هيبة الدولة: (شوف مين البتكلم!)
عبد الله علي ابراهيم :
تواترت البيانات عن أحزاب وتحالفات وحركات وقبائل عن محنة الجنينة. وما يجمع بينها هو كآبة المنظر والمخبر. ومن آيات قلة مروءتها لا يكاد المرء يعرف إن كان كاتبها حاكماً بيد طائلة مسعفة تنزل عبارتها على الجرح فتشفيه، أم أنها زفرة معارض قليل الحيلة يستصرخ من مقاعد المتفرجين.
أزعجني جداً من بيانات المسلحين السَالم منهم والمحارب طلبهم من الحكومة فرض هيبة الدولة. وكأنهم أبقوا للدولة هيبة. كأنهم لم يستنفدوا هيبتها بالعتو المسلح الثورنجي فصارت أي كلام حتى شهوا قطاعاً كبيراً من المواطنين في زمان المخلوع.
قال السيد الهادي إدريس رئيس الجبهة الثورية وعضو مجلس السيادة إن سبب الانفلات الأمني في الجنينية وغيرها هو عدم فرض هيبة الدولة. ومع ذلك كانت جبهة إدريس وما تزال وراء أعرض انفلات للأمن في الشرق. فأثارت ثائرة جماعات من البجا على الدولة فحبست الدرب. ففي شرهها لتعزيز موقفها التفاوضي جعلت الثورية تنظيماً محسوباً على البني عامر المفاوض باسم الشرق في جوبا الذي لا غيره. وبخست الآخرين أشياءهم بإحالتهم لمؤتمر جامع ينعقد بعد الاتفاق ليدبر الباقون حالهم. فجعلت الجبهة الثورية لبعض الشرق اليد العليا ولكثير في الشرق اليد السفلى. وهذا إزراء لا أعتقد أنه مما قد يقبل به زميلهم عبد الواحد نور مع أن مسألة دارفور هي الأشمل تغطية في اتفاق جوبا. لن يتأخر عبد الواحد للثورية كما طلبوا من غالب الشرق أن يتأخروا للأمين داؤود. سيطلب عبد الواحد اتفاقه الخاص مع الحكومة، تطير عيشتها، وجهاً لوجه. وبالنتيجة اعتزلت أطياف الشرق الأخرى الاتفاق وهددت بأنه لن يمر إلا فوق أجسادها. ولا تثريب. فالاسترداف في مثل هذه الحالات استحمار ولن ترضاه جماعة لنفسها.
ولا زلت أذكر كيف هال اضطراب بورتسودان الدموي الأول الجبهة الثورية بعد زيارة الأمين داؤود للمدينة لعرض مخرجات مؤتمر جوبا. فتبرأت الجبهة من تلك الفتنة بقولها في بيان لها إنها “تقف مع كافة المكونات الاجتماعية لشرق السودان والسودان عموماً، وتدافع عن قضايا أهل الشرق في المساواة والعدالة ورفع الضيم التاريخي عنهم”. وكذباً كاذب. ولم يطرف للجبهة الثورية جفن وهي، التي أطلقت سعار تلك الفتنة، تخادع الثائرين لانعقاد مؤتمرها بدونهم فطلبت منهم “الهدوء والكف عن التقاتل القبلي العبثي فيما بينهم، وتفويت الفرصة على فلول النظام السابق، الذين يريدون الصيد في الماء العكر لأجل إثارة الفتن القبلية، ليس في شرق السودان وإنما في كل أرجاء البلاد”.
وما يزال مسار الشرق فتيلة فتنة منتظرة لن تجدي فيه رحلات وسيط جنوب السودان الماكوكية. والمريب حقاً هو صمت الجبهة الثورية عن المسألة برمتها بعد أن وضعت يدها النبيهة على الحادات والحادات. وتركت الدولة، التي تناشدها اليوم لفرض هيبتها، في أمر ضيق جداً في الشرق بعد كارثة والي كسلا. وفي الغرب كذلك.
ولعبد الواحد خريدة من خرائده المعروفة. فاستنكر ظاهرة الانفلات الأمني وعجز الحكومة عن حفظ الأمن وحماية المدنيين ونزع السلاح من أيدي المليشيات. وطالب بالإبقاء على بعثة اليوناميد لغرض تلك الحماية. وطالما جئت بسيرة الأمم المتحدة فهاك منها بيتاً. فقلد شكت المنظمة من عبد الواحد مر الشكوى في سبتمبر ٢٠٢٠ وحملته مسؤولية تدهور الأمن في منطقة جبل مرة التي شهدت. ٤٨٠ قتالاً مسلحاً كان هو طرفاً فيها. ومن ذلك هجومه على القوات المسلحة في يونيو ٢٠٢٠ في كتم في قتال خسرت القوات ٢٧ قتيلاً بينما خسر هو ٩ من أفراده. وزاد الطين بله الاصطراع الذي وقع في حركته نفسها حول تعدين الذهب بين جنرالاته مبارك الدوك وصلاح بورس سقط من جرائه ١٧ قتيلاً ودفع بعض السكان إلى النزوح.
ونسجت الحركة الشعبية في المناطق المحررة في جبال النوبة (لا في المناطق التي لا تزال تحت احتلال حكومة السودان كما عبر ود يوسف) على منوال عبد الواحد. فطلبت من الحكومة، التي لم تبذل في رأيها أي مجهود لاحتواء الأمر، حسم الفوضى الناشبة وبسط سيطرتها على المليشيات. وتقول الحركة بذلك وكأنه ليست مليشيا حار دليل حكومات السودان المتعاقبة معها من فرط تفلتها. وبلغ من شفقة الحركة الشعبية في المناطق المحررة على وحدة السودان أن قالت إن الأمن سينفرط في إقليم دارفور وسيخرج من السيطرة. وهكذا استدر الموقف دموع الحركة التي تري في انفراط الأمن الوطني في جبال النوبة كرتاً للمساومة في أمهات الأمور بخفة سياسية مكلفة.
شككت بعد قراءتي بيانات المسلحين المسالمين وغير المسالمين إن كان ل”هيبة الدولة” و”المليشيات” و “انفراط الأمن” و”الحكومة” “والمحررة” معان أم أننا دخلنا إقليم الحقائق البديلة الترمبي من أوسع أبوابه.
وقال الهادي إدريس عضو مجلس السيادة بلسان الثوري ما يزال إن ما يحدث في الجنينة يمكن أن يحدث في أي منطقة. فالمعلومات الأمنية تشير إلى تفجيرات قد تحدث في عدة مناطق وخص الخرطوم بالذكر. فأل الله ولا فألك. فأل الله ولا فألك. فأل الله ولا فألك.
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …