آخر الأخبار - سبتمبر 24, 2022

خدر عباس

ناهد قرناص:

كان اسمه يكفي لاسكات اي طفل عنيد ..(بنادي ليك خدر عباس) ..ود جيرانا في حي الحصايا بعطبرة ..الغريب ان ملامحه كانت عادية ولم تكن بها تلك الصرامة..ولم تكن لتسمع له صوتا عاليا ..ربما لذلك كنت دائما اتساءل من الذي نصبه رقيبا علينا؟؟ ..ان تجاوزنا مدة اللعب في الشارع الى بعد المغرب ..حين غفلة من امهاتنا ..كان هو بالمرصاد .. (ادخلوا البيوت ..مافي لعب بعد دا) ..إن تأخر بعضنا عن العودة ..لو حدثت مشاجرة …

كنت في المرحلة المتوسطة طيب الله ثراها … الاجازة المدرسية في نهاياتها ..الاجازة التي كانت تبعثرنا في اصقاع البلاد ..نيمم نحن شطر الشمال وادي حلفا ..بينما تسافر صديقتي التي نسيت نفسي عندها الى الخرطوم ..تقضي الاجازة في البندر ..وتأتي لتحكي لنا عن ايسكريم لولي وحديقة الحيوانات وجنينة البلدية ..

في ذلك اليوم ..امتدت الونسة ..وتشعبت الحكايات ..والقصص ..لم يوقفنا الغداء ولا قالب الكاستر من الحكي المتواصل ..ومن ثم فجأة نظرت حولي لاجد المغرب قد لاحت بوادره ..سارعت بالخروج ..وصديقتي تلاحقني عشان تقدمني للمواصلات ..كانت تسكن في حي المربعات ..عندما وصلت الى (حاج الريح).. المحطة التي تتجمع فيها الحافلات .. هل لازالت تحمل ذات الاسم؟؟ ..وانا أهم بركوب بص الحصايا …اذا ..(فجأة ) …خدر عباس يخرج من حيث لا احتسب ..ويسألني باندهاش (بت قرناص؟؟ وين كنتي لحدي هسه؟؟) ..

تلجلجت وتلعثمت ولم يفتح الله علي بكلمة …(شنو؟؟ ..ما عارفة كنتي وين؟؟) ..قلت بعد تردد (كنت عند صاحبتي ) ..(اسمها منو؟ بت ناس منو) …ضاع مني اسم صديقتي الحميمة ..تلك التي نسيت نفسي وانا عندها ..اسمها منو ؟؟ ..هز رأسه وقال (طيب خلاص ..اركبي البص ..وتاني ما تتاخري للمغارب بره البيت)..
حكيت لأبي رحمه الله ما حدث ..وانا يملؤني الغيظ .. ..من خدر عباس ..من الذي نصبه رقيبا علينا ؟؟..لماذا هو بالذات دون غيره من اولاد الجيران ؟؟.. لكنني كنت مغتاظة من نفسي اكثر ..ذلك ان موقفا كهذا جعلني ارتجف من الخوف ..وكأنني ارتكبت خطيئة ..ياخ الزول ما يتونس عند صاحبتو؟؟ ..
كان ابي يسمعني بطول بال وابتسامة طوال الوقت ..ولم يزد على ان يقول لي (هو زي اخوكي وخايف عليك )..خايف علي؟ يقوم يهجمني كدا؟؟

..الان بدأت افكر في تلك الحادثة بمنظور مختلف ..بذات الزاوية التي نظر بها أبي رحمه الله الى الامر ..مفهوم ود الجيران ..والعائلة الكبيرة ..ذلك التداخل الاسري الجميل ..هل انحسر ظله ؟؟ ام لازال كما هو.؟؟.هل لازالت نفوسنا كما هي؟؟ ..ام غيرتها التكنولوجيا وكثرة الفواصل وتطاول البنيان ؟؟..كلما تذكرت تلك التفاصيل ..اقول لنفسي ..لو استقبلت من امري ما استدبرت ..ربما لاستوقفت خدر عباس وذكرت له اسم صديقتي تلك ..فقد كان يحز في نفسي انني التقيته مرارا وتكرارا ..ولم اتوقف مرة لذلك الامر …ها انا ذي أنتهز هذه السانحة وأقول لك يا خدر عباس بعد التحية والاحترام ..فان صديقتي التي سرقني الوقت عندها ..هي (ايمان فتح الرحمن سالم ).. وهذا مني للاعتماد

‫شاهد أيضًا‬

الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش

كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …