المواجهة بين صلاح مناع وجنرالات الانتقالية : انفعال لحظي أم صراع طويل النفس ؟
تحقيق : فتحي البحيري :
صلاح مناع : نريد حكومة بخطط واضحة ومشاريع تنمية عملاقة للفترة القادمة
مواطنة : انقسم الثوار إلى فئتين كلاهما بخل بالتضامن على مناع
باحث : المرة الأولى التي يجرؤ فيها مسؤول مدني على المجاهرة بانتقادات قوية لبرهان وحميدتي معا ً
1
المواجهة بين صلاح مناع وجنرالات الانتقالية .. هل هي وليدة اللحظة أم هي معركة طويلة ظهرت أخيرا للعلن؟ وهل هو خلاف مبدئي بين حادب على تحقيق شعارات الثورة وبين الذين يعملون بوعي أو بدونه على وأد هذه الثورة في مهدها .. أم مجرد صراع بقاء بين مجموعات تضاربت مصالحها؟ صحيفة الجريدة استعانت ببعض المعنيين للخوض في أعماق ما حدث للوصول إلى إجابات عن هذه الاسئلة وغيرها .. والوصول – أيضا – إلى أسئلة أخرى .. أكثر جوهرية وعمقا وصفاء وإجلاءا للأزمة السياسية التي تعيشها بلادنا.
بادئ ذي بدء يشير الباحث سليمان بكري الطيب في حديثه لصحيفة الجريدة إلى أنه من غير الصواب أن يتم النظر إلى طرفي الصراع باعتبارهما ممثلين لنفسيهما فقط، حيث ينهض كل طرف مجرد رمز لكتل خفية متحالفة تحالفا ضمنيا وبالتالي فإن هذه المواجهة هي في حقيقتها بين تحالفين كبيرين وعميقين ولا ينفع هنا أن نسأل عما إذا كان الخلاف مبدئيا أو غير مبدئي .. لأن المصالح موجودة موجودة في كل الأحوال .. فقط ينبغي البحث عن أو ضمان أن يتطابق كل رمز مع المصالح الحقيقية والمباشرة لكل عناصر التحالف الخفي الذي يفترض أنه يمثله.
ويمضي سليمان بالقول : ظاهريا يبدو مناع ممثلا لمصالح القوى الثورية والقوى التي ظلت مهمشة طيلة 30 عاما مضت بامتياز لا يقدح فيه كونه من طبقة رجال الأعمال الاثرياء ولا كونه قياديا بحزب الأمة القومي الذي عرف بمواقع ومواقف وسطى أو بين بين، على حد تعبير سليمان الطيب، على العكس تماما، فقد مكنه كل ذلك من الوصول إلى ما لا يمكن الوصول إليه لأي شخص؛ مداخل معلوماتية عن خبايا التمكين وأسراره، واقتراب بل حلول في موقع سياسي مؤثر يمكنه من خلاله ترجمة هذا المداخل إلى إنجاز مفيد للشعب والوطن على حد وصف الباحث سليمان بكري الطيب لصحيفة الجريدة
2
(إعلام تدوير الشائعات اطلق خبر اعتقالي. انا لست فاسدا أو متهم في دم إنسان برئ أو جريمة ضد الإنسانية أوسارق مال عام اذهب الي المحكمة في قضية زين وهناك ثلاثة بلاغات من زادنا تحت المادة ٢٥ إساءة سمعة ثلاث في نفس التهمة ومستعد للذهاب الي القضاء ان دعى ذلك) تغريدة لصلاح مناع قبل شهرين تقريبا تلخص جانبا من صراعاته السابقة، ربما كان هو الأكثر ضمن قيادات لجنة تفكيك النظام الذي تعرض لمضايقات و”حروب” من هذا النوع، ومهما قيل عن الجهات التي تقف أمام الكواليس في هذه البلاغات و “خلفها” فإنه لا يمكن البرهنة أبدا ً على أنها لا تمثل مصالح الكتل المرتبطة بشكل أو بآخر مع النظام البائد.
بالتالي وحسب إفادة سليمان بكري الطيب السابقة فإن مناع، مهما كانت الحقائق المتعلقة به على المستوى الشخصي، يمثل الجهة الأقرب لتطلعات الشعب وشعارات ثورته في هذه المواجهة وذلك الصراع. بالتالي أيضا فإن الحقيقة تبدو أقرب إلى أن مواجهة مناع مع جنرالات الجيش لم تكن أبدا وليدة اللحظة وإنما يرجح أنه صراع منهجي ممرحل ومرحل وفي هذا الصدد سوف لن يكون عصيا الكشف عن علاقة كل ذلك بإصرار المكون العسكري على أن يكون قطاع الاتصالات – مثلا – تحت قبضته المباشرة.
3
” اعتراض السيد رئيس مجلس السيادة ونائبه والنائب العام على مجرد التحقيق العادي مع السيدة وداد بابكر حرم المخلوع يجعل كل من يحلم بتحقيق العدالة والتفكيك في ظل الهياكل الحالية للسلطة في مهب رياح الواقع المؤلم ” هكذا تفتتح نجوى القاسم عبد الحميد الناشطة في مجال البيئة حديثها لصحيفة الجريدة وتمضي بالقول : الأشد ألما من ذلك أن السيد مناع لا يجد من يؤازره في هذه المهمة الوطنية الصعبة والعزيزة والتي هي مهمتنا جميعا ويتحتم أن يكون موقفنا بجانبه بشكل أكثر قوة وصلابة مما هو يحدث الآن .. مهما كان موقفنا منه شخصيا ومن تاريخه وأخلاقه .. فالإتيان بملائكة مطهرين لمنازلة هذا الواقع القبيح الذي يسعى بكل طاقته لابتلاع أحلامنا ومجهوداتنا وتضحيات شهدائنا وثوارنا غير ممكن .. فليس لنا إلا ذواتنا هذه التي فيها وفيها وفيها ومن كان منا بلا ما يمكن للآخرين أن يتحفظوا عليه فليرم صلاح مناع بحجر وبألف حجر
تقول نجوى : المؤسف أن الثوار من عضوية حزب الأمة لم يمنحوا صلاح مناع حتى الآن عشر التضامن الذي منحوه لابراهيم البدوي ومناع أحق باضعاف أضعاف ما ناله البدوي من تأييدهم في الوقت الذي ينظر الثوار من خارج حزب الأمة إلا الرجل بشيء من الارتياب، لا لشيء إلا لأنه ينتمي إلى حزب يعتقدون أنه لم يخلص لهذه الثورة كما يجب. وبين هؤلاء وهؤلاء – والحديث لا يزال لنجوى – يضيع وقت وميدان مهم للصراع من أجل تعزيز المحتوى المدني الديمقراطي داخل هذه السلطة الانتقالية
وتضيف نجوى أن النظر إلى تصريحات صلاح مناع باعتبارها مجرد ردود أفعال لانتقادات مجلس السيادة لعمل لجنة إزالة التمكين يظل واردا أيضا ولكنه يعزز من فرضية قوة هذه المواجهة بدلا من أن يثبت سطحيتها وضعفها لا سيما إذا أخذنا في الاعتبار صراع الرجل المرير الطويل مع جهات هي مجرد واجهات لهؤلاء الجنرالات
4
التغريدات التالية ليست لناشط سياسي سوداني عادي غاضب وليست لصلاح مناع في الايام القليلة الماضية .. إنها تغريدات صلاح مناع خلال شهور طويلة مضت .. وربما تقف شاهدا على أن همه الثوري لم يهرب أبدا أمام زحمة تعقيدات مهام المسؤول الحكومي وبروتوكولاته وبريستيجيه، وتقول بجلاء إن هجوم الرجل الأخير على جنرالات الانتقالية ليس وليد انفعال لحظي أو خيبة أمل مؤقتة أبدا: (الشركات الأجنبية تحقق أرباحا في قطاع الاتصالات وقطاعات اخري ويظهر ذلك في الأرباح السنوية والبنك المركزي لا يسمح بتحويلها للخارج لشح الموارد كيف خرجت هذه الأموال ؟ عبر السوق الموازي ؟ أليس هذا تخريب وعمل ضد الدولة ؟) (حقول البترول المنتجة تحتاج الي ٢٩٥ مليون دولار للصيانة لزيادة لإنتاج الي ٩٠ ٪ من الاستهلاك الكلي ونحن نستورد ماقيمته ٢ مليار دولار في العام يحب ان تكون الخطوة الأولي المالية والطاقة تجهيز وإعلان عطاء عالمي من اجل صيانة الآبار ورفع الإنتاج) (الفترة الانتقالية تمضي بسرعة البرق والإنجازات صفرية و سلحفائية الجهاز التنفيذي ومعاش الناس اصبح لايحتمل نريد حكومة عمل ميدانية ووزراء يعملون علي مدار الساعة من اجل اخراج الوطن من حفرة النظام البائد) (نريد حكومة بخطط واضحة ومشاريع تنمية عملاقة للفترة القادمة مثل زراعة ٢ مليون فدان ٢ الف ميقاوات كهرباء و٢ الف كيلو طرق وعودة السكك الحديدة والخطوط الجوية ومجانية التعليم والصحةوتحقيق السلام والعدالة)
5
يبدو أن مواجهة صلاح مناع لجنرالات الانتقالية لا تصلح فقط لإعادة قراءة أحداث سابقة وإعادة فهمها وتحليلها وحسب وإنما – أيضا – لاستقراء أحداث قادمة والتكهن بمجرياتها فقد تكهن الاستاذ أشرف الزين في مجموعة الصندوق الاسود لفساد الكيزان بفيس بوك أن “ما قاله صلاح مناع حول تأثير برهان وحميدتي على نزاهة القضاء هو تمهيد لعزلهما خصوصًا البرهان الذي طالب باستحياء بحكومة طوارىء بقيادة حمدوك الرجل الذكي الذي لا يقبل بمثل هذه العروض” على حد وصف الزين .
لكن هذا الوصف لا يصب بالضرورة في صالح التغيير الذي ينشده ويسعى إليه عامة المواطنين والثوار بالضرورة فقد يفهم هذا الاستقراء في سياق آخر على أن لمناع صلة ما بالمجرم صلاح عبد الله قوش الذي ربما كان يسعى لاستبدال جنرالات الانتقالية بجنرال آخر وحيد هو شخصه “الضعيف” أخلاقيا في ميزان الثورة والثوار
يقول زين العابدين صالح : كان صلاح قوش يقف مع المساومة السياسية، لكن ليس بتصور قيادات المؤتمر الوطني ذوي الانتماء للحركة الإسلامية، بل كان يعتقد أن تتم المساومة مع لاعبين جدد يكون قوش علي رأس هذا التيار. لذلك أكثر من لقاء عدد من قيادات الأحزاب. لكن عندما دخل تجمع المهنيين في إدارة المظاهرات من خلال برمجتها و أصبح له نفوذ أتضح لقوش أن هذه المجموعة لابد من معرفة الجهة التي وراءها، صلاح قوش كان مقتنعا أن هناك تيارا أخر يحاول أن ينظم التظاهرات لمصلحته الخاصة بعيدا عن الأحزاب – وبحسب زين العابدين – فإن هذا هو الذي دفعه أن يلتقي برموز من رجال الأعمال، و خاصة أنيس حجار حيث تم بمحمد موي و صلاح مناع و الدكتور عبد الله حمدوك في أديس أبابا ،و هذا ما أكده صلاح مناع في المقابلة التي كانت قد أجرتها معه ” قناة الهلال” و قبل ذلك كانت له لقاءات مع رموز هذا التيار.
على أن القوة الموضوعية لهجوم مناع على برهان وحميدتي تسندها حواف وحواش شتى أبرزها كما يقول الباحث الطيب بيان ضعف وتواطؤ النائب العام لكل الناس حيال ملفات جرائم أهل النظام البائد والمساندة غير المحدودة التي يجدها هذا النائب العام من الجنرالات والجهات المحسوبة عليهم والمسبحة بحمدهم والأشد وضوحا ونصاعة من ذلك – على حد تعبيره – أنها تكاد تكون هي المرة الأولى التي يجرؤ فيها مسؤول مدني في هذه السلطة على المجاهرة بانتقادات قوية لبرهان وحميدتي؛ كليهما معا وبذات الوقت، فالعالمون ببواطن الأمور يثقون أن أغلب من يتشجع على مواجهة حميدتي هو مسنود بشكل أو بآخر ببرهان ومجموعته والعكس صحيح.
الجريدة
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …