‫الرئيسية‬ آخر الأخبار صافرة قطار عطبرة بمحطة الخرطوم تعلن بدء مرحلة جديدة من عمر الثورة 
آخر الأخبار - تقارير - أغسطس 18, 2019

صافرة قطار عطبرة بمحطة الخرطوم تعلن بدء مرحلة جديدة من عمر الثورة 

 

        لا يعد القطار بالنسبة للسودانيين مجرد وسيلة للسفر فحسب؛ بل يتجاوز ذلك إلى دوره الفاعل في تشكيل وجدان الشعب الذي ينتشر في رقعة جغرافية مترامية الأطراف، وذلك منذ دخوله البلاد مع المستعمر البريطاني مطلع القرن في الماضي، وتحفظ ذاكرة تراثهم الشعبي مشاعرَ تختلط بين الحزن والفرح عبّر عنها المغنون من خلال أجمل الكلمات والألحان التي ما زال يتردد صداها على المسامع.

لكن نجد أن الثورة الشعبية التي يشهدها السودان منذ ديسمبر من العام الماضي، صنعت بعداً قومياً آخر للقطار وطبعته على أفئدة السودانيين رمزاً لثورتهم التي استوى عودها في عاصمة هيئة السكة حديد (عطبرة) أو كما يحلو لهم تسميتها (مدينة الحديد والنار)، وذلك بتسيير ثوار المدينة قطارين للعاصمة الخرطوم منحا الثورة زخماً فوق زخمها وسطرا تاريخاً جديداً لأمة تحاول أن تنهض من غفوة امتدت لثلاث عقود، هي سنوات حكم النظام السابق.

وبعثت عطبرة قطارها الأول في الثالث والعشرين من أبريل الماضي، عندما كان الثوار يواصلون اعتصامهم أمام الشوارع والساحات المحيطة بقيادة الجيش في الخرطوم منذ اليوم السادس من ذات الشهر واستمر عقب الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير في الحادي عشر من أبريل، حينها وصف بعض مراسلي وسائل الإعلام الأجنبية، مشهد استقبال القطار عند مشارف الخرطوم وحتى وصوله لموقع الاعتصام باللوحة الثورية نادرة التكرار على مستوى العالم.

وبالتزامن مع توقيع اتفاق تقاسم السلطة خلال الفترة الانتقالية بين قوى الحرية والتغيير التي قادت الاحتجاجات والمجلس العسكري الذي تولى أمر إدارة البلاد عقب الإطاحة بالبشير، كان موعد وصول قطار الثورة الثاني من عطبرة، والذي أتى احتفاءً بانتصار إرادة الشعب الذي جعل للمدنيين اليد الطولى في إدارة البلاد خلال الأعوام الثلاث المقبلة، وبداية مرحلة جديدة من مراحل الثورة.

محطة مدينة الخرطوم، كانت هي خاتمة رحلة امتدت لنحو 347 كيلومتراً تمثل المسافة بين المدينتين والتي كلفت قطار الثورة نحو 24 ساعة، حتى يصل لمبتغاه ومباركة الحكم المدني الذي أتى عقب مخاض عسير وماراثون تفاوضي استمر حوالي 4 أشهر، سكب خلالها السودانيين مزيداً من الدموع والدماء.

لم يكن من السهل على ثوار عطبرة، أن يمر قطارهم بجميع المدن والمحطات التي تسبق الخرطوم، دون أن يتوقف لساعات بسبب تدافع الآلاف لنيل شرف تزويدهم بالطعام والشراب، وكذلك انضمام أعداد مقدرة منهم لثوار مدينة الحديد والنار في قطارهم المهيب.

وعلى امتداد مساحة محطة السكة حديد بالخرطوم والشوارع المحيطة بها، انتشر عشرات الآلاف بأعلامهم مختلفة الأحجام والألوان، وهم يرددون هتافات الثورة التي ظلوا يصدحون بها لأشهر خلت، بينما يطرق الثوار بشكل متواصل على المقطورات المتعطلة بالمحطة، وذلك في محاولة لإعادة أنفاس اعتصام قيادة الجيش الذي فرقته قوات المجلس العسكري وحصدت في سبيل ذلك عشرات الأرواح الثائرة.

شهداء الثورة كانوا حضوراً في استقبال القطار من خلال صورهم التي حملها ذووهم وأصدقاؤهم، والشعارات القوية التي تطالب بالقصاص من قتلتهم، كذلك تسابق ثوار مختلف أحياء العاصمة الخرطوم في رفع اللافتات التي تؤكد على مطلبها بالحكم المدني، بينما كان لافتاً للنظر ظهور علم بحجم كبير لجمهورية إثيوبيا وذلك تعبيراً عن شكر حكومتها لقيادتها جهود الوساطة التي قادت للإتفاق بجانب الإتحاد الأفريقي.

عند وصول القطار لساحة المحطة في الخامسة إلا ربعاً من مساء السبت، تسابقت الحشود لتحية (قطار الشوق) كما تصفه إحدى الأغنيات الشهيرة، علت أصوات المستقبلين والقادمين بترديد شعارات الثورة، إيذانا ببدء مرحلة جديدة من تاريخ السودان أساسها الحرية والسلام والعدالة في ظل الحكم المدني الذي بُحت الحناجر من أجل المطالبة به ولم يعد لها من خيارٍ سواه.

 

‫شاهد أيضًا‬

الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش

كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …