
تجربة العريس في لندن
جعفر عباس:
لحظة ابرام عقد الزواج كنت جالسا بالقرب من المأذون ودار سجال بين وكيلي أخي عبد الله وبين عم العروس محمد (الرشيد) إبراهيم حول مؤخر الصداق: أخي يقول خمسين (مش بتاعت الكنكان) وذاك يقول 250، ولما طال الجدل قلت لهما بصوت خفيض: عاوزين تحلوا مشكلة طلاقنا قبل ما نكتب الكتاب؟ وانكتم الاثنان وقلت للمأذون اكتب الرقم الذي تراه مناسبا، ولا أذكر كما كان ذلك المبلغ، ولكن وبعد انتحار الجنيه السوداني هربا من البهدلة فإنه قطعا يساوي اليوم أقل من نصف دولار (وربما هذا ما يجعل ام الجعافر صابرة علي)
إبرام العقد تم على عجل لأنني فزت ببعثة دراسية الى لندن بشكل مفاجئ، ثم تعثرت ترتيبات السفر بعد ان أبدى الحزب الحاكم في عهد نميري (الاتحاد الاشتراكي) تحفظه على سفري بحجة انه سبق لي دخول السجن كمعارض، وأبلغ بعض أقاربي الراحل الجميل عز الدين السيد (مؤسس وزارة الصناعة، ولاحقا رئيس اتحاد البرلمان الدولي لأربع دورات) بأمر تعثر وعترسة البعثة فاستدعاني، ثم وأنا جالس معه اتصل بقيادي في الاتحاد الاشتراكي وقال له: هل من الوارد ان يأتي جعفر من لندن على دبابة لقلب الحكم؟ وهكذا “اختشى” التنظيم على دمه وسمح بسفري، وهكذا تخلصت من معظم ملابسي ووضعت ما تبقى منها في بقجة من الجلد الاصطناعي وركبت الطائرة الى لندن، ولما حاولت الطائرة النزول في فرانكفورت بألمانيا في طريقها الى هناك حسبت ان زلزالا كونيا قد حدث، فقد صارت تهتز بعنف، وكانت تجلس جواري زميلتي س، التي أمسكت بكم قميصي وعيناها تقولان “واااي”، فقلت لها: سيبني في حالي وركزي على الاستغفار، فدخلت المسكينة في غيبوبة، وبحمد الله نزلت الطائرة ثم أقلعت دون خسائر في الأرواح والعتاد
نزلنا مطار هيثرو في لندن، وكانت تجربة تعرضت لها في سياق كتابي “سيرة وطن في مسيرة زول”، عندما توكلت على الله ووضعت رجلي في أول درجة في السلم ولسوء حظي كانت أمامي مباشرة سيدة سودانية إكس لارج، وبعد ثوان تأرجحت تلك السيدة حتى كادت تسقط، فتأرجحت بدوري وكنت أمسك في يدي اليسرى كيسا من المنقه، فإذا بالكيس يسقط، وإذا بحباته تتساقط، وإذا بالسلم يصدر صوتا “”سييييك” ويتوقف، وملأ عبير عصير المنقه الأرجاء و”يا من فاح طيب ريّاهُ/ فؤادي العصير أضناهُ”؛ وتسرب العصير الى نظام السلم الكهربائي وعطله وصعدت بقية درجات السلم وشرطة المطار تنظر الي باحتقار، ولكني حمدت الله انني لم اتعرض للاعتقال والإعادة الى السودان
صباح اليوم التالي لوصولنا اتصلت من هاتف عمومي بالمعهد الذي كان مقررا ان نلتحق به، فرد علي صوت نسائي عذب مرحبا ولكنها واصلت الكلام ولم تعطني فرصة لأبلغها لأسألها عن موقع المعهد (لأننا لم نجده في خرائط قوقل التي كانت تعمل في ذلك الزمان بالفحم الحجري)، ولما رفضت الاصغاء لي صحت: شط أب ولكنها لم “تشطط أب أو داون” فقررت تطويل بالي وأصغيت لها جيدا وفهمت انني أتكلم مع جهاز تسجيل يقول لي ان المعهد مغلق في ذلك اليوم لأنه سبت وعطلة أسبوعية، فقلت لجهاز التسجيل Rub it on my face، امسحها في “وشي”، وعانيت بعدها طويلا لفهم انجليزي لندن فلهم طريقة معنية لنطق الكلمات، ويكرهون حرف اتش (ها) H، ولا ينطقونه في معظم الكلمات وهاند بمعنى يد عندهم “آند” وحرف الراء R يروح فيها إذا جاء بعد حرف لين a, e, i, o, u وهكذا صار اسمي جافا، وبما أنني اكسب عيشي باللغة الإنجليزية فقد تسبب لي هذا الاسم في الأرق ولهذا “النوم أبى وجافا-ني”، وذات يوم كنت أتجول في سوق شعبي للخضروات في ناحية وود قرين عندما سمعت صوتا نسائيا يصيح: جافا جافا، ثم تقول: جافا أبلز (تفاح) جافا أورنجز (برتقال) وبصراحة خجلت من الغزل المكشوف ذاك، ولكن فهمت بعدها بأيام انها كانت تقوم بالترويج للفواكه وارد جافا (يافا الفلسطينية المحتلة إسرائيليا)، بينما حسبتها تقول ما معناه: انت يا جافا/ حلاتك يا قيافة
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …