لا ترهنونا لمصر من جديد

مجاهد بشرى :

“مصر ستتخذ الإجراءات الكفيلة في حال وقوع ضرر على دولتي المصب بسبب سد النهضة. ”
– سامح شكري وزير الخارجية المصرية .

تصريح يمكنه أن يمر عليك مرور الكرام شأنه شان أي خبر آخر دون تدقيق أو تمحيص , لكن متى كان السودان من دول المصب …؟؟؟
هذا السؤال إذا طرحته على سامح شكري وزير خارجية مصر في أي وقت آخر فسيخبرك بأن السودان ليس ببلد مصب .
لكن و لأن أي كلمة في السياسة لها وزنها , إختار شكري لفظ ( بلدي المصب ) كما لو أن السودان ومصر معاناتهم واحدة و موقفهم واحد من قضية سد النهضة .
الأمر لا يحتاج لخبراء , كلنا نعرف أن النيل الأزرق هو المساهم الأكبر في مياه نهر النيل عند الخريف , و لكن في الأوقات العادية فإن النيل الأبيض ثابت و مستمر التدفق في معظم الفصول الأربعة .
و حصة السودان من المياه لن تتأثر كثيرا من عملية ملء السد المبرمجة , و التي ستواصل فيها حكومة آبي أحمد شئنا أم أبينا .
اثيوبيا التي كانت تحتل جزءً من أراضينا , قام الجيش بإرجاعه و الإنتشار فيه , بينما مصر التي تحتل , و تُمصّر أرضا سودانية لا يتناطح عليها عنزان , تريدنا ان نقف معها على حساب مصالحنا و عمقنا الإستراتيجي الأفريقي , و كأننا لا و لم نتعلم من كل تجاربنا السابقة معها .
مصر التي لا يدخل المواطن السوداني أراضيها الا بتأشيرة رغما عن إتفاقية الحريات الأربع أحادية الجانب , يدخل مواطنها السودان و يتمتع بما يتمتع به ابناء البلاد , تعمل دائما و ابدا على تثبيط السودان و جعله مرهونا لمطامعها و مصالحها .
انا متأكد لو أنّ موقع مصر الجغرافي هو السودان لما شربنا نقطة ماء من النيل , و التاريخ دائما ما يُقدّم الفرصة مرة واحدة , الآن لو كان البرهان قائدا حقيقيا للجيش , و رأسا لسيادة الدولة , فليطالب بأرضنا حلايب وشلاتين فورا قبل التضامن مع مصر , و استرداد أراضي حلفا القديمة الغارقة , و إجبار مِصر على تعويض أهلها .
فالمصريين لا ينصاعون للحسنى , و السد ليس بمشكلة للسودان , المشكلة هي حرب المياه التي نخوضها بالنيابة عن المصريين , لنرد إليهم حقوقهم بينما هم يرفضون رد حقوقنا إلينا .
و يسكُت مسؤولونا وهم يسمعون السيسي يهدد بضرب السد , وتدمير الدنيا , و لا يُفكّرون بأننا سنكون حينها فط ضحية الغباء و الغضب المصري الأعمى .
دعونا نذيق صانعي السموم بعضا من بضاعتهم , و لتتعقّل حكومتنا , فوالله لن يأتينا من وراء مصر خيرا , فلا تكرّروا خطأ إسماعيل الأزهري و ترهنونا لمصر من جديد .