ثلاثون عاما على رحيل طارق
عبدالله زهري باشا :
كان طارق في الواحد والعشرين من عمره كان شابا يافعا ممتلا نضارة وحيوية كان يحمل في قلبه حب العلم يحلم صباح مساء أن يكون طبيبا يداوي آلام المرضى يكون الي جانبهم اذا أشتد عليهم المرض كان يحمل قلما جميلا يخط بيديه أيما مستقبل كان يحمل كراسة وورقة وكتابا بين يديه،،، فجأة سمع وابلا من أصوات الرصاص وصوتا لم يعتاد أن يسمعه داخل الحرم الجامعي فنزل مسرعا حيث كان يدرس ويدارس بعض زملائه بمكتبة الجامعة،،، كان مطمئنا وهو يمشي في ردهات جامعته ولم لا فهذا الصرح لم يبني الا للتحصيل العلمي والاكاديمي هذا الصرح قد خرج اجيالا افزازا وعباقرة هذا الصرح ( جامعة الخرطوم) ولدت من رحمها الدكتور عبدالله الطيب ومحجوب عبيد ومنصور خالد وعبدالله حمدوك وغيرهم الكثيييير،،، وفجأة دون سابق إنذار يجتاح الجامعة من يحمل المدفع الرشاش قصاد القلم الجميل من يحمل فكرة الكراهية والبغض والانتقام والهوس المغلف بالدين الإسلامي الحنيف والدين برئ منه براءة الذئب من دم يوسف من هذا الاختلال الفكري من يحمل كل هذا ضد من يحمل فكرة وعلى كتفيه نور العلم والايمان هذا يبني وذاك يدمر وشتان ما بين الدمار والعمار في هذا اليوم السابع عشر من يوليو من العام ١٩٩١ قبل ثلاثون عاما بالتمام والكمال وفي الساعة 11:15 صباحا بالتحديد تسرب الي جامعة الخرطوم مجموعة من معتادي الاجرام شلة من القتلة وقطاع الطرق جامعة الخرطوم الصرح الذي ظل ومازال وسيبقى عقدة كل من تجرع جرعة من الجهل والغباء بحيث أنه لم يدرك حتى الآن مدى عمق هذه الكمية المهولة في داخله من ذلك الغباء والجهل المستحكمين،،، كانت أربعة عربات أثنتين منها كورونا جيش وأثنتين منها بوكس تويوتا اذا لم تخني الذاكرة كانت تأتي من ناحية الغرب الي الشرق في شارع الجامعة أي أنها كانت تسير عكس إتجاه الحركة الي أن وصلت بوابة الجامعة عند كبري المشاة بجوار بنك فيصل فرع الجامعة لافتة الجامعة لازالت شاهدة على هذا الحدث ولا يزال أثر الرصاص موجود حتى يومنا هذا ،،، بكل عنترية نزل من هذا السيارات عشرة أفراد أمن يتقدمهم ظابط أمن برتبة رائد يدعي عاصم صلاح أبوالنجا والده كان مديرا عاماً لبنك التضامن الإسلامي وأحد قيادات الجبهة الإسلامية القومية حيث كان ذاك إسمها في ذلك الزمن بدأت هذه المجموعة وكأن بها جنون وعطش الدماء صارت تضرب الرصاص يمنة ويسري وفي الهواء بطريقة مهووسة ،،، عاصم صلاح أبوالنجا هو قائد هذه المليشيا التي إغتالت الشهيد طارق زهري باشا وهو حي يرزق يسكن حتى الآن في حي الصافية ببحري ،،، ، تمت تصفية الشهيد طارق في تمام الساعة الحادية عشر صبيحة ذلك التاريخ الذي يوافق عامه الثلاثون اليوم بطلق ناري إخترق صهريجا للمياه حاول الشهيد إستخدامه كدرع واقي ولكن القاتل كان له رأي آخر وما أن رأي الشهيد خلف الساتر الا وصوب نحوه من حوالي عشرة أمتار تقريبا ولقوة السلاح المستخدم في الجريمة إخترقت الطلقة الصهريج الحديدي من الجانبين وخرجت رصاصة الموت من الجانب الاخر لتخترق ساعد الشهيد الأيمن وتزحف وتزحف وتتوغل في صدره حتى لامست الجزء الاسفل من قلبه النظيف الطاهر لم يستطيع بعدها العيش لأكثر من ١٥ دقيقة كانت كلها شهيقا ودما طيبا طاهرا سقى به أرض الجامعة لتنبت الأرض مليون طارق،، ،، مات طارق نعم مات طارق ذهب إلى ربه مغدورا مظلوما ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا قتل دون وجه حق مات طارق ولم يمت الحق مات طارق وولدت حواء ملايين الطوارق رضعوا من ثدي أمهات ثائرات رأيتهم بأم عيني في ثورة ديسمبر المجيدة كنت كل ليلة أخرج فيها الي المواكب أنظر الي هذه الوجوه وأتفرسهم فازداد يقينا بعد يقين أن هؤلاء الشباب لا قبل لما تسمى نفسها حكومة الإنقاذ بهم ومع تساقط الشهداء واحدا تلو الاخر كنت أرى وجه طارق في كل مرة وكنت اذهب وأعزي فيهم،،، عبدالعظيم ،،، محجوب ،،، دكتور بابكر ،، عمنا معاوية كلهم دون فرز كان قلبي يخفق كلما ذهبت ولم تجف عيناي من البكاء مات طارق وبالطبع رفضت السلطات أي إجراء من حقه كمواطن سوداني رفضت التشريح رفضت العزاء طاردت كل شباب الجامعة وصولا إلى مدينة كوستي مسقط رأسه حيث قبر إعتقلت كل من مر بالشارع الذي يسبق العزاء بعشر شوارع ناهيك عن شارع العزاء نفسه سبحان الله نفس الممارسات لا جديد فيها ،،، كنت اذهب لمراكز الشرطة طالبا فتح بلاغ فقط فتح بلاغ وتدوين الحادثة في محاضر الشرطة لم يفتح الله ولا على أي ظابط شرطة أو عسكري أو وكيل نيابة بما يمكن أن يمليه عليه ضميره وكلهم مسوؤل يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم الذي إنعدم تماما طيلة فترة حكم هؤلاء القتلة المجرمين
ذهب طارق الي ربه ونحسب أنه في مقعد صدق عند مليك مقتدر وفلت من فلت من العقاب ولكن جاهل من ظن أنه أمن عقاب الله سنقف سويا أيها الرائد عاصم صلاح أبو النجا أمام المولى عز وجل ولن تكون كتلك التي قابلتك فيها بعد عشر سنوات من إغتيال طارق وبعد أن تم تهريبك الي تركيا ولا أظنك تنسى يوم أن إلتقينا ولا تلك العلقة الساخنة التي أخذتها وما الله بغافل عما تعملون،،، لقاؤنا القادم سيكون صعبا عليك وأبشرك لن تستطيع تحمله أنت ومن أمرك ومن قتل وشارك معك في هذه الجريمة النكراء صدقني لن تنفعك صلاتك ولا صيامك ولا قيامك وإن جلست تعبد الله بقية عمرك،،، أسأل أهل الذكر إن كنت لا تعلم،،،، حتما سنلتقي
عبدالله زهري باشا
شقيق الشهيد طارق زهري باشا
تاريخ الاغتيال ١٧ يوليو ١٩٩١
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …