– نباتات تشبه توباتو الراحل، في كل شيء، شوهدت في كل مكان، بنفس قامته التي تطاول السماء، ونفس جذوره التي لا تعرف للأرض قراراً.
– ليست صبية تماماً، إنها أصلب عوداً وأعمق جذراً من ذلك.
– كيف حدث هذا؟
– لا أحد يعلم، الذي يعلمه الجميع الآن أن الريح القميء في مركز لا يحسد عليه – نعم عليه الآن أن يدافع عن طريقته هو في الهبوب.
(5)
الذي حدث، مباشرة بعد الهبة الخامسة والسبعين للريح القمئ في حياة توباتو رحمه الله أن تفقد هذا الأخير حياته طلعه التي أخصبها بالحرب وغدت بذوراً صلدة، وإذا تأكد أنها صارت جاهزة، حملها فوق أعلى أغصانه ودعا غريمه إلى القتال الأخير.
– هب الريح القميء هذه المرة بأقوى ما يستطيع ليحدث الذي حدث، ليحدث الذي أراده، بأقوى ما يستطيع، توباتو.
(6)
في حين عد البعض هذا الذي حدث انتصاراً ساحقاً لتوباتو، كان توباتو، في كينونته الأخرى، يعلم عين اليقين بأنه لم يحدث شيء سوى استمرار الصراع مراحل أخرى، أشد قسوة وضراوة.
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …