‫الرئيسية‬ آخر الأخبار ياسهير شريف …كان بدري عليك
آخر الأخبار - رأي - أبريل 10, 2021

ياسهير شريف …كان بدري عليك

د. عبدالوهاب همت :

الخبر الأسيف والمؤلم الذي تناقلته الاسافير منذ ظهر الأمس الخميس ٨ أبريل ٢٠٢١ لم يكن من نوع أخبار الموت العادية التي إعتاد الناس سماعها هذه الأيام ، بل كان خبراً صاعقاً ومزلزلاً وهو رحيل رمز إنساني بحق وحقيقة ، واذا كانت مقولة إنسان إستثنائي فقد إستحقت سهير شريف ذلك وعن جدارة.
مثلت الراحلة ظاهرة حقيقة لإنسانية نقيةالدواخل بقلب شاسع محب للناس تلتقيهم هاشة باشة وتقالد الناس على طريقة بت البلد السودانية بشكل عفوي صادق نبيل وبإبتسامة نابعة من الدواخل لمن تعرفهم ومن لاتعرفهم متسائلة عن حالهم وأحوالهم.
تجدها وكأنها كانت تسابق الزمن لتسجل حضورها البهي الأخاذ في كل الأفراح والأتراح وكانت كل تحركاتها وفي أي مكان تواجدت فيه تترك لمساتها التي لاتخطئها العين السليمة المعافاة.
وفي المقابل فإن غيابها يكون لافتاً للأنظار لأن الناس إعتادوا تواجدها المائز.
تعود معرفتي بالراحلة سهير شريف إلى منتصف تسعينيات القرن المنصرم أيام الطلب في مدينة دمشق مع رفيق دربها الدبلوماسي الشفيف المحترم عصام أبوجديري والذي كان سفيراً للسودان في سوريا، ما أن إلتقت بنا الراحلة المقيمة إلا ورحبت بنا ترحيباً حاراً وطلبت منا أن نزورهم في دارهم العامرة في حي ( مزة ڤيلات) والإسم من دلالاته وكانت تُكرم وفادتنا تتفقد أحوالنا بحنو وحنان .. الدراسة.. الصحة.. وقبل أن تلقي بنفسك في كرسي الضيافة الحاتمي تأتيك الشغالة الاندونسية بكل أنواع المأكل والمشرب ، وتبدأ سهير في طرح سيل من الاسئلة.. الدراسة.. الاوضاع .. الاهل وتفاصيلهم ، وللذين لم تلتقيهم من قبل إنت من ناس منو أهلك كيفنهم والدراسة معاكم كيفنها مع بلدكم الباردة دي؟ وتزيح عنك حاجزاً كبيراً، وتواصل
ياجماعة البيت بيتكم ،وبحق تحس بأن البيت بيتكم لأنه حينها ينتابك إحساس أن السفير أبو جديري هو سفير للسودان قبل سودان الكيزان ودبلوماسي دبلوماسي وأن هذه الدار دار للسودانيين ودارٌ لكل من زارها منذ أول لحظة تطأ أقدامك داخلها.
وأمام ملاحقاتهما يا أخواننا أكلوا يا أخواننا أشربوا، شنو ياشباب الاكل ماعجبكم أغيروا ليكم الشراب ده ماطاعم؟
وحتى تضمن مجئكم للمرات قادمات يجئ سؤالها ( أها المرة الجاية عايزين شنو ؟ نجهز ليكم شنو؟
تعالوا لينا يوم الجمعة قيلوا معانا ، ماتنتظروا الجمعة تعالوا طوالي نحن قاعدين لاتشعر بالحواجز ولا بإي إحساس غريب رغم فخامة المنزل وروعة الحي ودقة وصرامة عناصر الاجهزة الأمنية في تلك المنطقة إلا من يخفرون منزل السفير السوداني فزوار هذه الدار فهم( غير) سهولة في كل شيء .
وفي المقابل كانت هناك منازل لدبلوماسيين سودانيين آخرين إتخذوها متاجراً لبيع الطناجر والبضائع الروسية وأطرف ماكان متداولاً مابين الطلاب والطالبات ان زوجة دبلوماسي كانت تبيع الطنجرة الروسية وهي ( حلة البريستيج أو البريستو) كما نسميها في السودان بمبلغ ٢٥ دولاراً ولابد للراغبين في الشراء أن يحضروا المبلغ بالدولار ولكم أن تتخيلوا صعوبة الحصول على مبلغ خمس دولارات ( وأصحاب الدكان الدبلوماسي لايقبلون المبلغ بالليرة السورية) والدولة السورية تعد الإتجار في العملات الاجنبية من الموبقات وتقابل المخالفين بالقوانين الرادعة وتفرغ دبلوماسيو ( الانقاذ) في ذلك الوقت وفي تلك المدينة في الإتجار في المنقة والكركدي والزبيب ولبان البخور وكان المنظر المألوف والذي إمتد لسنوات أن تشاهد سيارات السفارة ممتلئة بكراتين المنقة والجوافة وهذة منتجات غالية الاثمان في بلاد الشام عامةً ويتم الإتجار فيها مابين الخرطوم ودمشق وطهران.
وفجأةً طالت يد ( الإنقاذ) السفير الإنسان عصام أبو جديري والذي عاد أعيد للخرطوم شأنه شأن بقية شرفاء الدبلوماسية السودانية وحينها تسيد الساحة من تسوروا جدران الخارجية بالتمكين من شلة حافظ والضي غير النعيم( الطفل المعجزة)
ومحيو قبيح الافعال أول من أنزل صورة الصادق المهدي رئيس الوزراء المنتخب وإستعاض عنها بصورة الطاغية البشير وليته إكتفى بذلك بل وهرول في طليعة من تلقوا تدريب الدفاع الشعبي ( شعب كل حكومة والمعايش جبارة) والتذلل للملوك والامراء في سبيل التوسل والشحتة وغيرهم وغيرهم وإنفرط عقد الدبلوماسية الوضئ. وطالتها تهم الارهاب والسمسرة والاتجار بالعملة ولاعبو المراهنات برواتب زملائهم .

تدور دورة الزمان لتظهر الظاهرة الانسانية الفريدة المتفردة سهير شريف في لندن مناضلة مصادمة في أشرف سوح النضالة متحدية ومتصدية لصلف وجبروت ( الانقاذ) مساهمةً في تأسيس المنظمات السياسية والمجتمعية تجدها في تحالف القوى السياسية وفي أنشطة الجالية السودانية وفي قيادة حزب الامة في المهجر، وعوناً لطالبي اللجؤ الفارين من جحيم ( الانقاذ).
وأينما أتت فأياديها مبسوطة بالخير وللخير ، إنسانيتها الدفاقة تميز بين ماهو سياسي وماهو إجتماعي. تكون في مقدمة الحضور كما ألفها الناس في كل المناشط اللندنية، تفاجئ الناس محتفيةً بأعياد ميلادهم وتواسيهم في أتراحهم تقوم بذلك دونما تكلف.
ما من تظاهرة إحتجاجية إلا وتكون من بواكير الحاضرين باثةً الحماس في دواخلهم لاتهتم بالظروف الطبيعية البرد القاسي أو الامطار المنهمرة لكنها تكون صامدة كالجبال الراسيات وتتحول تلك الشخصية الوديعة الى كائن شرس يعلو صوتها بالهناف الداوي المعبر تقف مع آخريات وآخرين بالساعات الطوال لاتكل ولاتمل.
كما نفسها الممتلئة بالخير والانسانية تمتلئ سيارتها بالاكل والشراب تحرص على توزيع كل شئ وفي الاخير لاتحصل على شئ وربما تذهب في رفقة آخرين الى اقرب مطعم ..سيوبر ماركت أو غيره لتواصل توزيع الخير.
وما اوسع مساحات الحب في دواخلك ياسهير شريف..
ما أجمل وأبهى طلتك ياسهير شريف .. ما أنقى سيرتك وسريرتك ياسهير شريف

‫شاهد أيضًا‬

الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش

كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …