ألف رحمة ونور على روحك

د. عزيز سليمان:

عن الراحل الاستاذ / علي محمود حسنين اتحدث ، فقد كنا قلب في جسدين …..له الرحمة والمغفرة بقدر ما قدم لوطنه واوفي للاهل والاصدقاء وللانسان السوداني .
ذهبت اليه صباح الاربعاء حوالي العاشرة وانتظرت مدة في الصالون ثم جاء في حركة بطيئة (وتلك ملاحظة اولي لم اعهدها ) وجلس علي الكرسي وكأنه يرتمي ، قلت له :يا استاذ ان في غاية الارهاق ولابد من راحة ، قال:كيف ارتاح واليوم كله الناس داخلة ومارقة ، قلت : يقولون لهم الاستاذ نائم ،قال: كيف يقطعون المسافات ولا اقابلهم ،انني لا استطيع النوم إلا بعد منتصف الليل وهذا غير الاتصالات الهاتفية من الداخل والخارج ، قلت :ارح معاي البيت ،قال: نفسي لاتقبل ان يحضر احد او يحضروا ولا يجدونني .
ثم بدأ يشكو من الاخطاء التي ترتكبها قوي الثورة وانها ستضيع اعظم انجاز لثورة تراكمية وان من يظهرون في الواجهة سيطيحون بذلك الانجاز لعدم خبرتهم ويمكن لكثير من الاشياء والاجندة الخفية تمرر عليهم .
قلت : اتركهم يصنعون تجربتهم .قال بيأس : اذا ضاعت تلك الفرصة فلن تتكرر إلا بعد سنوات وقد لانجد سودانا نعترك فيه .
قلت : ارح نفسك فاتركهم واذا طلبوا الرأي والمساعدة فانت لها وكل شئ لديك جاهز .
سكت ، ولم نتعود معارضة بعضنا او نختلف وتلك سمة علاقتنا التي امتدت لسنوات طويلة نتبادل الافكار والهموم ونحدد المطلوب ،وكل ذلك كان يتم في ثقة متناهية ، فما من خطوة اقدم عليها إلا وكنا قد ناقشناها بالجرح والتعديل او توافق الرأي .
اليوم في ذكري رحيله المفاجئ وهو رحيل العظماء الذين يخلدون لنوم في آخر الليل بعد يوم مقابلات شاق ثم تكون النومة الابدية .
اليوم في ذكري رحيله نترك التقييم للآخرين وليس للمقربين .
اليوم في ذكري رحيله وبعد غيابة قد تستوعب الحركة السياسية ما كان يقوله واظنها لم تستوعب بعد وذلك سبب استمرار شلالات دماء الشباب بلا مردود سياسي علي ارض الواقع .
غابت الرؤي والمبادرات بسبب غياب صناعها ، يتواصل اصرار الشباب علي عودة ثورتهم ولكن القيادات السياسية في متاهة من اين تبدأ !!!