
هذا الانقلاب إلى زوال
مجاهد بشرى:
لا أحد يمكنه ان يتصور أن أمريكا ستصمت بعد الانقلاب العسكري الفاشل في السودان , و انها لن تبدأ في اجراءات تعيدنا إلى مربع العقوبات الممتدة منذ اكثر من 30 عاما , خاصة و ان الانقلاب العسكري كشف عن توظيف شركات الجيش و الجنجويد لموارد السودان و تهريب الذهب إلى روسيا لمساعدتها في حربها ضد اوكرانيا و الغرب عموما…
هذا الأمر انتهى بزيارة دقلو لروسيا و اعلانه احقية روسيا بالدفاع عن نفسها , في خطوة اعتبرها كثير من المحللين و العسكريين بأنها اكبر خطأ و انتحار سياسي اقدم عليه الانقلابيين .
قد يتبجح البعض او يقلل من خطورة التقرير الأمريكي , و لكن وفقا للإقتصاديين فإن العقوبات التي فُرضت على النظام البائد الذي أتى عبر انقلاب عسكري ايضا , قد كلّفت السودان خسائر لا تقل عن 450 مليار دولار على مدى الثلاثة عقود الماضية , و أخّرت نهضة البلاد , وجعلته متخلفا عن ركب الدول في محيطه الاقليمي و التي تشهد نهضة مضطردة و استقرارا متزايدا , وهو الأفضل حظا و الأكثر مواردا منها مجتمعة .
من الواضح أن مشكلة السودان هي الحكم العسكري , و سيطرة حركة الاخوان المسلمين على السلطة من خلال سيطرتها على الجيش , و بالتالي اقتصاد الدولة , مما افقد الجيش عقيدته الوطنية و انتماؤه الوطني , حيث خاض الجيش السوداني كل معاركه خلال الـ50 عاما الماضية ضد الشعب السوداني فقط , فالملايين الذين ماتوا في الجنوب ( قبل الانفصال ) ماتوا بفوهات الجيش المؤدلج , و كذلك في دارفور و جبال النوبة و النيل الأزرق, و اضافة على ذلك , صمت الجيش على جلب الحركة الاسلامية للإرهـــــ|بيين الدوليين إلى السودان و جعل ارض البلاد مسرحا للتآمر و عدم الاستقرار العالمي , مما يوضح أن المتسبب الوحيد في بؤس الشعب السوداني , و شظف عيشه و مصائبه و قتلاه , كان هو الجيش ,و ذلك أدى لاحقا للتساهل في انتهاك حقوق الإنسان و استرخاص دماء السودانين و استباحة اعراضهم و التنكيل بهم , و قمع حقوقهم و مساعيهم في نيل حريتهم …
و تحت مشروع غير حضاري , استعمل كل الة القتل المتوفرة عند الجيش , تمّ انشاء و دعم مليشيات مسلحة من أجل ممارسة تطهير عرقي و نوعي ضد ابناء الشعب الواحد , وزرع الجهوية و العنصرية الفتاكة التي لا فكاك منها , الا بثورة تعيد هيكلة هذا الجيش تماما , و إبعاده من السلطة و إعادة العملية السياسية التي ستفضي إلى حل مشكلة الحكم في السودان .
و قد رأينا ان نظرة الجيش المؤدلج لقضية الحكم في أنه يعتبر نفسه الوصي على الشعب و ثورته و مصيره كما قالها البرهان قبل عدة ايام من انقلاب الـ25 من اكتوبر الفاشل , فأي وصي يقوم بفض اعتصام لمدنيين عزّل و يقتل منهم المئات من أمام مقراته و يُلقي بهم في النيل عوضا عن حمايتهم ؟
كيف لوصي أن يعين من مليشيات المرتزقة و القتل و الجنجويد من ينوبه في الوصاية (إن وجدت ) على الشعب الذي مهمته حمايتهم .؟
وكأنما يصر ذئب مفترس على انه وصي على الحملان , فيقوم بتعيين ضبعِ جيألِ على ان ينوبه في الوصاية عليها … و (الجيأل هو الضبع منتن الرائحة ).
إن في استمرار الانقلاب العسكري محن و مصائب وضيق عيش قادم و عقوبات في وقت عصيب يشهده العالم , حظر سيعاني ويلاته الشعب السوداني فقط , في حين أن الانقلابيين يهربون الذهب و الأموال في الخارج و يستخدمون الاطفال في اعمال استخراج الذهب , و تدمير الموارد غير المتجددة , ويتحالفون مع الجهات المعادية لكل العالم , و يرهنون قرارهم لدول المحاور , و يعتقلون ابناء الوطن الواحد , ويقتلون صغارهم في الطرقات, و ينقلبون على المواثيق و يعرقلون مسيرة الحكم و الانتقال الديمقراطي المدني بدعوى تصحيح المسار , وهذا هو ما يبرع فيه الجيش المؤدلج (القتل والقمع و محاربة الديمقراطية ) تشهد عليه الأحداث ..
في رأيي أن من أخرج السودان عن مسار الحياة و الرفاهية و الشعوب الحرة و المتقدمة لثلاثين عاما قتل فيها ملايين من ابناء شعبه ببندقيته , يجب عليه تصحيح مسار نفسه أولا قبل الحديث عن أي تصحيح آخر .
وهذا الانقلاب إلى زوال , فالوعي العام يُدرك بأننا لن نقبل بالعودة إلى الوراء مجددا …
مهما كان التحدي او الثمن
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …












