‫الرئيسية‬ آخر الأخبار السـودان وسـد النـهـضـة الأثـيـوبـي .. جدل المكاسب والـمخاوف حول مياه النيل

السـودان وسـد النـهـضـة الأثـيـوبـي .. جدل المكاسب والـمخاوف حول مياه النيل

الخرطوم – الشاهد
يتخوف السودانيون من أن يؤدي سد النهضة إلى آثار قد تكون كارثية عليهم، خاصة وإن إثيوبيا تمتنع عن إجراء دارسات حول آثاره البيئية والاجتماعية أوصى بها خبراء دوليين 2013، ضُمنت في اتفاق المبادئ الذي وقعه رؤساء كل من السودان وإثيوبيا ومصر في 2015. وفي الأثناء توقع وزير الري السوداني، ياسر عباس، فقدان السودان نصف الأراضي الزراعية، التي تُروى من نهر النيل بالري الفيضي، بعد ملء بحيرة سد النهضة في اثيوبيا.
وفي السياق قال وزير الري السوداني، ياسر عباس، في مؤتمر صحفي، بالخرطوم، اليوم “الاثنين” إن: “من الآثار السالبة المحتملة لسد النهضة تقليص مساحة الري الفيضي بمقدار النصف” وأشار إلى إمكانية تحويل زراعة هذه الأراضي بواسطة الري المستديم، إضافة إلى مشاريع زراعية أخرى، حال توفرت الموارد المالية للبلاد، التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة، لم تفلح الجهود الحكومية في التخفيف من حدتها.
وأعلن الوزير تسلم بلاده مسودة اتفاق قواعد ملء وتشغيل سد النهضة من المراقبين، المتمثلين في وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي، وحددت بنود المسودة أمان السد التشغيلي، وآلية لحل النزاعات حال طرأت، وإنشاء مجلس وزاري تنسيقي، علاوة على اعتمادها الدراسات البيئية والاجتماعية.
وقال وزير الري السوداني إن 90% من بنود المسودة متوافق عليها بين الأطراف الثلاثة، أيّ بلاده وإثيوبيا ومصر، وأوضح إن 80% من بنودها جاءت من اقتراحات الجانب السوداني. على أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ بعد الموافقة الدستورية لكل دولة على حدا، بعد أن يتباحث حولها وزراء الري للدول الثلاثة في اجتماع يعقد بواشنطن يومي “28 و29” الشهر الجاري، وهو الموعد المتفق حوله للتوقيع على الاتفاق.
وأفاد وزير الري السوداني إن سد النهضة يسهم في أن يستفيد السودان من حصته في مياه النيل كاملة، وتبلغ حصته 18 مليار متر مكعب، وفقًا لاتفاقية مياه النيل 1959 وقال الوزير إن سد النهضة الذي سيعمل على تنظيم سريان النيل الأزرق الرافد الرئيسي لنهر النيل، يمكنه زيادة توليد الكهرباء من خزان الرصيرص بنسبة 20%، تصل إلى 60% حال إجراء تحديث فني على الخزان.
واستعرض البروفيسور ياسر عباس وزير الري والموارد المائية مسيرة النيل الأزرق والأبيض من المنبع حتى للمصب ، مشيرا إلى الموقع الجيوسياسي لنهر النيل بالنسبة للسودان وأضاف وزير الري فى مؤتمر صحفى، أن السودان يعد معبرا لنهر النيل من المنبع للمصب ، لافتا إلى أن أي تغيرات تتم في نهر النيل لها آثار على السودان ودول الحوض، منوها إلى أن سد النهضة يعتبر أكبر منشأة تؤثر على هيدرولوجيا نهر النيل وجريانه الطبيعي بجانب آثاره الإيجابية والسلبية .
وعدد الوزير الآثار الايجابية للسد بالنسبة للسودان ومساهمته فى تنظيم جريان النيل الأزرق الذي يساهم بــ60% من إيراد النيل من خلال توفير المياه بصورة منتظمة طوال العام والاستفادة من حصة السودان فى مشروعات الري المختلفة التي تترسب في بحيرات وخزانات ومداخل الطلمبات، متوقعا أن يساهم السد في تحسين الملاحة النهرية بالنيل الأزرق ونهرالنيل .
وأشار إلى سلبيات السد المحتملة في تقليص مساحات الري الفيضي بمقدر 50%، مستبشرا بأن تحول هذه المساحة المفقودة إلى ري مستديم وزيادة الرقعة الزراعية مما يؤكد أن فوائد سد النهضة بالنسبة للسودان تفوق المخاطر السالبة .
واستعرض وزير الري الجهود التي تمت في تغطية كافة الآثار السالبة على السد من خلال تكوين لجنة من خبراء دوليين خبيرين من كل دولة بالإضافة إلى أربعة خبراء عالميين لتقييم تصميمات السد، موضحا أن توصيات اللجنة التي نادت بتعديل تصميمات أمان السد ليصبح في المستوى العالمي، لافتا إلى أن تقرير الخبراء الدوليين أوصي بعمل دراسة للآثار البيئية والاجتماعية ودراسة للموارد المائية .
وكشف وزير الري والموارد المائية البروفيسور ياسرعباس عن مقترح من الخزانة الأمريكية والبنك الدولي حول بناء سد النهضة الإثيوبي يتم عرضه فى اجتماع سيعقد يومي 28/29 -2-2020م بالولايات المتحدة ،وأكد الوزير في مؤتمر صحفي مساهمة السودان في كل مراحل التفاوض لسد النهضة الاثيوبي، موضحا رؤية حكومة السودان فيما يخص سد النهضة والمحافظة على حقوقه المائية والوصول إلى اتفاق يعزز المصلحة الوطنية دون إحداث أي أضرار وفق قواعد القانون الدولي .
وأكد الوزير أن مفاوضات الملء الأول والتشغيل السنوي للسد قطعا شوطا كبيرا من بنود التفاوض مع مراعاة مصالح الدول الثلاث وفق القانون الدولي، لافتا إلى أن المفاوضات لا تعنى بتوزيع حصص المياه بين الدول ، مجددا تأكيد السودان للتعاون المشترك بين السودان وإثيوبيا ومصر فهو ميزة تفضيلية لإثيوبيا لإنتاج الكهرباء، وميزة للسودان للإنتاج الزراعي، وميزة لمصر في مجال الصناعة.
وأكد وزير الري والموارد المائية البروفيسور ياسر عباس عدم تأثر المخزون الجوفي للسودان بقيام سد النهضة الإثيوبي، وكشف الوزير في مؤتمر صحفي بوزارة الثقافة والإعلام حول المياه العابرة، عن دراسات للوزارة بالتعاون مع مركز بحوث المياه بجامعة الخرطوم والسودان تتعلق بالمخزون الجوفي للمياه بالسودان أثبتت أن كمية المياه التي تخرج من النيل في الفيضان وبعد قيام سد النهضة متقاربة .
وفي رده حول تلقي الوفد السوداني ضغوطا من أمريكا ، أكد الوزير أن الوفد السوداني لم تُمارس عليه أي ضغوط إنما كان له مطلق الحرية في إبراز رؤيته ومصالحه، مشددا على أن رؤية الحكومة السودانية ترتكز على مصالح البلاد دون المساس بحقوق الآخرين وفق القانون الدولي للمياه .
وفيما يتعلق بوجود مثلث حلايب في السودان وفق الخريطة أشار إلى أن الخريطة تتعلق بالدراسات التي قامت بها الشركة الفرنسية (BRL). ونوه إلى أن المفاوضات قطعت شوطا كبيرا بنسبة 90% من بنود الاتفاق، مشيرا إلى أن 10% من المفاوضات تعتبر تفاصيل فنية مقدورا عليها .
وحول عدم مشاركة وزراء الري في الاحتفال بيوم النيل، كشف الوزير عن تلقي الوزارة رسالة اعتذار لظروف خاصة عن المشاركة من نظيره المصري بينما لم تصل رسائل من بقية وزراء حوض النيل بعدم مشاركتهم في الاحتفال.
وفيما يتعلق بإنشاء سدي كجبار والشريك قال الوزير إن هنالك دراسات اكتملت بخصوص هذين السدين، قاطعا أنه بعد قيام سد النهضة لا توجد حاجة لقيام سدود ذات بحيرات للتخزين إنما يمكن إنشاء سدود بأن يكون منسوب المياه نفس منسوب النيل، لافتا إلى إمكانية تحديث دراسات لإنشاء سدود على نهر النيل إذا ما توفرت الموارد المالية لا تُكون بحيرات مما يسبب التهجير للمواطنين ويحافظ على منسوب النيل.
وفي سياق متصل بالمسألة أصدرت وزارة الري والموارد المائية تعميما صحفيا تناولت فيه بعض مشاركة السودان في مفاوضات سد النهضة ومراحل التفاوض والجهود التي بذلها للحفاظ على حقوقه وفائدة السد المرتقبة.
وأكد السودان بأنه يشارك في مفاوضات سد النهضة كطرف أصيل يتأثر ويؤثر في السد، حيث ساهم بفاعلية في كافة مراحل التفاوض بدءا من تقرير لجنة الخبراء الدوليين في العام 2013، واللجنة الثلاثية “TNC” مرورا بتوقيع إعلان المبادئ في العام 2015، ثم اللجنة العلمية الوطنية المستقلة” NISRG “منذ مايو 2018م وأخيرا الاجتماعات المكثفة لوزراء المياه وخارجية الدول الثلاث بمشاركة وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي كمراقبين.
وبذل السودان جهودا كبيرة في كل مستويات التفاوض، للحفاظ على حقوقه المائية والوصول الى اتفاق يعزز المصلحة الوطنية أولا، وفي نفس الوقت لايحدث ضررا ذا شأن على الآخرين “وفق قواعد القانون الدولي” وذلك من خلال الاستناد على الدراسات الفنية والقانونية التي أعدتها وزارة الري والموارد المائية بالتعاون مع المراكز البحثية والجامعات المتخصصة بالبلاد.
وبالنسبة لوزارة الري والموارد المائية فإن سد النهضة يعمل على تنظيم جريان النيل الأزرق الذي يساهم بحوالي 60٪ من إيراد النيل ما يعني توفر المياه بصورة منتظمة طول العام وزيادة التوليد الكهربائي بخزانات الروصيرص ومروي ، كما يساهم على تعزيز الاستفادة من كامل حصة السودان من المياه على النيل الأزرق.
كذلك من فوائد السد المرتقبة تحسين الملاحة النهرية بالنيل الأزرق والنيل الرئيسي بزيادة غاطس السفن و البواخر النيلية ، كما أن تنظيم جريان النهر يعمل على تخفيف أو منع الفيضانات المدمرة كالتي حدثت في عامي 1988م، 1946م ومن إيجابيات السد الإثيوبي أيضا حجز كميات مهولة من الأطماء التي تترسب في بحيرات الخزانات وقنوات الري ومداخل الطلمبات قبل وصولها إلى الحقول، إذ يمثل إزالة الأطماء حاليا نصف التكلفة التشغيلية لشبكة الصرف.
لكن من الآثار السالبة المحتملة لسد النهضة هى تقليص مساحة الري الفيضي “الجروف” بمقدار النصف ، فاتحا – في ذات الوقت – الفرص لتحويلها إلى ري مستديم وزيادة رقعتها الزراعية وبالتالي يمكننا القول إجمالا بأن فوائد سد النهضة تفوق آثاره مخاطره.
وبحسب وزارة الري فأن تحقيق هذه الفوائد يتطلب تبادل البيانات والتنسيق بين سدي النهضة والروصيرص ليتم التشغيل بالصورة المثلى وهذا من مكتسبات المفاوضات الجارية، أما في ما يتعلق بجسم السد والأمان التشغيلي والذي تم تضمينه في مسودة الاتفاقية الحالية فهو أمر مهم للسودان، وينتبه المفاوض السوداني له بدءا من التصميمات الأولية إلى طريقة التشغيل الآمن من غير أن يتأثر التوليد الكهرومائي من السد.
وأكدت وزارة الري أن المفاوضات حول الملء والتشغيل السنوي تسير بصورة طيبة؛ مراعية مصالح الدول الثلاث وفق قواعد القانون الدولي المتعلق “بالاستخدام المنصف والمعقول من غير إحداث ضرر ذي شأن على الآخرين” ولكن هذه المفاوضات لاتعني أبدا توزيع حصص المياه بين الدول او تسليفها، وأكدت وزارة الري إيمان السودان العميق بفائدة التعاون المشترك مع دول حوض النيل مقارنة بالتنمية الأحادية ويعتبر سد النهضة خطوة أولية لتعزير فرص التعاون الاقتصادي بين الدول الثلاث ويدعم التكامل المستقبلي لدول الحوض الشرقي.

‫شاهد أيضًا‬

الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش

كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …