الحلو : حمدوك وجد الوصفة السحرية لحل مشاكل السودان
ام درمان – الشاهد
خاطب الاستاذ عبد العزيز ادم الحلو ندوة تحديات السلام الشامل التي نظمتها لجان مقاومة العباسية وفيما يلي نص حديثه للندوة :
باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال ازجى التحية الثورية الخالصة
لشباب و شابات و جماهير انتفاضة ديسمبر بالعباسية
من وحى العنوان فإن الحديث عن السلام يعني او يستدعي الحديث عن الحرب تلقائيا . لأن الحرب الأهلية هي السمة البارزة التي ميزت تاريخ السودان المستقل.
و السؤال الذى يطرح نفسه هو : لماذا استمرت الحرب الاهلية منذ الاستقلال و الى يومنا هذا؟ اي منذ الاستقلال فى ١٩٥٦ و لمدة 64 عاماً؟ يجيب البعض بان العلاقة بين الدولة و مواطنها مأزومة و ذلك لان اقلية من الافندية قد اختطفت جهاز الدولة و قامت بإستثماره اقتصائياً ضد غالبية الشعب السوداني و استخدمته فى سياسة فرق تسد و اضرب الجحر بالحجر.
لقد نجحت النخب الحاكمة في استغلال الدين و الجهوية سياسياً .. و قد استخدمت شعوب دارفور و جبال النوبة و الفونج و البجا في حربها ضد الجنوب حتى انفصل فى 2011م، و لكن رغم التضليل و التمعية فقد تمكن بعض ابناء الهامش من اكتشاف اسرار اللعبة تدريجياً و تعرفوا على طريقة اشتغال آليات التمركز و التهميش و من هو الذي يهمش الاخرين .. اكتشفوا ان الجنوب نفسه ضحية مثلهم و ان الظالم هو نخب الخرطوم. لذلك انضم النوبة الى الحركة الشعبية في 1984م و بعدهم الفونج من النيل الازرق فى 1985م ، ثم حمل البجا السلاح في 1995م، و اخيراً دارفور في 2002م… هذا لا يعني ان المهمشين بالمركز كانوا نيام ، فقد كانت تنتابهم صحوات تمثلت في انتفاضات اكتوبر 64 و ابريل 85 و سبتمبر 2013 و ديسمبر 2018 . ذلك يؤكد صحة اطروحة الحركة الشعبية بأن التهميش درجات و أن 95% من السودانيين مهمشين اقتصادياً … و هذا ما يعرف بالتهميش البسيط في ادبيات الحركة الشعبية، وهو عابر للأعراق و الاثنيات و الثقافات و الاديان و الجهات. و هنالك التهميش المركب الذي تتداخل فيه بجانب العامل الاقتصادي عدة عوامل و موانع أخرى كالعرق و الدين و الجهة و النوع تحرم الأفراد و الجماعات من الحقوق و فرص الحصول على الامتيازات التى يتحصل عليها الآخرون . و يتفرع إلى عدة درجات تقاس على اساسه درجة التهميش.
و لكن تلاحظ ان النخبة الحاكمة او المالكة للسلطة سرعان ما تقوم باختطاف ثورات المركز و تنفيس شعاراتها و قطع الطريق على مطالبها في اقامة العدل و المساواة بين السودانيين.
اما بخصوص ثورات الهامش فقد تعود المركزعلى تقديم الحلول الجزئية و رشوة القيادات بالوظائف و تجنب معالجة او مخاطبة جذور الصراع مما دفع جنوب السودان للانفصال في 2011… و لكن ، و فور انفصال الجنوب في 2011 و بسبب من الحلول الجزئية فقد ظهر جنوب جديد يمتد من النيل الازرق في الشرق على الحدود الاثيوبية مروراً بجبال النوبة، ثم أبيي و حتى دارفور في الغرب. و اتضح ان مطالب الجنوب الجديد هي مطابقة بل هي نفس المطالب التي سعى الجنوب لتحقيقها من اجل الوحدة العادلة و لم يستجاب له .
ظهور الجنوب الجديد يرجع لتنامي الوعي في اوساط الفئات المهمشة و التي كانت ضحية للتغييب باسم الدين تارة و العرق و الاثنية تارة و اللون و الجهة تارات.
و اتضح انه و بسبب تزايد الوعي على مستوى السودان كله فقد اصبحت الحلقات تضيق يوماً بعد يوم حول عنق النخبة الحاكمة و التي تقوم باستغلال السودانيين بمختلف انتماءاتهم للبقاء فى كراسى الحكم ..حتى قامت ثورة ديسمبر المجيدة بتكسير و تخطي كل ادوات و آليات فرق تسد بدءاً من اللون و الدين و العرق و الاثنية و الثقافة و الجهة لتوحد كل السودانيين حول المشتركات و القضايا الاساسية التي تجمعهم كلهم كالمطالب المتعلقة بالحقوق و الحريات و ضرورات الحياة الكريمة لكل سوداني او سودانية دون تمييز، و المساواة في حقوق و واجبات المواطنة.
تم ذلك بعد ان ادت سياسات النخب الحاكمة المتمثلة في الحروب الاهلية و الابادة إلى تهجير 8 ملايين سوداني تحولو الى لاجئين وصلوا الى كل اصقاع الدنيا ، و تنزيح الملايين داخل السودان و تكديسهم في المدن ، بل و تحويلهم من منتجين لمستهلكين… اضافة الى عمليات الافقار الممنهجة التي طالت 95% من السودانيين بسبب تدمير المشاريع الانتاجية و سيطرة نمط الاقتصاد للريعى الذي يعتمد على الكسب دون المشاركة او الاهتمام بالانتاج. للدرجة التي صارت فيه هذه الاقلية من النخبة تستأثر ب82% من الدخل القومي مقابل 18% ل99% من السودانيين و احتياجاتهم من التنمية و الخدمات.
هذا ما يفسر التدهور المريع للاقتصاد السوداني و التشوهات التي لحقت بالمجتمع مؤخرا ، ولماذا تحول السودان إلى بيئة طاردة لبنيه و قاد لهجرة العقول و الخبرات و كذلك رأس المال المالي حيث ذكر السيدالصادق المهدي في كتابه “الديموقراطية عائدة و راجحة” الصادر فى عام 1990م ، بأن ودائع السودانيين في البنوك الاجنبية وقتها ما يعادل 60 بليون دولار، و أكد في ذات الوقت و الكتاب بأن السودانيين قد اشتروا و امتلكوا اكثر من مائة الف شقة في القاهرة لوحدها. و بمناسبة عنوان كتاب السيد الصادق المهدى “الديموقراطية عائدة و راجحة” يثور تساؤل وهو ما تعريف للسيد الصادق المهدى لمصطلح الديموقراطية الذى يرد في كل تصريحاته و كتاباته تقريباً؟ و عما اذا كان ممكناً ان توجد ديموقراطية في ظل قوانين تفرق الناس على اساس الدين و الملة؟ و سؤال آخر فى نفس المضمار و هو هل بالامكان اقامة ديموقراطية في ظل دولة متحيزة عرقياً و ثقافياً و جهوياً؟
يظهر ان الازمة السودانية عميقة و تحتاج لحل شامل .. ذلك لان الاستعمار التركي المصري 1821 قام بتأسيس الدولة المركزية الحديثة و جمع شعوب السودان المختلفة ثقافياً و المتفاوتة تاريخياً داخل هذا الشكل المركزي للدولة مما أدى الى تكوين البنية الاجتماعية المشوهة للدولة السودانية الحديثة التي ظلت قائمة منذ تأسيسها و الى اليوم.
و بعد خروج المستعمر تبنت النخب نفس ادوات المستعمر للسيطرة على الوضعية التى خلقها المستعمر ، مثل مشروعية العنف و الغلبة و نمط التخطيط التنموي الذي يركز التنمية و الثروة في الوسط ثم الاستبداد بالسلطة عبر استخدام اجهزة القمع النظامية و تسليح القبائل لحماية الامتيازات الموروثة.. حتى انفصل الجنوب ليظهر الجنوب الجديد.
كل ذلك و المركز سادر في غيه، بدلاً عن البحث عن صيغة علمية و عملية لادارة التعدد و التنوع الذي تذخر به البلاد.
الان نحن كسودانيين مواجهون بسؤال أساسي؟ كيف يحكم السودان او كيف تتم إدارة هذه التعددات و التنوعات و االتباينات الموجودة في السودان؟
كنا متفائلون بوفد الحكومة الانتقالية الذي جاء لمحادثات السلام في جوبا أن يقدم لنا وصفة ناجعة للحل ، و لكن تفاجأنا عندما تشبث وفد الحكومة بالشريعة الاسلامية كمصدر أوحد للتشريع ، رغم مرارة ثلاثين عاماً من حكم الجبهة القومية الاسلامية التي حولت السودان الى دولة فاشلة بكل المقاييس و المعايير.
و لكن ارجو ان لا تصابوا بالاحباط.. لانه و أخيراً فقد وجد السيد رئيس وزراء الحكومة الانتقالية الدكتور عبدالله حمدوك الوصفة السحرية و التي من الممكن ان تفتح الباب للحل الشامل.. و تلك الوصفة تتمثل في اتفاق 3 سبتمبر المشترك بأديس أبابا حيث تم فيه الاعتراف بالتعدد و التنوع العرقي و الإثني و الديني و الجهوي و على ضروره المساواة بين الجماعات العرقية و الإثنية و الثقافية و الدينية و الاقليمية كشخصيات اعتبارية امام الدولة حتى يتساوى الافراد امام القانون. و بذلك استحق الدكتور حمدوك لقب ممثل الإرادة الشعبية السودانية و بجدارة .
لقد كان مطلبنا في الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال هو العلمانية و لكن تنازلنا من اجل السلام و الوحدة و قبلنا بدستور يقوم على الفصل بين الدين و الدولة لتحيد الدولة حتى تقف على مسافة واحدة او متساوية من كل الأديان و الملل و النحل و الاعراق و الاثنيات و الثقافات و الجهات في السودان .
ذلك سيفسح المجال لإعادة هيكلة الدولة السودانية على اسس الحرية و العدالة و المساواة و بناء دولة موحدة طوعيا و متسامحة مع كل مكوناتها المختلفة و مع جيرانها لتصبح وطنا يسع الجميع.
فصل الدين عن الدولة هو الخيار الوحيد لانقاذ السودان من الإنهيار لأنه الضمانة الوحيدة لحلحلة قبضة قوى الإسلام السياسي من على مفاصل السلطة و الاقتصاد وهو الضمانة الوحيدة لإعادة السلطة للشعب.. و تحقيق تحول ديموقراطي حقيقي و استقرار و تنمية مستدامة.
بناء على ما تقدم نطالبكم بالالتفاف حول اتفاق 3 سبتمبر – أديس أبابا و العمل بل والتأكد من إجازته بواسطة كل مؤسسات الحكومة الانتقالية من اجل استكمال مهام الفترة الانتقالية و انجاز أهداف ثورة ديسمبرالمجيدة.
هذا هو الطريق للسلام الشامل الدائم.
عاش كفاح الشعب السوداني
و النصر للجماهير
الجمعة /11/سبتمبر 2020م
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …