هواء طلق .. هل توقف البشير عن الحكم ؟
فتحي البحيري :
بعد عامين من وصول المتظاهرين السلميين لاعتصام سلمي كبير زحفوا نحوه بالمواكب والتظاهرات السلمية الشرسة طيلة أربعة أشهر ونصف وصمدوا فيه شهرين آخرين … هل يمكن القول أن تغييرا سياسيا أو انتقالا سياسيا قد تم نحو الأهداف التي من أجلها خرج أولئك المحتجون التاريخيون ومن أجلها قتلوا واستشهدوا ولا زالوا يفعلون ؟
الحقيقة الشاخصة، مهما حاول زيد وعبيد وعمرو الملاحاة فيها، أن البنية السياسية والمعايير السياسية للحكم والنتائج المباشرة المترتبة بناء عليها في حيوات الناس لم تتغير قيد أنملة، بل ربما كانت هي في محصلتها النهائية أسوأ مما كانت عليه زمن البشير ويمكن البرهنة على ذلك من زوايا عديدة أهمها
لا زالت المليشيات الهمجية غير النظامية والتي يشتبه بأن غالبيتها من أصحاب الانتماء والولاء لدول مجاورة أو فاقدي الاحساس بهوية سودانية تجمعهم مع بقية مكونات الشعب، لا تزال هذه المليشيات – التي أنشأها عمر حسن أحمد البشير وأطلق يدها في الأرواح والموارد السودانية “لحمايته” – مطلقة اليد والسراح في ذات الأرواح وذات الموارد وبشكل أسوأ بكثير مما كانت عليه في عهد الرئيس المخلوع، وسط أخبار عن أن قائد هذه المليشيات المسمى بحميدتي بات يستخدم كل جهاز الدولة بما في ذلك الطائرات الرئاسية والموارد التي لم تكتشف بعد ضمن أعماله وأنشطته التجارية الخاصة في الوقت الذي يشوش فيها من دفع لهم هذا القائد ومن تحايثوا مع مشروعه الاستبدادي الإبادي الجديد والذي تواترت مؤشرات على أنه – المشروع – يتجاوز السودان إلى كامل الإقليم الافريقي المضطرب في تشاد والنيجر وافريقيا الوسطى وغيرها. بل أن قدرات هذه المليشيات الهمجية ظلت تتمدد خلال العامين الماضيين لدرجة يمكن القول معها أنها صارت أقوى من الجيش الرسمي .. فكيف وبأي مشيئة يحتفل السودانيون بمرور عامين على سقوط الطاغية المخلوع عمر حسن أحمد البشير؟
وجود هذه المليشيات ونموها وتطورها في ظل رعاية حكومة ما بعد الثورة يلقي بظلاله الكثيفة على كل شعارات الثورة الأساسية : فأي حرية يعتقد الناس أنهم قد كسبوها في الوقت الحالي هي بلا قيمة حقيقة وبلا قدرة على الصمود في ظل وجود هذه المليشيات التي ثبت مرات كثيرة أنها لا تتوانى عن استهداف الذين ينتقدونها إعلاميا وصحفيا فضلا عن وقوع أي مواطن عادي تحت مرمى نيران تجاوزاتها اليومية للمواثيق التي ضمنت الحريات الأساسية للافراد وأن لا يتم اعتقال أو تعذيب خارج القانون وما حادثة شهيد الكلاكلة بهاء نوري عن المنكرين ببعيد. وأي سلام سمح يمكن أن ينعم به السودانيون أو يحلموا به والإبادة لم تتوقف أبدا طيلة السنتين الماضيتين لا في دارفور ولا خارجها وما الجنينة عن المنكرين – أيضا – ببعيد. أما في ما يلي شعار العدالة فحدث وحدث وحدث ولا حرج .
الذين أفسحوا المجال لهذه المليشيات لكي تتمدد كل هذا التمدد بصفقات مجانية أو مدفوعة الثمن ظنوا أنها مانعتهم من ثورة الشعب مرة أخرى فطفقوا يفسدون كما أفسد عمر البشير وأكثر ويجيرون الخدمة المدنية العامة لصالح قلة من المقاطيع وأبناء السبيل الكوكبي ممن أنسوا فيهم كفاءة الاندياح مع ما يريده برهان وحميدتي (وإلا لماذا يكون وزير التربية البروفيسور محمد الامين التوم هو الوحيد الذي يتم إرجاء تعيينه؟) ويعينون – منذ البداية – حتى الكيزان الصريحين في مكتب حمدوك .. فكان الارتداد الصريح عن كل ما له علاقة بالثورة ولو من بعيد ابتداءا مما اقترح من إصلاح تعليمي جذري وشامل ومرورا بكل ما هو صفة للحكم الراشد من شفافية في التعاملات ومن التعيين عبر منافذ التنافس العلاني الشريف ومرورا بكل ما من شأنه إصلاح حقيقي وفعلي في معاش الناس وفي خراب الاقتصاد وبوار التنمية والانتاج وليس انتهاءا بتسكين شباب الثورة ونسائها في الوظائف العامة فأي خيانة وأي خيابة يمكن أن تحدث من حكومة تدعي أنها حكومة الثورة ؟؟
إن المشوشين من السياسيين وغيرهم والذين يجتهدون لصرف الأنظار عن هذا الاختطاف الاستراتيجي العميق للثورة ولدماء شهدائها وشعاراتها وللدولة نفسها ومواردها ومقدراتها وسلام واستقرار أجيالها القادمة موعودون بما لا قبل لهم به من وعي الشباب والمواطنين بأفاعيلهم الدنسة وبما يستحق خيانتهم من رد يعرفونه جيدا .
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …