
كما تدينوا تدانوا”: يعني السويتو كريت في القرض واللا كيف!”
عبد الله علي إبراهيم :
تنعقد بعد انقلاب 25 أكتوبر ومسحه لمنجزات الثورة بالاستيكة، في عبارة موفقة لكمال كرار، مقارنة مضلة ضليلة. وتدور حول عبارة “كما تدينوا تدانوا”. ومفادها أن ما ما فعلته الثورة في الإنقاذيين من اعتقال مثلاً هو جنس الجزاء لما يقع الآن من حبس لرموز الثورة. وهذه مقارنة تقع، بقول الخواجات، بين تفاح وبرتقال. أي شتان بين طرفي المقارنة. ولا يرتكب هذه المقارنة إلا فطير العقل أو ماكره.
فالذي ساق الإنقاذيين إلى الحبس ثورة “فرضتها” دولة اللصوص الإنقاذية على الشعب حين لم يعد يطيقها فحسب بل لأنها هي نفسها لم تعد قادرة على الحكم. فخرج عليها حتى من وثقت به في خراج الروح مثل صلاح قوش يريد لها مخرجاً بعد أن وقف حمارها في 2020. وما يقع من اعتقال لرموز الثورة من حبس، من الجهة الأخرى، قام به انقلاب شاحب معزول واضح أنه لا يحسن الاعتقال من فرط هزاله. وهو الانقلاب الذي تربص بالثورة منذ 11 أبريل 2019 واحنى رأسه للعاصفة لتمر فينقض. وكان ذلك وجهاً أخر من وجوه مغرب نظام البشير الذي لم يكن بوسع أحد انقاذه من نفسه.
وصدّق الثوريون من البرجوازيين الصغار أن انقلاب 11 أبريل كان انحيازاً للثورة كما صدقوا في 4 أبريل 1985 أن انقلاب سوار الدهب كان لسند الثوار. وحلت الندامة في الحالين.
إن الردة عن الثورة بالانقلاب ليست حدثاً شاذاً في الثورات حتى نستدعي بلاهة “كما تدينوا تدانوا”. فالسياسة عرفت الثورات كما عرفت ما يعرف بالنكوص عنها بما تجري عليه عبارة “restoration” أي مسح الثورة بالاستيكة. ولم يقل الناس عن ملوك فرنسا البوربون عبثاً إنهم عادوا لحكم فرنسا بعد ثورتها “لم ينسوا شيئاً ولم يتعلموا شيئا”. فالردة عن الثورة، طالما كان التدافع الاجتماعي بين الناس حول المصالح هو الديدن في السياسة، واردة. ولكنه لا يسوغ سذاجة “كما تدينوا تدانوا” كأن لكل فعل ردة فعل بصورة مفرغة من النزاع الاجتماعي.
كان على الإنقاذيين ضربة لازب العمل لطي صفحة الثورة مركزين على نقاط ارتكاز اثنين لها: لجان المقاومة ولجنة تفكيك تمكينهم الفظيع. فلا يحتاج المرء لعقل عالم صواريخ ليعرف لماذا كانت هاتين الهيئتين في مرمى النيران الغليظة للثورة المضادة. فأخذت لجنة التمكين موجودهم الذي وقع لهم ب”سلطة للساق” وبالدم. وكانت لجان المقاومة هي ديدبان الثورة الساهرة على تفكيك نظام الثلاثين من يونيو. وخدمت الثورة المضادة بمثابرة استثنائية لإقصاء لجان المقاومة من الساحة بتلطيخ سمعتها تارة، أو الفتنة بينها وبين الحكومة الانتقالية باسم أنها سرقت ثورة الشباب. وضربت على وتر أن المال لا يُحجز أو يُصادر إلا بأمر قضائي حتى أرهبوا دوائر فصيحة في الثورة فوقعت في براثن منطوقهم تلوكه استخذاء، أو كيداً في معركة كسر العظم بين أطراف الانتقالية. ولما بدا للثورة المضادة أنهم أضعفوا الانتقالية، وحاصروا لجنة التمكين، التي انفض عنها أهلها ذعراً، ضربوا ضربتهم بانقلاب 25 أكتوبر.
فأين كما تدينوا تدانوا في هذا المشهد الاجتماعي؟ فلا يرغي بمثل هذا القول إلا متفرج عليه، أو مغبون من الثورة. فلم تقع لا “إدانة” الإنقاذيين ولاالثوريين من “حالق” محايد حتى نهرف ب”كما تدينوا” أو التسوي كريت في القرض تلقاهو في جلدها. لقد خدمت الأطراف قضيتها في هذا التدافع الاجتماعي ما وسعها لتكسب هي وليخسر الطرف الآخر في حرب عوان.
ولم يكن نصر الفلول حتمياً لو أحسن الثوريون الثورة. وربما كان نصرهم أقل مسحاً بالاستيكة لو حرس الثوريون ثورتهم ولم تدغدعهم أحلام حلف المكون الثوري والعسكري. فالهاهم ذلك دون الوقوف على أمشاطهم سهراً عليها والحليف يحفر لهم بالكوريق. أو لو لم يتحول كثيرهم إلى ليبراليين بليل يجرح مر اعتقال فلولي خدودهم ناسين هرجهم حول “والله لما ننتصر على الإنقاذ الحافظ الحمدو ما نخليهو” أو برامج فرشات البكيات: والله إلا نشقنهم على الشجر في ميدان عام”. هرطة كذابة قلنا لهم في وقتها طهروا أفواهكم منها. وحين جد الجد تحول المهرجون بالثبور وعظائم الأمور إلى حمل وديع: أعرضوهم على القضاء، أو أنا ضد أن يعتقل أي شخص بغير جريمة. كأن جريمة الإنقاذ في الوطن مما تضاء له نار.
ولا أعرف لمِ لا يعتبر دمثو الخلق المتذاكين بمقولة “كما تدينوا تدانوا” أن عقوبة الثورة على الإنقاذيين هي إدانة لهم على جرائرهم الفاحشة في البلد لثلاثين عاماً؟ لماذا صفروا العداد سراعاً الى إدانة الثورة التي أدانت الإنقاذ بما فعلته بالسودان لثلاثين عاماً؟ لماذا شاءوا أن تعمل هذه الصيغة البلهاء حين تدين الثورة الإنقاذ بما دانت به في عقود حكمها السقيمة؟ هذه تدانوا تدانوا في شارع لاتجاه واحد. وتلك قسمة ضيزى!
لسنا هنا بمعرض إدانة بإدانة والبادي أظلم. إنها معركة الثورة والثورة المضادة التي لم تتوقف منذ ثورة أكتوبر 1964. وصراع الثورة متنى.
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …












