
تعولمنا و رحنا فيها
جعفر عباس :
العولمة تعني تسليع كل شيء، يعني حتى ابن آدم معروض في السوق، وكل ذلك بمعايير وشروط الغرب، وقد بدأت العولمة قبل أعوام بعيدة بتغريب الناس- أي بجعلهم غرباء عن خلفياتهم الدينية والثقافية والاجتماعية، شخصيا بدأت علاقتي بالعولمة عندما ارتديت الشورت (الردا) والبنطلون في المرحلة الثانوية، في وقت كان فيه القرويون يشككون في رجولة كارب صِليبو (بكسر الصاد كما كانوا يسمون لابس البنطلون)، ثم وفي المرحلة الجامعية صرت أقول “آآي” بدلا من أيوه وكان أهل منطقتنا يعتبرون مفردة “آآي” من الكلام ال”ني”، ثم عشقت البيبسي والكوكا والميرندا والفانتا (لا أحب سيفن اب واسبرايت)، ثم صرت عميلا بريطانيا عندما عملت في سفارتها في الخرطوم، وتعلمت عندها ربط الكرافتة وصار اسمي موسيقيا “جافا” لأن الإنجليز يضطهدون حرف آر اذا أتى بعد حرف متحرك (A/ E/ I/O / U وأحيانا Y)، وخلال عملي في السفارة حضرت أول حفل “عيد ميلاد” في حياتي وكان يخص ملكة بريطانيا
ثم صار الناس من حولي يتعولمون حتى وصلنا الى مرحلة ان صار أنصار نادي برشلونه في بلد كالسودان اكثر عددا من مشجعي أي ناد محلي، وصار الناس في السودان يعشقون جاستن بيبر وأشر وبيونسيه بأكثر مما يعشقون حسين الصادق وعلي كبك وعوضية عذاب، ويا عزاب العازب حياتو عذاب
والدليل القاطع على أنني متعولم هو مرور سنوات طوال وأنا متزوج بواحدة فقط لا غير!! وذات مرة قدمت لها هدية محترمة مغلفة، وقلت لها: اليوم يصادف ذكرى فوزك بعريس لقطة. أعجبتها الهدية، ولكنها صارت تشك في قواي العقلية: أنت تتذكر يوم زواجنا وكمان تديني هدية؟ أكيد أنت مش طبيعي!! شارب شيء؟ وحمدت الله الذي وهبني زوجة غير متعولمة، وجلسنا نتذكر راتبي الذي كان في حدود ثمانين جنيها سودانيا وكان يغطي احتياجاتنا بل ونتصدق منه، ثم كيف صار الراتب مضروبا في ألف فما زادنا ذلك إلا شكوى من شح الموارد المالية!! (لو قدمت لها وردة حمراء في فالنتاين ستعتبرني “مجنون رسمي او شبه منحرف”)
وهناك من سبقوني في التعولم: ففي عاصمة عربية صارت الموضة أن يقدم الأغنياء لبعضهم البعض هدايا مبتكرة: يتسلم الوجيه فلان في “عيد ميلاده” مغلفا ضخما ويفضه فإذا بداخله حسناء من شحم ولحم في منتهى الجمال والروعة. أي والله. ويتحمل مقدم الهدية راتب السكرتيرة الهدية لسنة كاملة أحيانا.. وهناك صاحب شركة مواد تجميل كان مدينا لصاحب محل أثاث بمبلغ كبير، ورأى الدائن سكرتيرة المدين فأعجب بها فما كان من الأخير إلا أن أهداها إياه، وبكل شهامة تنازل تاجر الأثاث عن الدين. وتقول إحدى الفتيات اللواتي تم تقديمهن كهدية لصاحب شركة إن المسألة “ما فيها شيء”، وأنها تلقى معاملة خاصة في الموقع الجديد من حيث الراتب والمزايا!! ولا شك أن هذا يمثل طفرة في العلاقات الاجتماعية بين الطبقة المخملية، ولكن تلك الطفرة تسمى في القاموس الصحيح “قوادة”.. فمقدم الهدية قواد، والبنت التي ترضى أن يتم تغليفها وتقديمها كهدية (****) وتهذيبا للفظ الصحيح “رخيصة” مهما ارتفع راتبها)
وكتبت من قبل عما حدث في ذات رمضان في السودان عندما قامت عائلة فتاة متعولمة بإرسال شاحنتين محملتين بصنوف الطعام وثلاجة ومايكروويف وغسالة و…. خادمة فلبينية فل أوبشن مدفوعة الراتب بالدولار لسنة كاملة الى أم العريس (حسرة على أم أبو الجعافر التي فطرت بقراصة تركين يوم زواجي، والقراصة لمن لا يعرفونها توأم البيتزا ولكن البيتزا واصلت تعليمها في أوربا وصارت متعولمة بينما “بارت” القراصة التركين والويكة وكالها الرماد الكال حماد)
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …