رسالة إلى ناظر اللحويين: لو كان حسين خوجلي منكم لقال هذا لا يليق بود ” قبيلة”
عبد الله على إبراهيم :
السيد الناظر محمد الزين آدم الزين محمد (عيد)
ناظر اللحويين ولاية القضارف
علمت من كلمة لبكري المدني أنك كنت في الصف الأول من المؤتمر الذي انعقد للتضامن مع حسين خوجلي المعتقل على ذمة التحقيق معه بواسطة لجنة إزالة التمكين. وقيل بَدّرت في الحضور مع طائفة من مساعديك. واسترعى ذلك انتباه بكري من جهتين. أولهما انكشاف هوية حسين الحلاوية مما لم يعرفها أحد من زملائه، أو لم يكترث لمعرفتها لأنها غير ذات موضوع. أما الأمر الثاني فقد عتب بكري بقوة على طغيان الحضور “القبلي” لحسين الذي جسدتموه على حضور “قبيله الصحفي”. وهويته الصحفية هي التي ساقته دائماً إلى هذه الوكرات. فقال لي يوماً في القسم الجنوبي القديم في عهد الإنقاذ، وكلانا ينتظر دوره للتحقيق معه حول كتاباته، قال: يا عبد الله انت قائل الصحافة دي شنو؟ ما مقال وتحقيق”.
أريد أن ابدأ أولا بتهنئتكم وشعب اللحويين بنيلكم النظارة وحفلكم بها في ديسمبر ٢٠٢٠. وهذا كسب قسى عليكم حصوله لأجيال وقد بذلتم له لم تدخروا وسعا. وقولي في تثمين هذا الكسب وثيق لأنه صدف أن كنت مطلعاً على تاريخ اللحويين نوعاً ما، بل أشرف منذ سنوات على مشروع تعريب رسالة جامعية عن مجتمع اللحويين في العربية. وكانت أول معرفتي ببعض تاريخكم في نحو ١٩٦٦ خلال بحثي عن تاريخ فرع النوراب الحاكم بين الكبابيش في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وصدر البحث لاحقاً في كتاب بعنوان “فرسان كنجرت” (١٩٩٩).
وقفت في البحث عند رحلة نادرة لشعبكم في العقد الأول للقرن العشرين بقيادة جدك محمد ود الزين، الأمير المهدوي المميز، من كردفان إلى ربعكم الحالي في ولاية القضارف. وهي رحلة غراء للحرية. فوقعت في يدي رسائل متبادلة بين الشيخ على التوم وطائفة من مفتشي المراكز الإنجليز في النيل الأبيض والخرطوم بحري وغيرها، بل ومع السكرتير الإداري للحاكم العام، يطلب منه رد شعبكم من مهجركم في الشرق إلى كردفان. وكان الشيخ علي يرم هيبة زعامته فيها لخروجكم من داره تطلبون فكاكاً من علاقة “التبع” المهينة.
والتبع علاقة استضعاف يكون بها لصاحب الدار مثل الكبابيش حقوق ووصاية على الجماعة التي لاذت بدارها. فتدفع الجماعة التبع ضريبة شراية لزرعها في الدار وأخرى للسقيا فيها. والجماعة التبع ممنوع عليها ضرب نحاسها في الدار، أو رسم وسم أنعامها على الشجر طالما كانت فيها. وممنوع عليها كذلك أن تحفر بئر واصلة الحجر (سانية) لأن معنى هذا أنها امتلكت مورداً في دار لا حظ له فيها. وهكذا تجرد هذه الإجراءات التبع من كل سلطان سياسي فوق مستوى شيخ مسؤول أمام الناظر سيد الدار. وهو نظام خضع له اللحويون وسط الكبابيش حتى قيام المهدية التي انضموا لها بينما حاربها قسم مؤثر من الكبابيش. ولم ينعموا خلال المهدية بالحرية من التبع بل سلمت سعيتهم من تجريد المهدية كما فعلت بالكبابيش والمعارضين الآخرين.
ولما انكسرت المهدية بحلول الإنجليز بدا أن اللحويين استنكفوا الرجعى لبيت طاعة التبع بعد شميمهم الحرية. ولم يغير الإنجليز في علاقة التابع والمتبوع شيئاً حتى جرى تقنينها في قوانين سلطات الإدارة الأهلية في نهاية العشرينات بخلق منصب ناظر العموم الذي هو الناظر صاحب الدار تخضع له القبائل عديمة الدار.
لربما تعرف أنني من دعاة تصفية الإدارة الأهلية. والمفارقة أنني حين كنت أدعو لذلك لم أجد ما أضرب به المثل الشافي عن ظلمها مثل هجرتكم من كردفان إلى الشرق تمرداً على نظمها المجحفة. وكنت أقول في أحاديثي إني إنما اقتدي باللحويين في وجوب التخلص من الإدارة الأهلية. ولا أعرف عن سيرتكم منذ هجرتكم للشرق ولكن نيلكم النظارة، الدالة على السيادة السياسية للجماعة وربما امتلاك دار، قد يدل أن نازعكم للحرية لم يخمل. واستغرقكم قرن كامل لتحصلوا على الاستقلال الذي خرجتم علي شيخ على التوم في أول القرن العشرين لأجله.
أعود إلى حسين. وهو إنسان ربطني به بغير تفصيل ود حفزني لكتابة كلمة دافعت عنه بقوة حين نوى الهجرة بعد تجريد رفاقه الإسلاميين له من أل والإضافة. لم يفعلها صحفيون من قبيله سواي والهندي عز الدين ربما. وهكذا لم يحتج حسين حتى في نظام طاغية كالإنقاذ لغير زمالة المهنة لكي تدفع عنه الأذى. قام بها البعض ولم تسقط عن الباقين.
أعود إلى حسين الذي ناصب ثورة ديسمبر العداء كما لم يفعل غيره حتى كتائب الظل. ولما انكشف لي أمس أنه لحوي قلت مستحيل دا يكون. لو كان منكم حقاً لجاء لثورة الشباب بمراس أهله ناس ود الزين في ركوب الصعب من أجل الحرية. لو كان منكم لما أفحش بحق الشباب ودمهم صبيب على الأسفلت، والنساء ثكالى تحت سقوف بيوتهن التي احتلها الأوغاد المسلحون. كان قال هذا لا يليق ب”ود قبيلة”.
هذا كل ما عندي سائلا لك المولى زعامة تتنزل خيراً وبركة على أهلنا اللحويين.
عبد الله علي إبراهيم
أكاديمي وصحفي
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …