تنفيذ أحكام الإعدام
ايهاب الامين
هنالك تصريح منسوب للسيدة نعمات رئيسة القضاء السابقة بأن تعطيل تنفيذ أحكام الإعدام التي صدرت مؤخرا يرجع إلى عدم تشكيل المحكمة الدستورية، و قرأت مؤخرا آراء أخرى لبعض اساتذتنا الاجلاء ذهبت في ذات الاتجاه و اتفقت مع ما جاء في التصريح المنسوب للسيدة نعمات حيث ترى تلك الآراء أن التأخير في تشكيل المحكمة الدستورية من شأنه ان يعطل تنفيذ تلك الأحكام.
و في تقديري المتواضع انه و للنظر في تنفيذ أحكام الإعدام النهائية التي استنفذت كافة طرق الطعن فيها و تم تأييدها من المحكمة العليا، ومدى تعلق تنفيذ تلك الأحكام بتشكيل المحكمة الدستورية ، لا بد أن نرجع الى الوراء قليلا للنظر في منشأ تلك العلاقة (ارتباط تنفيذ الأحكام عموما و من ضمنها احكم الإعدام بالمحكمة الدستورية) من حيث النصوص والقوانين .
في العام 1998م أصدرت سيئة الذكر الإنقاذ قانون المحكمة الدستورية والذي تم بموجبه تشكيل محكمة دستورية منفصلة عن السلطة القضائية، و قد جاء بالفصل الثالث من ذلك القانون المشوه في المادة (11) – في معرض بيان اختصاصات المحكمة الدستورية – الفقرة (و) ان من ضمن اختصاصات و صلاحيات المحكمة الدستورية ما يلي: ( فحص الإجراءات والأوامر والأحكام القضائية للتأكد من سلامتها من الناحية الدستورية) . ودون التطرق لبؤس هذا القانون وهذا النص بالتحديد والذي جعل للمحكمة الدستورية سلطة لفحص احكام المحكمة العليا، و هذا نص غريب و شاذ لا شك في ذلك، و لسنا في حاجة للتعرض له حتى لا نحيد عن المقصد من هذا المنشور، في تقديري أن هذا النص الفاسد هو الذي فتح الباب على مصراعيه لهذا العبث المقصود من الإنقاذ لحماية مصالحها ومصالح منسوبيها و استغلال المحكمة الدستورية للافلات بالجرم و النجاة من العقاب،. و مع كل ما سبق فليس هناك حاجة لمناقشة هذا النص نسبة لإلغاء قانون المحكمة الدستورية للعام 1998، إذ انه و إثر توقيع اتفاقية السلام الشامل بين الإنقاذ والحركة الشعبية لتحرير السودان، صدر قانون المحكمة الدستورية لسنة 2005م والذي نصت المادة (2) منه على الآتي: ( يلغى قانون المحكمة الدستورية لسنة 1998م) وعليه لا يستقيم مناقشة اختصاصات وصلاحيات وسلطات المحكمة الدستورية بموحب قانون 1998م الملغي. ونكتفى بالإشارة إلى أن سلطات واختصاصات المحكمة الدستورية وفق قانون 2005م و الذي لم يتم إلغائه حتى تاريخ هذا المنشور (حسب علمي) قد نصت عليها المادة 15(1) بالفصل الثالث من قانون المحكمة الدستورية لسنة 2005م حيث نصت الفقرة (2) من المادة المذكورة أعلاه صراحة على الآتي :(… لا تخضع أعمال السلطة القضائية والأحكام والقرارات والإجراءات والأوامر التي تصدرها محاكمها لمراجعة المحكمة الدستورية). و هذا نص واضح لا يحتاج إلى شرح او تعليق.
بناء على هذه الخلفية ، فإن الأحكام الصادرة من السلطة القضائية واجبة النفاذ شريطة استيفاء مطلوباتها. من نافلة القول ان الوثيقة الدستورية الحاكمة والموقعة بين المجلس العسكري وقوى اعلان الحرية والتغيير بتاريخ 17/8/2019 والمنشورة بالجريدة الرسمية العدد 1895 بتاريخ 3/10/2019م والمعتمدة بالمرسوم الدستوري رقم 38/2019 (و تعديلاتها) قد الغت في مادتها (2 / 1) دستور السودان الانتقالي للعام 2005 ودساتير الولايات كما قررت في مادتها الثالثة (سيادة أحكام الوثيقة الدستورية) ما يلي: (الوثيقة الدستورية هي القانون الأعلى بالبلاد وتسود أحكامها على جميع القوانين ويلغى أو يعدل من أحكام القوانين ما يتعارض مع احكام هذه الوثيقة الدستورية بالقدرة الذي يزيل التعارض) … وبالتالي (ودون الخوض في اي جدال جانبي حول هذه الوثيقة) فهذه الوثيقة هي القانون الأعلى بالبلاد وهي الوثيقة الحاكمة والمرجعية وقد نصت على أن مجلس السيادة هو رأس الدولة ورمز سيادتها. كما حدد الفصل الثاني من الوثيقة الدستورية أجهزة القضاء القومي ومجلس القضاء العالي الذي يحل محل المفوضية القومية للخدمة القضائية ويتولى مهامها كما أكدت على استقلالية السلطة القضائية وأنها المختصة بالفصل في الخصومات وإصدار الأحكام، وبينت الوثيقة ان السلطة القضائية التي يرأسها رئيس قضاء جمهورية السودان هي سلطة مستقلة ومنفصلة عن المحكمة الدستورية وكما حددت الوثيقة اختصاصات المحكمة الدستورية ذلك بصريح نص المادة 13 / 1 من الوثيقة و المعنونة (المحكمة الدستورية) حيث نصت على الآتي (المحكمة الدستورية محكمة مستقلة ومنفصلة عن السلطة القضائية تختص برقابة دستور السودان والتدابير وحماية الحقوق والحريات والفصل في النزاعات الدستورية) ، عليه ووفق النصوص أعلاه و حيث الغي قانون المحكمة الدستورية للعام 1998 و حيث نصت الفقرة (12/ 1/ ل) من الوثيقة الدستورية على اختصاص مجلس السيادة بالتصديق على أحكام الإعدام و جاء ذلك النص في بيان سلطات و صلاحيات مجلس السيادة و جاء النص كالآتي ( المصادقة على الأحكام النهائية الصادرة بالإعدام من السلطة القضائية، وفق القانون)،
بالتالي و وفق النص أعلاه ووفق المود التي تناولت و بينت سلطات و اختصاصات كل من السلطة القضائية و المحكمة الدستورية ، و لما كانت احكام الإعدام النهائية تخضع فقط للمصادقة بواسطة مجلس السيادة وفقا للقانون و الوثيقة الدستورية الحاكمة، فإن القول بتعطيل أحكام الإعدام لحين تشكيل المحكمة الدستورية هو قول بغير سند و مخالف للقانون. و في تقديري انه قول يسوق له بعض بقايا النظام و المدافعون عن زبانيته بغير حق. كما أؤكد على الاحترام التام لكل الزملاء و الأساتذة الشرفاء ممن يختلفون هذا الرأي المتواضع.
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …