ترس صغير في عجلة الفساد
مجاهد بشرى :
هل سيدهشكم لو أخبرناكم بأننا سعداء بقرارات حمدوك حول قضية فساد مدير الشركة السودانية مبارك أردول .؟؟
لتفهم السبب وراء سعادتنا ينبغي أن نشرح لك بأن الكيزان عندما قاموا بإنشاء الشركة السودانية للموارد المعدنية , لم يقوموا بإنشائها إلا من أجل غرض واحد , الا وهو (( تجنيب الأموال )) , لتمويل كتائب الظل و الأمن الشعبي , وقطاع الطلاب و كتائب المجاهدين , و المعتمدين و الولاة و المسؤولين في النظام السابق في سرية تامة , و التصريح بأن الفساد في الدولة نسبته صفر .
و بعد اقتلاع نظامهم الذي أسقطه الفساد , سعدنا بحكومة وعدت بالشفافية و المحاسبة و صدعت رأسنا بالحوسبة وحوكمة المال العام , لكن الحقيقة انها استمرت في نفس مسار النظام البائد , حيث أتت بأردول الذي أصبح مصدر تمويل للوزارات كما كشفنا من قبل عندما وضع بندا يسمح لكبار قادة الدولة في التصرف بأموال المسؤولية المجتمعية كما يشاءون , و دعمه لمجلس الوزراء و العسكر و وزيرة المالية السابقة و الوزير الحالي للمعادن و وزير المالية د.جبريل ابراهيم و الذي سنوضح في بوست منفصل تغطيته على فساد أردول , كل هذه المشاهدات و الإحصائيات الدقيقة عكف خبراء قانونيين و محللين و صحفيين معنا على تحليلها , فكانت النتيجة الأكيدة هي أن الحكومة الحالية استبدلت محمد طاهر إيلا بحمدوك , و كمال عبد اللطيف بمبارك أردول , و أن تجنيب المال العام مستمر , و حماية الفساد مستمرة لتورط الدولة على أعلى مستوياتها .
لكن كيف نكشف ذلك للشعب الذي لا يقبل المساس بأي مسؤول في حكومة الثورة حتى و إن ظهر فساده و ضعفه , كما يحدث الأن في هذه القضية , فكان القرار أن نواصل عكس التيار و نتحمل كل الضربات , لأننا إن لم نفعل ذلك , فسيعود الفساد و يسدد ضربة قاضية ستدفع الثورة ثمنها , ولن يكون هنالك فرق بين من أسقطناهم , و بين من ارتضينا بقيادتهم للدولة , و كل اتصال كنا نجريه بمسؤول أو وزير , كان جس نبض لمعرفة الفاسد من الشريف , وحتى ارسالنا لملفات أردول للسيد رئيس الوزراء في أبريل الماضي كانت جزء من هذه الخطة , في حين أننا الأن و قد قمنا بحمد الله بفتح بلاغات منذ 3 أشهر و استمرت التحقيقات فيها بسرية تامة من قبل النيابة و درست كل ورقة و تعليق أرسلناه لها , خلصت النيابة إلى أن الأمر أكبر بكثير , و تولت الأمر بنفسها بعد العون الكبير الذي تلقيناه من بعض القراء بتوفيق من الله تعالى , و أشرفت التحريات على نهايتها ليعود أردول و يقدم إلينا هدية من السماء بفضيحة التبرعات المالية لحفل تنصيب حاكم دارفور .
هذا الخطأ الكارثي الذي لو وقع في أي دولة محترمة لتمت إقالة الجميع و الزج بهم في السجن , ارتأينا أن نديره بإسلوب ساخر يدفع بالمختبئين خلف الفساد للخروج إلى العلن , فخرج تجمع شركات التعدين و وزير المعادن , و حتى مناوي نفسه الذي نسب إلى شخصه الفضيحة و طالب بمحاسبة أردول .
لكن هل تعتقد أن هدفنا كان هو إقالة أردول …؟
وفقا لمستشارينا القانونيين فإن إقالة أردول تعني ضياع كل بلاغاتنا السابقة , و وأدها في مهدها , و التمكين لفساد من نوع آخر , عبر شخصية أخرى لا تتمتع بنفس مزايا الشخصية المتهورة لأردول , و التي يمكن التحكم فيها , فقررنا أن يكون خطابنا موجها لإقالة أردول لإستغلال تيار المصطفين خلفه من منتفعين , و عنصريين , وحتى متعاطفين , ودفعهم لمعارضة الإقالة , و بالطبع ستكون لهم الغلبة لحساسية الحديث حول العنصرية في هذه الأيام , و قد فعلوا ما توقعناه منهم بالضبط دون وعي منهم , أي أننا كنا براغماتيين جدا لدرجة اقتلاعنا لقطيع أردول و توجيهه لتحقيق ما نريد .
و الهدف الثاني وهو الأهم… وضع كل الشعب في الصورة التي كنا نراها منذ البداية ( حماية حكومة الثورة للفساد ) , وهذا ليس من أجل النيل من الحكومة , ولكن الغاية هي أن نرسخ لفهم واحد أن الحكومات تأتي وتذهب , ولكن رفض الشعب للفساد و حمايته سيظل أمرا لا يشكك فيه أحد , ولقطع الطريق أمام سدنة النظام البائد من السخرية منا و ثورتنا , خاصة بعد أن أهداهم حمدوك هذه الفرصة على طبق من ذهب .
لكن الهدية الأعظم و الأكبر كانت هي النقاط الأربعة التي حملت إدانة واضحة من الدولة و تجريم لا يقبل الشك لما فعله أردول حيث ذكر بيان رئيس الوزراء النقاط الآتية :
1- وخلص الاجتماع إلى أن الطريقة والأسلوب اللتين اتبعتا في تلك الحادثة كانتا بطريقة خاطئة، لأن الشركة السودانية للموارد المعدنية هي جهة منظمة لعمل الشركات، ولذلك لا يجب أن تدخل معها في شبهة تضارب مصالح . تأكيد لمخالفة أردول للنظم و اللوائح
2- كما شدد الاجتماع على أن الشركة الحكومية لا يجب أن تتبرع بمال، أو تقوم بتمويل جهة دون الرجوع لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي .
الإستشارة التي قدمها مدير الشئون المالية مقدام خليل تدخله هو وأردول تحت طائلة القانون
3-واتفق الاجتماع على أن هذا الأسلوب لا يستقيم مع نظم الحوكمة المطلوبة، وأن التعامل مع التزامات المسؤولية المجتمعية بهذه الطريقة غير صحيح، حيث يجب أن تدفع نقداً عن طريق وزارة المالية فهي الجهة التي تحدد طريقة التعامل وأوجه الصرف مع هذا البند فيما يختص بالمؤسسات الحكومية . كل المبادرات التي قام بها أردول عبر إدارة المسؤولية المجتمعية لا تستقيم مع النظم و اللوائح كما ظللنا نردد في التسعة أشهر الماضية
4-على أن التعامل مع المال العام في كل الحالات التي ذكرت غير صحيح، ويجب أن يكون عن طريق المالية ومجلس الإدارة، (((((( وكذلك توريد المساهمات لحساب شخصي أمر غير مبرر))) ، لأن المال العام يجب أن يتم التعامل معه بحساسية وشفافية، مع اتباع كل الإجراءات المالية والمحاسبية والابتعاد عن شبهة تضارب المصالح .
استغلال أردول لنفوذه و تخطيه للوائح أمر غير مبرر بالنسبة لرئيس الوزراء ولكنه جريمة في نظر القانون
و بالنظر لهذا التصريح الرسمي , لم نكن لنعلن انتصارنا أخيرا على اردول و فساده بصورة أفضل مما صرّح به حمدوك رأس الحكومة التنفيذية , وجعلها تهمة لا تسقط عن أردول , تؤكد ما ذهبنا إليه و ظللنا نكرره يوميا .
رأيت العديد من الأخوة الشرفاء أمثال الأستاذة داليا الطاهر و سيد الطيب و وجدي ابو يزن و المهندس بكري علي , و الأخ هشام ود قلبا الذي أطلق عبارة ( بداية النهاية ) على ما حدث , وقد أصيبوا بخيبة أمل من مخرجات هذا الإجتماع الهزلي , دون أن يدركوا بأننا قد كسبنا الجولة لصالح الوطن بإمتياز , و بينما يقرأون هذه الأسطر تتحضر جهات لفتح بلاغات على ضوء مخرجات هذا الإجتماع و كل ما أوردته الصحفية سهير عبد الرحيم من أدلة عضدتها أقوال رئيس الوزراء , لتشكل في النهاية حبل إدانة أحاط بعنق أردول , والذي أعتبره تُرس صغير في عجلة الفساد , و أن اللعبة لم تكن اصطياده , بل دفعه لكشف كل ما أسلفناه , وشنقِ نفسه بنفسه .
وقد حانت نهاية اللعبة ..
التي وضعنا قواعدها , و انتصرنا فيها على المفسدين.
و انهزموا هم لإطمئنانهم بأنهم على السلطة.
فلينتظروا صافرة القانون .
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …