‫الرئيسية‬ آخر الأخبار شروط الدولة القديمة استنفذت، وما يحدث الان هو مخاض للجديد
آخر الأخبار - رأي - فبراير 9, 2021

شروط الدولة القديمة استنفذت، وما يحدث الان هو مخاض للجديد

محمد فاروق سلمان :

عندما خاطبني مِن منفاه احد القادة الميدانيين في قوات التحالف السودانية، وهو ممن احمل له ولرفاقه/ رفاقي في تجربة الانتفاضة الشعبية المسلحة وثورة الحرية والتجديد تقديراً كبيرًا، معاتباً لي وبقسوة على استقالتي من قيادة التحالف الوطني، قلت له: “يا صديقي لا تعتب علي، ناسنا لم يعد لهم طاقة بي، وليس الامر ان لا طاقة لي بهم او بامرهم.” وبظني انني شخص لم يعد لرفقاء النضال بالامس وساسة اليوم طاقة لما يقول، ولا طاقة له بما يفعلون.

ومن شباب هذا الجيل ايضا ممن كانوا وقود هذا الحراك وروحه، سالني شاب يحمل كل ملامح هذا الجيل الوثاب عن استقالتي منزعجا كما بدا لي، وغيره كثيرين كانوا يرون في التحالف تجربة مختلفة، وظني ان داخل كل قوانا السياسية هناك شيء مختلف باختلاف السودان بعد هذه الثورة، لكنه اختلاف لم يستوعبه بعد من تصدروا المشهد من قيادات هذه القوى السياسية واختاروا اعادة فصول التاريخ بتقديم انفسهم وتأخير ساعة الزمان التي يتجاوزها السودان الان ويتجاوزهم*، فاجبته:
“ده موضوع طويل وممكن محتاج اشرحه فعلا، لكن محتاج رواقة ومراجعات اعمق شوية”

وأول هذه المراجعات ربما تبعثرت فيما اكتبه واعدتها اليه في هذا الحوار بيننا والذي انشره هنا وساضع نص استقالتي في اول تعليق:

“البنية الحزبية بي طبيعتها سلطوية، وده ما عيب لذاته، وتثويرها ده بيكون حالة عارضة، ولي ظروف ووفق شروط خارجة عن ارادتها حتى لو لم تخرج عن اداءها، التحالف ما تجربة حزبية وهو حركة مقاومة وثورية وحملت السلاح كمان (وده ما ممكن يكون نشاط حزبي بي اي حال) لكن برضو ده ما ممكن يكون حصانة؛ بي حكم طموحات الافراد واستيعابهم لي ده، وعادة عدم ادراك قيادة حركة اي مقاومة ثورية بي طبيعتها وتناقضها مع العمل الحزبي بيقود لي انحراف في اهدافها وتشويه للمارسة الديمقراطية، انا حاولت اقود نقاش داخل التحالف في التحول لي حزب وفق مفهوم يتعاطى مع ارث المقاومة كمدخل لي تكوين قاعدة اجتماعية للحزب، وبالتالي ومن خلال الوعي بي مصالح القاعدة الاجتماعية دي والتقاءها مع اخرين اوسع مِن حدود القاعدة دي بي حكم تجربتها وتجارب اخرى التقاء طيف اوسع مِن حراك المقاومة كفيل بي وجود حركة حزبية صاحبة مصلحة مِن الممارسة الديمقراطية نفسها، (طوال تجربة قوات التحالف السودانية ظل هدف وحدة قوى السودان الجديد هدف محوري وذهب للمناداة بحتمية هذه الوحدة وسعى اليها مع مؤتمر البجا والتحالف الفيدرالي بقيادة المرحوم دريج وبروفيسور شريف حرير، متعه الله بالعافية واعلان د.جون قرنق وَعَبَد العزيز خالد في اسمره لوحدة اندماجية بين الحركة الشعبية/الجيش الشعبي والتحالف الوطني/قوات التحالف السودانية قبل نيفاشا) واكثر حصانة مِن تشويه الانتقال مِن خلال تحقيق مكاسب سلطوية عبره؛ (وفق) تصور مقلوب وقعت فيهو اغلب الاحزاب الثورية دي مِن خلال اعتبار السلطة طريق (shortcut) للجماهير ما العكس؛ الجماهير هي الطريق للسلطة وده التهديد الحقيقي للتحول الديمقراطي والممكن تشارك فيهو حركة المقاومة الحزبية (اختصاراً) بوعي ومن غير وعي، وفِي ده الخاسر الاكبر هو القوى الجديدة والقاعدة الاجتماعية الثورية الحقيقية مقابل القوى القديمة (والممارسة القديمة)؛ فبطبيعة الاخيرة الثورة عارضة عليها وعندها قاعدتها الاجتماعية الموجودة مهما تم تهديدها ومِن خلال مشاركتها في التغيير ومحاصرة الانتقال بمشاركة القوى الجديدة وحصره في السلطة، القوة القديمة بتستعيد زخمها الجماهيري؛ والقوى الجديدة بتتراجع وبتفقد زخمها الثوري، والاسوا انها مِن خلال مشاركتها في السلطة الانتقالية بي اي كيفية بتكون خضعت لي اختبار جماهيري في ممارسة السلطة مِن غير ما تكون مستعدة هي نفسها للمارسة الحكم ومن خلال صيغة ما بتديها فرصة لفرض تصوراتها للاصلاح بطبيعة الانتقال وضرورة خضوعه لتصورات كلية اكثر شمولاً اقرب للتأسيس، وده دفعني كتيرا للحديث عن ضرورة الخروج مِن افق تحالفات الحد الادنى لي افاق تحالفات حد اعلى للاضطلاع بمهام البناء الوطني والتحول الديمقراطي، (لادارة الانتقال) وضرورة اعادة تعريف الاحزاب نفسها في الفضاء الوطني كتحالفات حد أدنى مِن خلال التزام الجميع باهداف المشروع الوطني في الديمقراطية وحقوق الانسان والتنمية والمساواة كقيم عليا للدولة، مافي اختلاف حولها. وده ح يفرض تحقيق تسوية تاريخية ضرورية للتأسيس ويقود لي توطين الديمقراطية بي صورة ممكن استدامتها وما تصويرها كاداة لسيطرة اي اغلبية ظرفية (ظرفية بحكم تشوهات المجتمع نفسه والسياسة) وفق واقع دولة ما بعد الاستعمار لي دولتنا الحديثة، وحشر ادوات العمل الديمقراطي وطقوسه فيها مِن غير وعي بجوهرها. وتحديات الحداثة نفسها (المحشورة أيضاً في مجتمعاتنا) في تطوير شامل لحياة المواطنين بدل تحقيق امتيازات مركزية محدودة، ودي الصيغة العادة بتخلينا نسمع الاسطوانة المشروخة عن صعود القوى القديمة بعد أي تغيير في السودان واحساس القوى الحديثة بسرقة مجهودها؛ دون ان تعي بنقص المجهود ده أولًا وقصوره، وعادة بعد ده بيتم تهديد الديمقراطية اكثر من القوى الحديثة، بما في ذلك القوى النظامية كقوى حديثة هي نفسها، وده البستديم الدوران في حلقة مفرغة على مستوى تعزيز قدرة الدولة الحديثة نفسها كأداة للقهر السياسي. (واستدامة دولة الاختلال والهيمنة، وهو ما لم يعد في طاقة التاريخ).

*برأيي ان شروط الدولة القديمة في السودان أُستنفذت، وما يحدث الآن من اضطراب في الانتقال هو مخاض للجديد.

‫شاهد أيضًا‬

الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش

كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …