كيف تصمد في مواجهة الاعتقال والتعذيب؟
محمد ضياء الدين:
يعتبر نظام المؤتمر الوطني من أِشرس الأنظمة الديكتاتورية التي مرت على بلادنا إنطلاقاً من عدائه السافر لكل القوى الوطنية والديمقراطية، وظف النظام موارد بلادنا لتطوير فعالية أجهزته القمعية ولتجنيد وتجييش المخبرين والمصادر والخبرات الأمنية الأجنبية والأموال لشراء الذمم الرخيصة، والمعدات اللوجستية المفتوحة وتوظيف التقنيات العلمية المتطورة لأغراض جمع المعلومات، بالتصنت على الهواتف، وتفخيخ المكاتب والمنازل بمعدات التصنت والتصوير السري واستخدامها لأغراض السيطرة والابتزاز متجاوزاً كل القيم والأعراف السودانية بممارسته لأساليب التعذيب الممعنة في الوحشية للنيل من كرامة المناضلين وكسر إرادة وروح النضال لدى المعتقلين..
ومن ناحية أخرى عزز النظام الحاكم قبضته الأمنية بإصدار قانون الأمن الذي أطلق يد جهاز الأمن ومكنه من القيام بالعديد من الواجبات والسلطات المطلقة، مثل القيام بالتفتيش الجنائي والفحص والاعتقال والحبس والحجز على الممتلكات، والإعلان بالحضور والقيام بالاستجواب وطلب المعلومات، وأخذ الأقوال شفاهة أو كتابة من أي شخص، ومن أخطر السلطات التي يتمتع بها الأمن في ظل القانون الحالي هو أن أفراد الأمن لهم سلطة القبض والاعتقال وهي سلطة بوليسية في الأصل، مما جعل هناك إزدواجاً كبيراً في السلطات، باختصار قانون الأمن مكنه من ممارسة سلطات تفوق الإطار المسموح به للأمن بموجب دستور النظام، أضف إلى ذلك أن أفراد جهاز الأمن لديهم حصانة مطلقة لاتخضع لأي معايير أخلاقية أو قانونية، بما يشكل إنتكاسة كبيرة لمبدأ سيادة حكم القانون ويوسع من دائرة إنتهاكات حقوق الإنسان.
إن تجربة النضال الوطني منذ إنقلاب 30 يونيو 89 مرت بعدة مراحل إصطدمت فيها القوى السياسية والوطنية بالنظام الديكتاتوري، واجهت فيها أساليب أجهزته الأمنية الغاشمة التي عملت على إجهاض أي تحرك سياسي وجماهيري، من خلال إعتقال المناضلين وإذلالهم وتعذيبهم وممارسة كافة أساليب التأثير والحرب النفسية من التشكيك والتشهير ومحاولات التزييف والإستمالة والإبتزاز والتجنيد والإختراق.
لقد أثبتت الإحتجاجات الشعبية الأخيرة في سبتمبر/أكتوبر 2013 مدى ما تتمتع به أجهزة النظام الأمنية من شراسة في مواجهة المتظاهرين ، كما أثبتت تجربة الاعتقال التي تعرض لها المئات من أبناء وبنات شعبنا أن أجهزة النظام الأمنية قد طورت إستراتجيتها ونوعتها في مواجهة المعتقلين وهذا الأمر يتطلب:
1/ توثيق تجربة الاعتقال والتعذيب.
2/ تسليط الضوء على سياسات النظام القمعية وتأكيد حق الشعب السوداني في تعزيز نضاله ضد الديكتاتورية.
3/ أهمية الرعاية الطبية والاجتماعية والنفسية لجميع المعتقلين الذين تعرضوا للأذى النفسي والجسدي، مع أهمية إنشاء مراكز متخصصة لبحوث التعذيب والتاهيل النفسي للمعتقلين وأسرهم.
4/ تأهيل وتثقيف المناضلين من خلال تراكم تجارب الاعتقال لتسليحهم بالمعرفة المسبقة بالاعتقال والتحقيق والتعذيب وأساليبه، لمساعدتهم على التحدي والصمود حتى لايفاجؤا مفاجأة قد تدفعهم إلى الإنهيار.
5/ أهمية الحث على تحريم إستخدام التعذيب في مجتمعنا.
أولاً :- خطـــوات الاعتقـــال
إذا تم إعتقالك توقع الخطوات التالية كحد أدنى حتى لا تفاجأ:-
1/ قد يتم إعتقالك في المنزل /العمل/الجامعة/الشارع… الخ،كن صلباً ولا تظهر أي خوف.
2/ قد يستعملوا ضدك العنف منذ لحظة الإعتقال، كما يمكن أن يغمضوا عينيك ويكبلوا يديك، في هذه اللحظات تذكر أن لكل شيء نهاية.
3/ عند الوصول لمكاتب الأمن وقبل التحقيق، سوف تخضع للتفتيش وتصادر أغراضك الشخصية.
4/ قد تتعرض خلال هذه الفترة لأسئلة من العديد من أفراد الأمن عن إسمك وهويتك السياسية وقبيلتك ومكان سكنك وأي اسئلة أخرى، أجب باختصار عن ما تود الإجابة عنه، لاتبدي أي استعداد للدخول في حوار عام أو خاص ولا تستجيب لأي استفزاز.
5/ يعاد تكبيلك وإغماض عينيك، وتنقل بعدها إلى الزنزانة بعد أخذ المعلومات الأولية عنك وتصويرك وأخذ بصماتك وقد ينقلونك في المصعد صعوداً وهبوطاً وقد يسيرون بك مسافة طويلة لخلق حالة من الضياع والتهويل لديك.
6/ التحقيق الرئيس قد لا يبدأ في اليوم الأول، الزمن يفقد قيمته عندهم، فلا تظهر لهم أنك تهتم به، وأهمية الزمن تظهر عندهم إذا كانوا في عجلة من أمرهم، كل شيء هناك بطيء، فلا تتأثر نفسياً وحافظ على صلابتك التي دفعتك إلى المشاركة في النضال من أجل شعبك.
ثانياً:- التحقيــــــــــــق:
بالتجربة ثبت وبما لا يدع مجالاً للشك أن المحقق قابل للتضليل بسهولة. فإذا إجتزت التحقيق فإنك تزداد صلابة وقوة وإحترام، المحقق عندما يفشل في نقطة ما، فهو يعود للتجربة من جديد، فأجعلها تفشل، فإذا إستبدلوا محققاً بآخر في نفس التحقيق أو في تحقيق لاحق فإن هذا يحدث بسبب نجاحك. ضاعف صمودك لأن المحققين يتراجعون أمام المناضل الصلب الذي لايلين، تذكر دائماً أن وسائل المحقق تجريبية، وأنت من يقرر فشلها أو نجاحها، إن المحقق يعمل دائماً وفق طرق محددة ومنهج مرسوم ليس لديه مبادرات ذاتية في الغالب، ويحاول أن يظهر لك قوته ومعرفته السياسية والفكرية ليضمن تفوقه عليك، بينما أنت حر في إختيار وسائلك، أفشل طرقه وتمرد عليه بمعرفتك وثقتك في نفسك وإيمانك بقضيتك، وابق دائماً متفوقاً عليه.
ومن الأساليب التي يتبعها المحقق فتح مواضيع هامشية وعامة ويعود للمسائل التي يتجاوزها من حين لآخر ليوقعك في الخطأ والتناقض، فكن حذراً.
وقد يتبادل الأدوار في التحقيق محققون شرسون وآخرون لطفاء، لاتنخدع ولا تكترث لذلك، إن هدفهم جميعاً هو إنهيارك واعترافك.
أيضاً من اهم الوسائل التي يتبعها المحقق هو التشكيك في قيادتك وحزبك خاصة إذا توصل لمعلومات بطريقة أو باخرى وقد يستخف المحقق بالمناضل، فتحمل الإهانة لأن القصد منها إستفزازك للإعتراف، أما الوسيلة الأخيرة (وقد تكون الأولى) هي إستعمال العنف لإرهاق المعتقل نفسياً وجسدياً، كل ذلك له نهاية، تذكر أن على المحقق في النهاية أن يقرر إما أن المعتقل بريء أو صامد مصمم على عدم قول أي شيء حتى بوجود الأدلة والمواجهات، أو أنه ضعيف خائن لرفاقه، إنها الخيارات الثلاثة الوحيدة أمامه… فلا تكن ثالثها.
ثالثاً:- التعـــذيب
التعذيب مصطلح لوصف أي عمل يترك آلاماً جسدية أو نفسية بالإنسان بصورة متعمدة ومنظمة، كوسيلة لإستخراج معلومات أو الحصول على إعتراف، ويعتبر التعذيب بكافة أنواعه منافياً للمعتقدات الدينية وللمبادئ العامة لحقوق الإنسان والمواثيق والاتفاقات الدولية التي تمنع التعذيب وهي:-
1/ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة5)
2/إتفاقية مناهضة التعذيب (المادة 9)
3/ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية( المادة 7)
4/إتفاقية جنيف الرابعة ( المادة 32)
رابعاً:- التعــذيب الجســدي
يستعمل جهاز الأمن والمخابرات العديد من وسائل التعذيب الجسدي والتي يمكن تلخيصها في:-
1/ الضرب المباشر بخراطيم المياه والأسلاك المعدنية والضرب باليدين والقدمين، وعادة مايكون المعتقل معصوب اليدين والقدمين.
2/إرغام المعتقل على الوقوف ساعات طويلة، أو الوقوف في أوضاع جسدية مؤلمة.
3/ربط الأيادي وتعليق المعتقل في أوضاع مختلفة مؤلمة قد لاتنتهي إلا بالإغماء.
4/إرغام المعتقل للقيام بتمارين رياضية عنيفة فوق طاقته.
5/المنع من النوم والتحدث مع المعتقلين الآخرين.
6/الحرمان من الحركة وأشعة الشمس.
7/استعمال الصعقات الكهربائية أو التهديد باستعمالها.
8/الاستعجال أثناء قضاء الحاجة.
9/حشر المعتقلين في زنازين ضيقة.
من المؤكد أن التعذيب الجسدي يترك أضراراً صحية بالمعتقل مثل الدسك وأوجاع الظهر والخلع وفقر الدم ..ألخ..وأحياناً الإصابات المزمنة، هذا بالإضافة إلى الأضرار النفسية التي يعتمد فيها على إرهاق جسد المعتقل عضوياً وبالتالي لايمكن الفصل بين مدى نجاعة التعذيب الجسدي في تحقيق نتائج معينة وبين ما يتعرض له المعتقل من ضغوط نفسية، فالضغط النفسي لايترك أثراً مباشراً على جسد المعتقل، وهو مايوفر للجلاد فرص إنكار التعذيب وملاحقة مؤسسات حقوق الإنسان.
تذكر دائماً أن صمودك في وجه التعذيب الجسدي يعتمد على تحملك التعذيب في الساعتين الأوائل من بداية التعذيب، بعدها سوف يكون كل شيء عادي , ويمكنك أن تكتشف في نفسك مقدرات هائلة على الصمود، وهذا الصمود وحده الكفيل بإيقاف التعذيب، هو وحده لاشيء غيره.
خامساً:- التعذيب النفسي
التعذيب النفسي يعتمد على التأثير النفسي أكثر من الجسدي، على الرغم من أن التعذيب النفسي لايعتمد على العنف الجسدي لكن هناك ترابط بين الأثنين، فكلاهما مرتبط بالآخر وأحياناً يمتزج الأثنين أثناء التعذيب، التعذيب النفسي يستهدف تدمير شخصية المعتقل مما يجعله في حالة عجز وتراجع نفسي.
إن جهاز أمن الحزب الحاكم قد طور من وسائل التعذيب خاصة النفسي وإبتكر أساليب جديدة مستفيداً من تجارب دولية وإقليمية، وألحق بأجهزته القمعية العديد من الأطباء والإختصاصيون في علم النفس الذين صمموا وابتكروا وساهموا في تطوير طرق التعذيب النفسي، وتوج ذلك بتشييد معتقلات جديدة تتبع لجهاز الأمن، كما تم عزل أجزاء من السجون لتكون تحت إشراف وحراسة الجهاز بعد إعادة تأهيلها طبقا للمواصفات الشيطانية التي تسهم في إنجاح أهدافهم بإلحاق الأذى النفسي والجسدي بالمعتقلين، لكسر معنوياتهم وفرض سياسة القبول بالأمر الواقع بعيداً عن أي قوانين وبعيداً عن أعين العالم.
سادساً:- الحبس الإنفرادي (العزل)
يعتبر الحبس الإنفرادي من أقسى أنواع التعذيب والعقاب الذي يلجأ إليه جهاز الأمن، حيث أن إحتجاز المعتقل بشكل منفرد ولفترات طويلة لايسمح له فيها أن يلتقي ببقية المعتقلين، يسبب له مضاعفات صحية ونفسية خطيرة، إذ يتم وضع المعتقل في زنزانة صغيرة مغلقة بباب حديدي سميك فيه فتحة صغيرة لإدخال الطعام وإلقاء الأوامر ويمكن إغلاق هذه الفتحة من الخارج، ويعتبر سجن جهاز الأمن الجديد بمدينة بحري نموذج لأحدث السجون المهيئة للإعتقال بأحدث ماتوصلت إليه تكنولوجيا القمع والتنكيل العالمية ويتكون من مجموعة زنازين موزعة على عدة طوابق جميعها معتمة ومعزولة عن الصوت والشمس ويتم التحكم في درجة الحرارة من خارجها . وفي الأثناء فإن المعتقل يتم تجريده حتى من الساعة التي يعرف بها الوقت وكذلك الادويه والنظاره الطبيه وكافة المقتنيات الخاصه ، بالاضافه إلى ذلك سوء الغذاء المقدم، وتكتمل حلقات التعذيب بعزل المعتقل عن محيطه الخارجي بالكامل في ظل ظروف ضاغطة صحياً ونفسياً، حتى يصبح حلم المعتقل في الحبس الانفرادي ليس العودة إلى أهله وذويه بل إلى رفاقه وزملائه المعتقلين في الحبس الجماعي.
سابعاً:- أهم وسائل التعذيب النفسي التي يمارسها جهاز الأمن
1/ الحبس الانفرادي لفترات طويلة يتم عزل المعتقل عن العالم الخارجي.
2/ الابتزاز.
3/ إجبار المعتقل على مشاهدة أو سماع صوت شخص يتم تعذيبه.
4/ إستغلال خوف المعتقل من شيء وإستخدامه ضده.
5/ منع المعتقل من النوم.
6/ إزالة المؤثرات الحسية بعصب العينين وصم الأذنين.
7/ حلاقة الشعر خاصة (الشباب)
8/ الاعتداء اللفظي والتحرش الجنسي (خاصة النساء).
9/ التحكم في درجة حرارة الزنزانة والحرمان من الهواء.
10/منع زيارة الأهل.
11/ الإيماء بإطلاق السراح.
12/ إستعمال الإساءات ذات الطابع العنصري.
13/ التشكيك بالآخرين خاصة المقربين.
14/ الحط من كرامة المعتقل.
15/ حبس المعتقل السياسي مع مجموعة من المجرمين والمعتوهين.
16/ترحيل بعض المعتقلين إلى سجون ومعتقلات خارج ولاياتهم.
17/ دفع المعتقل إلى الانتحار أو التفكير فيه.
لاشك أن وسائل التعذيب النفسي الممنهج التي يمارسها جهاز أمن النظام الفاشي تترك أثراً أشد من آثار التعذيب الجسدي، لذلك من الأهمية الإشارة إلى أن أسلوب التعذيب النفسي يعتمد بالأساس على العقل والوعي والثقافة بين الجلاد والمعتقل أثناء الإعتقال والاستجواب أو خلال فترة الحبس أياً كان نوعها.
على المعتقل أن يتوقع معركة نفسية خبيثة وعليه ان يكون ملم بأساليب الوقاية النفسية التالية على الأقل:
1/ أول وسائل الوقاية النفسية عدم السماح لهم بالتعرف على نفسيتك، وأحرص على إخفاء تفاعلاتك النفسية ومشاعرك كما تخفي معلوماتك وأسرارك.
2/ من أهم وسائل القوة النفسية، الإيمان بعدالة قضيتك وقوة الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وأن صمودك يدعم صمود الآخرين.
3/يتم مرور صباح كل يوم علي المعتقلين (البلاغات) أحرص علي أن تبلغ عن إحتياجاتك الحقيقيه بدون الإكثار من الشكوي وحتما بدون رجاءات , لا تتحدث عن أوجاعك وحاجاتك الطبيعيه, هي معروفه لديهم .لا تزل نفسك بالشكوي , إختصر ولا تكرر مطالباتك يوميا (بلاغاتك) يمكن إستثمارها ضدك لمزيد من التضييق عليك .
4/ حاول أن تستفيد من فترة الحبس (فردي أو جماعي) بتقسيم وقتك (الطويل) بين الرياضة والعبادة والقراءة إذا توفرت.. أترك التفكير بالخارج وهييء نفسك للتعامل مع الأسوأ.
5/ لاتخضع لأي ضغط فالإنهيار يعني المزيد من الضغط بل يدفع بالمنهار للتعاون مع جهاز الأمن.
6/ تذكر أنك تمتلك الإرادة، الأمل، المواصلة، الاستمرار، الصبر، الصمود، العقل ، الإنتماء، حب الوطن وعدالة القضية، وكل هذا يمكن أن يتوفر في جسد ضعيف.
7/ لا تقبل (سيجارة/ قهوة/ صعوط..ألخ) قاوم حاجتك لذلك فهي فخ لبداية تعاونك مع الجلاد، أرفض التعاون في أي شيء، هذا يربكهم، ويسقط عنك حاجز الخوف منهم.
8/ إذا حدث وإنهرت (لاسمح الله) لأي سبب فارجع للتمرد مباشرة قبل أن يتحول الإنهيار إلى سلسلة إنهيارات وإلى كارثة عليك وعلى حزبك وآخرين، وتذكر أن السقوط هو فقدان كل رصيدك النضالي بل الرجولي ويضعك في صف الأعداء فالصمود يقودك إلى مزيد من الصمود حتى يتحقق الإنتصار على الجلاد.
9/ تذكر في كل لحظة أن التعذيب أياً كان جسدي أو نفسي سينتهي، وأنك ستبقى بعد ذلك، إما حقيراً منهاراً أو بطلاً صامداً يفتخر الجميع بك، أجعل (التجربة) تنتهي بإنتصارك.
ثامناً:- من آثار الاعتقال والتعذيب (الصدمة النفسية)
يستعمل جهاز الأمن وسائل التعذيب الجسدي والنفسي كوسيلة للحصول على أكبر قدر من المعلومات، ولتحطيم وكسر إرادة المعتقل معنوياً وجسدياً، كل ذلك بغرض تحويله إلى إنسان ضعيف مهزوز، ولتجريده من قناعاته السياسية والعقائدية والنضالية، ليتحول من مناضل قوي ذو عزيمة إلى إنسان محطم فاقد الثقة بنفسه وبقضيته، علماً أن التعذيب قد يكون هدفاً بذاته، وبتطور أساليب الضغط والتعذيب خاصة النفسي، فإن ذلك بالضرورة يترك آثاراً نفسية على المعتقل تسمى بالصدمة النفسية والتي تبدأ منذ الاعتقال وقد تستمر إلى مابعد الإعتقال وإطلاق السراح، ومن أهم أعراض الصدمة النفسية أثناء الإعتقال:-
1- الشعور بالحزن والإرهاق وعدم القدرة على فعل أي شيء.
2- الشعور بالصداع وفقدان الشهية والشعور بآلام متعددة في مختلف أنحاء الجسم.
3- الشعور بالقلق وعدم القدرة على النوم مع أحلام وكوابيس مزعجة.
4- ضعف النواحي الإدراكية وعدم القدرة على التركيز.
تذكر أن كل هذه الأعراض وإلى هذا الحد طبيعية لأنك إنسان، يمكنك التعامل معها وإحتوائها، وإلا فإنها تتحول إلى صدمة نفسية وحالة مرضية أثناء الإعتقال، أما بعد الإعتقال فإن أبرز تداعياتها ومظاهرها تتمثل في:-
1/ الهوس الأمني.
2/ محاولة الانتقام والكفر بالعمل السياسي السلمي والرغبة في التحول للفعل العنيف والمسلح.
3/ قلق التوقع (مثلاً توقع الإعتقال من جديد).
4/ التجنب (أي تجنب ذكريات المعتقل وأي عمل يؤدي إلى العودة للمعتقل).
5/ العزلة عن الناس والتفكير بالإنتحار.
إن اضطراب الصدمة ومابعد الصدمة يؤثر بلا شك على إندماج المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب في العودة الطبيعية لحياتهم العامة والخاصة، عليه لابد من الوعي لأهمية هذه القضية خاصة من أصحاب الإختصاص المهني.
إن تجربة الاعتقالات الأخيرة، أكبر من قدرات الكثير من الذين تم إعتقالهم خاصة الشباب وغير المنظمين، الذين وجدوا أنفسهم وبدون مقدمات أو توقع أو تجربة في غياهب السجون والمعتقلات. إنها دعوة لإعادة التأهيل النفسي لهؤلاء الشباب ووضع التجربة محل التقييم توثيقاً لها ولتحصين وتأهيل وتثقيف المناضلين وتسليحهم بالمعرفة والتجربة لأغراض الصمود والمقاومة، كذلك لابد من عمل مبحث خاص لتجربة إعتقال السيدات والشابات ، لنفس الغرض، خاصة بعد التحول الكبير في أجهزة الأمن نحو الإعتقال الطويل للسيدات ووضعهن في الحبس الفردي وممارسة كافة أشكال التعذيب النفسي والجسدي كسابقه في تأريخ السودان السياسي، كذلك من المهم جداً طرح قضية الاعتقال والتعذيب بموضوعية بدون تضخيم مما قد يدفع الكثيرين للتراجع عن القيام بدورهم النضالي، كما حدث سابقاً عند حملة كشف ممارسات جهاز الأمن في بيوت الأشباح وأقبية معتقلات النظام , حتي لا نسهم في تقديم خدمة مجانية تنجح مخططات جهاز الأمن، وفي ذات الوقت يجب ألا نقلل من حجم الممارسات الحقيقية لجهاز الأمن.
المطلوب تقديم خلاصة تجارب الاعتقال للشباب بموضوعيه وإدارة حوار بهذا المعني لتمليكهم هذه التجارب لمساعدهم على الصمود والمقاومه , ولإفشال مخططات الأجهزة الأمنية الرامية لكسر إرادتهم وإذلالهم , إن تعميم ذلك من شأنه أن يحول تجارب الإعتقال من تجارب خاصه الي تجربه عامه يستفيد منها كل من يتوقع الإعتقال وهو أمر يمكن ان يحدث حتي لمن لا يتوقعه .
أرجو أن تتوسع هذه الدراسه المتواضعة وتثرى بإضافات تجارب كل من تعرض للاعتقال فمجموع التجارب الخاصه لابد أن توثق كما لابد أن تملك للجميع..
رأيت أن أبدأ بتجربتي الخاصة، مستفيدا فيها من تجارب (حكاوي) بعض المعتقلين الشفاهية، ودراسة بعض التجارب المشابهة في محيطنا العربي والإقليمي، إنه مشروع مقدم للكل للإسهام في تطويره من خلال التجربة وللاختصاصين بمختلف تخصص..والنصر حليف شعبنا …
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …