مفقودو القيادة العامة.. من يتحمّل وزر المأساة؟
“الزول دا في العباسية واحد من المفقودين، بتكلم شويّة وبطِش تاني، وقال إنو مسكو ناس الدعم السريع وفكو الجمعة الفاتت، رجلينو فيها أثر قيود، حالياً هو بخير ومع لجان مقاومة العباسية، اللي بيعرفه يتصل علينا ضروري، لمّونا في أهله”.
انتشرت مثل هذه المناشدات على مواقع التواصل الاجتماعي عقب تفاقم القضية التي باتت تُعرف بـ (مفقودي القيادة)، وهم الأشخاص الذين أعلن ذويهم اختفاؤهم عقب فض قوات المجلس العسكري الانتقالي للاعتصام الذين نظمه الثوار السودانيون أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم في الثالث من يونيو الماضي.
ومع مرور الوقت وتطاول أمد الاختفاء وتصاعد الأصوات المطالبة بضرورة معرفة مصير أولئك المفقودين، أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية عن فريق عمل مكون من عدة أجسام مهنية داخل تجمع المهنيين السودانيين، الذي يقود الاحتجاجات التي يشهدها السودان منذ ديسمبر من العام الماضي. وبحسب اللجنة، فإن الفريق يعمل منذ فترة ليست بالقصيرة من أجل البحث عن مفقودي فض اعتصام القيادة العامة بغية العثور عليهم وتسليمهم لذويهم.
فيما طالبت اللجنة أسر المفقودين بالتبليغ الفوري لدى الشرطة ومن ثم إرفاق مستنداتهم عبر رقم هاتف خصصته اللجنة لحصر المفقودين والسير في المسار القانوني.
وكان تجمع المهنيين السودانيين، قد قرّر البدء في إجراءات تصعيد قضية مفقودي القيادة العامة في اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري والذي يصادف يوم 30 أغسطس، إلا أن القضية فرضت وجودها بقوة، ما دفع التجمع لعقد مؤتمر صحفي أمس الأربعاء، كشف خلاله ولأول مرة عن إحصائيات رسمية تتعلق بالقضية.
وبحسب ما ذكر ممثل لجنة الأطباء مصعب احمد عبدالله، في المؤتمر الصحفي، فإنه قد تم تسجيل أكثر من 100 بلاغ فقدان لأشخاص كانوا في القيادة العامة أو تزامن اختفائهم مع أحداث فض الإعتصام، تم العثور على 40 منهم، وسُجلت 3 حالات وفاة، فيما تم تسجيل 11 حالة كإجراءات قانونية.
وأكد ممثل لجنة الأطباء استمرار عمليات الحصر والتحقق من المعلومات التي تصل إليهم، وذلك عبر فريق عمل يضم عدد من الشركاء، منهم الأطباء النفسيين والقانونيين ومنظمات المجتمع المدني ولجان المقاومة بالأحياء وعدد من المتطوعين.
وأقرّ ممثل لجنة الأطباء بوجود العديد من العقبات التي واجهتهم منذ بداية عملهم في القضية وحتى الآن، قال إن أهمها عدم وجود دار لتقديم الرعاية الصحية المطلوبة للمفقودين بعد العثور عليهم.
وفي معرض رده على سؤال حول إصابة عدد من الذين تم العثور عليهم بحالات فقدان للذاكرة، والأسباب التي تقف خلف ذلك، قال ممثل لجنة الأطباء “لا يمكن الجزم بالأسباب التي أدت للإصابة بحالات فقدان الذاكرة والتي يمكن أن تكون نتيجة لصدمات نفسية أو التعرض للتعذيب”.
من ناحيتها، أوضحت ممثلة تجمع المحاميين الديمقراطيين نون كشكوش، أنهم قد شرعوا في تكوين لجان قانونية خاصة بالقضية وذلك عقب توثيق عدد من البلاغات، حيث تم إبلاغ وكيل النيابة المختص بالخرطوم شمال بحيثيات القضية.
وأشارت إلى تقديم مذكرة بهذا الصدد للمفوضية القومية لحقوق الإنسان لمخاطبة أجهزة الدولة بضرورة الكشف عن مكان المفقودين، وكذلك تم تقديم مذكرة للمفوض السامي لحقوق الإنسان بالسودان.
وحذرت ممثلة تجمع المحاميين من مصاعب بدأت تواجه بعض الأسر في التعرف على مفقوديهم داخل المشرحة بسبب اختفاء ملامح بعض الجثث، ما دفعهم لمناقشة أمر الفحص المناسب للتعرف عليها.
فيما قطعت بعدم إمكانية الوصول للحقائق القانونية الكاملة الخاصة بقضية المفقودين ما لم يتم تشكيل لجنة التحقيق المستقلة التي نص على تشكيلها اتفاق قوى الحرية والتغيير مع المجلس العسكري، لأنها الجهة المعنية بالنظر في جميع القضايا المتعلقة بالمفقودين والجثث التي تم إلقاؤها داخل نهر النيل والمقابر الجماعية التي يكثر الحديث عنها، بالإضافة للاعتداءات التي تعرض لها المعتصمون في القيادة العامة.
مهام البحث عن مفقودي القيادة العامة لم تقتصر على ما يقوم به تجمع المهنيين السودانيين عبر أجسامه المختلفة، بل امتدت لتشمل عدداً من المبادرات الطوعية الأخرى التي تصب جهودها في هذا الصدد ومنها مبادرة (مِد إيدك) التي يتبناها مجموعة من الأطباء النفسيين بالإضافة لمبادرة (مفقود)، التي يقودها عدد من المتطوعين.
وبحسب ما أوضحت صاحبة فكرة مبادرة (مفقود) فادية خلف الله، فإن مبادرتهم تضم مجموعة من الشباب والشابات الذين تبنوا قضية البحث عن المفقودين عقب فض إعتصام القيادة العامة في الثالث من يونيو الماضي.
وأوضحت خلف الله، أن مبادرتهم تعمل من خلال عدة لجان منها طبية وإعلامية، بدأت عمليات الرصد بالتواصل مع أسر المفقودين، ومن ثم تدشين حملة ميدانية للبحث عن المفقودين بالتعاون مع لجان الأحياء، إضافة لحملة إعلامية لنشر صور المفقودين ومقارنتها بالأشخاص الذين يتم العثور عليهم.
التعاطي مع قضية مفقودي القيادة العامة، امتد كذلك لتنظيم حملات تضامن من نوع آخر، وفي هذا الصدد أعلنت لجان المقاومة بمنطقة الكلاكلة القطعية جنوبي الخرطوم تنظيم أطول سلسلة بشرية أمام مجمع جنايات محكمة الكلاكلة اليوم الخميس، وذلك بهدف لفت الأنظار للمأساة التي تعيشها أسر المفقودين ومطالبة الجميع بالتفاعل مع القضية.
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …