‫الرئيسية‬ آخر الأخبار اختزال الحضارات في الحكومة
آخر الأخبار - أغسطس 9, 2022

اختزال الحضارات في الحكومة

معتصم اقرع:

وردت اراء ان المهاجر في دول الغرب، حتى لا يكون منافقا، عليه ان لا يختلف مع سياسة البلد الذي يعيش فيه وان لا ينتقدها: يذهل هذا المنطق ان الحريات الغربية تتيح للمواطن ان يعتنق ما يشاء من أفكار وانه غير ملزم بتبني أي أفكار لا تروق له وذاك من حرية الضمير المتاحة.

يترتب علي منطق ان الانسان ملزم بالتماهي مع سياسات حكومة البلد الذي يعيش فيه الآتي:

من يعش في أمريكا كان عليه ان يتماهى مع سياسة أوباما ثم يطبل لسياسات ترامب والان عليه ان يدعم كل سياسات بايدن.

من يعش في السودان كان عليه ان يتطابق مع سياسات البشير وبعد ذلك حمدوك والان البـرهان.

من يعش في مصر كان عليه ان يدعم سياسات مبارك وان يتماهى مع سياسات مرسي والان عليه ان يدعم سياسات السيسي بما في ذلك سياساته نحو السودان.

من يعش في السعودية عليه ان يناصر كل سياسات الملك سلمان.

كذلك من يعش في قطر عليه ان لا يخرج عن خط الشيخ تميم.

من يعش في تركيا عليه ان يصير بوقا للسلطان اردوغان.

وينطبق ذلك على كل البلدان التي هاجر اليها أهل السودان.

لاحظ ان هذا المنطق لا يميز بين سياسات الحكومات المتغيرة ويذهل عن ان الغرب مثلا يزدحم بتيارات متناقضة تتيح للمهاجر الخيار بين الانتماء لتيار مارتن لوثر كنج الحقوقي أو ان يتماهى مع نقيضه العنصري بنسخة دافيد ديوك أو فيكتور اوربان أو ماري لوبين وكل هذه الخيارات غربية تماما. كما ان بإمكانه ان يختار تيار بارني ساندرز أو نقيضه تيار ترمب وكل ذلك امريكي مثل فطيرة التفاح.

اذن الاعتقاد بوجود تيار واحد وصوت واحد في الغرب من واجب المهاجر التماهي معه غير صحيح لان الغرب مركب من تناقضات مركبة فهناك غرب الديمقراطية وحقوق الانسان والعلم والثقافة والفنون ومناصرة حقوق شعوب العالم الثالث وهناك غرب الاستعمار وغزو الشعوب ونهب ثرواتها وهناك غرب العنصرية وكراهية الاجانب واحتقار المسلمين – فأي غرب على المهاجر ان يتماهى معه حتى لا يكتب عند الله منافقا؟

وهل على المهاجر ان يغير دينه بعد الوصول الي الغرب ام ان عليه ان يكتفي بتغيير قناعاته السياسية حتى تتلاءم مع أيديولوجيا حكومة البلد المضيف وليس مع أفضل جوانب البلد الحضارية؟

فمثلا ما الذي يجعل قبول أفكار تشومسكي أو نعومي كلاين أو باربرا ايرنرايش أو ايمي غودمان خيانة لأمريكا في حين ان التماهي مع سياسات حكومات بايدن أو ترامب واجب علي المهاجر؟ اليسوا كلهم أمريكان؟

سؤال أخير: لو هاجر انسان الي كندا على سبيل المثال، هل هو ملزم بالتماهي مع سياسات حكومات كندا فقط ام ان عليه أيضا ان يدافع عن سياسات أمريكا، وبريطانيا، وأستراليا، وفرنسا؟ ولو هاجر الي مصر هل هو ملزم ايضا بسياسات حكومة مصر ومعها سياسات السعودية والامارات والأردن؟

‫شاهد أيضًا‬

الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش

كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …