بلا راس سنة بلا راس كليب

جعفر عباس :

مساء أمس تناولت عشاء رومانسيا مع ام الجعافر: سندويتش تونا بالمخلل، ثم وفي تمام الساعة 11:55 أطفأنا الأنوار ورقدنا وذلك تفاديا لاستفزاز عام 2022، بأي مظهر من مظاهر الفرح بالعام الجديد، وقبلها قضينا بعض الوقت في ضيافة قناة سودانية 24 التي نظمت حفلا غنائيا قالت انه بمناسبة عيد الاستقلال، ثم قررنا مجاملة قناة النيل الأزرق وذهبنا الى حفلها، وصعدت على المسرح واحدة اسمها على وزن “باتا”، فيها حلاة جضوم تخليك تشتهي “الكفيت” يعني تضربها كفين ثلاثة، وتتكيف خاصة وان صوتها يضرس، وكما معظم حارسات المرمى في مجال الغناء، فقد كانت تلبس كمية من الكلبشات الصفراء في يديها وحول عنقها، مما يعطي الانطباع بأن الافتقار للذوق في المظهر والمكياج شرط أساسي من شروط “القوننة”، ومعلوم ان القونات تسببن في ارتفاع أسعار الجملكة التي يستخدمنها بحيث تبدو وجوههم وكأنها سيراميك فاخر
لم يحدث ان احتفلت برأس أي سنة لأنني لست مقتنعا بان للسنة راس وقعر، ثم ان السنة التي يحتفل الملايين برؤوسها اسمها غريغورية (وليست ميلادية كما نقول نحن) نسبة للبابا غريغوريوس ال13 الذي عاش في القرن ال16، وقبلها كان التقويم يعرف باليولياني ومن فرضه هو يوليوس قيصر في عام 64 ق.م.
وارفض ان نكون طرشان في الزفة نردد ما يقولونه: كولمبس اكتشف أمريكا فهل كانت أمريكا ضائعة قبل ان يعثر عليها كولمبس؟ ولماذا خط طول صفر يمر بقرية غرينتش البريطانية وليس بجزيرة بدين ويصبح النقطة المعيارية لتحديد الوقت في العالم؟ لماذا جعل الخواجات خط العرض 21 شمال من نصيبنا ويطلقون عليه اسم السرطان؟ هل كان س”يفرِق” معهم او اسموه مدار التفاح او حتى الدوم؟ لماذا نجاري الخواجات ونقبل بان الأسبوع يتألف من 7 أيام؟ لماذا لا يكون عندنا “تسوع” ويتألف الشهر من 3 تسوع أي 27 يوما ونستمتع برواتب كذا و40 يوما إضافية في السنة؟
على كل حال عندي حساسية من راس السنة ولا بأس من سرد حيثياتها للمرة العاشرة: كنت طالبا في جامعة الخرطوم (وليس كلية غردون) عندما اقترح علي زميل من أولاد الخرطوم 2 ان أقضي معه راس السنة في احد أندية حي العمارات، وتواعدنا في الأمسية المحددة في مقهى في السوق العربي ليأتي بسيارة والده ويأخذني الى النادي، فاستعرت قميصا من هنا وحذاء من هناك وذهبت الى المقهى المنشود ثم غابت الشمس ودخلت الجامع الكبير وصليت المغرب، ثم خرجت فإذا بالحذاء العارية قد اختفى كما نعال منير أركويت مناوي، وبعد ان يئست من العثور عليه توجهت الى الطبالي لأشتري شيئا يستر قدمي وكل حيلتي طرادة (25 قرشا) ورغم انني ركزت على الشباشب البلاستيك الا ان الأسعار كلها كانت فوق ال75 قرشا، ويبدو ان صاحب الطبلية انتبه الى انني ارتدي جوارب (شرابات) فسألني عن الحاصل، فكلمته عن سرقة الحذاء فمد لي زوجين من الأحذية فقلت له: انت قلت ان السعر جنيه وانا لا أملك سوى 25 قرشا فقال لي: شيلهم… وشلتهم ولبستهم وتحركت صوب شارع القصر لأشق طريقي سيرا على الأقدام الى الجامعة، وبعد بضع خطوات رأيت صاحبي متجها بسيارة أوبل نحوي فصعدت على الرصيف وسرت في اتجاه عكسي وانا اردد في سري: داهية تاخدك وتاخد معاك راس السنة وراسك المدوقس دا
وكان صاحب الحذاء الذي تعرض للسرقة لئيما فقد ألزمني بدفع قيمته (ربما كانت نحو جنيهين) بالتقسيط، ونجحت في ان ادفع له نحو 120 قرشا على مدى سنتين ثم تخرجنا وفي ذمتي 80 قرشا ولكنه صار فنجريا بعد ان حصل على وظيفة وسامحني في ذلك المبلغ
*حرب البسوس كانت بين قبيلتي تغلب بن وائل، وبني شيبان واستمرت أكثر من اربعين عاما. وقام كليب بن ربيعة التغلبي بقتل ناقة تخص أحد أفراد قبيلة بني شيبان فقرر شباب قبيلته الخروج ليأتوا ب”رأس كليب” أي قتل كليب، وبعدها راجت عبارة “فلان رايح يجيب راس كليب