هواء طلق : الإتفاق الإطاري … سقوفات التوقعات الواطئة
فتحي البحيري :
لدينا سؤالان ضروريان هنا .. هل يمكن للتسوية الجارية حاليا ان تنتج واقعا يساوي او يقترب من “زمن حمدوك” الذي سبق هذا الانقلاب المشؤوم والذي بلغت فيه الأحلام الوطنية المشروعة ذروتها في ان يبدأ بناء سودان يليق بأبنائنا واحفادنا واخفادهم؟ وهل كان ذلك العهد الحمدوكي القصير صادقا فعلا ونقيا وخاليا من الشوائب في التعبير عن هذه الأحلام المسكينة المفترى عليها؟
للاسف الشديد جدا فإن الإجابة البديهية على السؤالين هي لا .. لا والف لا وهي إجابة ظلت تصدح بها الشوارع وتصدع طيلة سنوات أربع هي عمر الثورة وعمر أبشع محاولات اجهاضها بذات الوقت ..فقد طفحت التفاهة الفايقة واشراب الخذلان العظيم على طول المدى منذ بداية التسوية التي سبقت انقلاب 25 اكتوبر وطوال زمن الانقلاب ولا يبدو مطلقا ان شيئا ما سيتغير للأفضل خلال التسوية الجديدة والتي لا تملك نفس الثقة التي أعطاها بعض كثير للتسوية الأولى .. تلك الثقة التي تبين أنها لم تكن في محلها.
في التسوية الأولى لم تكن هناك كتلة مدنية متجانسة ومنسجمة فيما بينها .. تتوحد ضد المكون العسكري وضد الشمولية والفساد وضد القوى المعادية للثورة وللتغيير وتتبنى وتلتزم فعليا بمعايير ثورة ديسمبر التحول الديمقراطي للحكم ونشوء مثل هذه الكتلة ابعد ما يكون عن الإمكان في هذه التسوية الثانية التي يريد البعض ان يسوق الناس إليها سوق الأغنام إلى المذابح.
وجد كثير من التافهين والانتهازيين والغواصات في زمن حمدوك الغامض ضالتهم فتضخموا واستطالوا وتصدروا المشهد وهم ضمن هذه التسوية الجديدة يجدون أكبر مما وجدوه في السابق لأن هذه التسوية تحوى من كيمياء الثورة مقادير أقل ومن كيمياء القوى المضادة للثورة مقادير اكبر … واذا كان اردول نموذجا ساطعا للطريقة التي استطاعت بها القوى الانقاذية والكيزانية داخل التسوية الأولى من تمرير وتحقيق مصالحها حتى النهاية تحت ثياب مدنية وثورية ناصعة فإن الارادلة الذين ينتظرون دورهم في التسوية الجديدة أشد تنوعا وتلونا و اختطافا واشد تحقيقا لمرامي ومطالب الكيزان باقنعة خلابة مندهشة.
على سبيل المثال لا الحصر خلال التسوية الأولى أين ذهبت أموال (قومة حمدوك) للسودان؟ وأين ذهبت نتائج تحقيق محاولة اغتيال حمدوك؟ وكيف لم يتم استيعاب الالاف وعشراتها عبر لجنة الاختيار في الخدمة المدنية؟ وكيف لم يتم استيعاب الالاف وعشراتها ومئاتها من شباب الثورة في القوات المسلحة والشرطة؟ وكيف كان العسكريون اقرب لقيادات الحرية والتغيير من حمدوك وكيف كانوا أقرب إلى حمدوك منهم؟ وعلى سبيل المثال لا الحصر …لماذا لم تتعرض للنقد والمحاكمة كلمات ابراهيم الشيخ التي وجههها للبرهان قبل ساعات من الانقلاب عن حجم الأرقام المهزلة التي (قال انهم) سمحوا له بالاستمرار في سرقتها والاستيلاء عليها بشكل شخصي طيلة فترة التسوية؟ وعلى سبيل المثال لا الحصر كيف سمحوا أيضا باستبعاد أكثر الوزراء الثوريين نزاهة وشفافية في حكومة حمدوك الأولى .. لا لشيء الا لأنهم كانوا لا يروقون لشركاء الخيانة من عسكر وجنجويد وكيزان وغيرهم من قوى الثورة المضادة؟
ولو أننا كتبنا مجلدات مطولة في باب (على سبيل المثال لا الحصر) هذا لنقد البحر ونفدت طاقة الشمس المضيئة ذاتها قبل ان تنفد أمثلة مثالب وحماقات وخيانات وخيابات وخذلانات التسوية الأولى فضلا عن الجريمة الضخمة المثلثة في ترك الغول الكيزاني الجنجويدي ينمو ويترعرع بجناحيه داخل ميزانية الحكومة وخارجها طيلة سنوات الانتقال الأولى حتى جاء الانقلاب وحتى الان وطيلة فترة انتقالية ثانية قادمة لا يعلم امداءها ومالاتها الا علام الغيوب.
وعودا على بدء فإن هذه التسوية التي يساق الناس إليها سوق الأغنام للذبح لن تنتج بتركيبتها هذه الا واقعا اشد ايلاما وضررا وشمولية وفسادا وكوزنة وفوضى وتجويعا وافقارا وقهرا من كل ما مضى
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …