‫الرئيسية‬ آخر الأخبار لماذا فشل اتفاق جوبا ؟؟
آخر الأخبار - رأي - مايو 30, 2021

لماذا فشل اتفاق جوبا ؟؟

بشرى احمد علي :

لن يتذكر الناس من اتفاق جوبا سوى الحفل الصاخب الذي غنت فيه الفنانة ندى القلعة ، قد كثر الحديث وقتها أن الجهات المنظمة نقلتها بطائرة رئاسية خاصة ودفعت لها أجرتها بالدولار ، وقد كان موسماً غنائياً بإمتياز عوّض عليها ما خسرته بسبب الإغلاق لصالات الأفراح بسبب جائحة الكورونا.
وقد وُلد إتفاق جوباً ميتاً منذ يومه الأول ولم يصمد حتى لعدة شهور ، وها هو الان إعلام الحركات المسلحة يعود للغة البيانات والتهديد بشن الحرب إذا فشل الإتفاق ، ولا أعتقد أن هناك سوداني يخشى على انهيار اتفاق جوبا حتى لو كان البديل هو الحرب ، وذلك لأن الإتفاق اهتم فقط بالمحاصصة في المناصب وأهمل قضية العدالة والتنمية والسلام ، ولذلك يُمكن وصف ما حدث في جوبا العام الماضي بأنه إتفاق شراكة بين المكون العسكري وقادة الحركات المسلحة ، المكون العسكري بقيادة الفريق برهان كان مثل دآبة الأرض التي أكلت وثيقة قبيلة قريش ، وكان يسعى بكل السبل لتجاوز الوثيقة الدستورية وقد أستغل شغف الحركات المسلحة بالسلطة والمناصب فأستطاع أن يصنع منهم برلمان مصغر يخصم من حصة المكون المدني ، ومن جانب آخر كانت الحركات المسلحة تعتقد أن المخلوع البشير كان أكبر الهواجس ، وبعد سقوطه تكون قد اتتهم خلافة حكمه طائعة مختارة ومن دون حرب ومن دون قتال ، وقد كانوا يراهنون على ملء الفراغ الذي حدث ولم يستوعب قادة الحركات المسلحة ان سقوط البشير أعطى شهادة وفاة للشعارات التي كانوا يرفعونها ويتاجرون بها ويسترزق بها وهم يجوبون مختلف دول العالم ، ولا حتى كل من فرنسا أو المانيا تستطيع التعامل معهم الآن على اساس انهم ضحايا حرب ضروس قد فُرضت عليهم من نظام قمعي ودكتاتوري والسبب لأن نظام البشير كان يوفر لهم مادة إعلامية مجانية ..
لكن لنقوم بتحليل ورصد فشل هذا الإتفاق اليتيم علينا أن نشير أنه إتفاق تم بدون حاضنة شعبية في الداخل أو الخارج ، كما أن الحركات المسلحة مارست خطاباً استفزازياً سياسياً وجلبت سلاحها للخرطوم وأرعبت السكان ، وقدربطت تقارير إعلامية ما بين إتفاق جوبا وبين إزدياد معدلات حوادث النهب المسلح داخل المدن السودانية ، وقد أعترف بعض قادة هذه الحركات بوجود تجنيد وبيع للرتب العسكرية داخل المدن .
لكن القشة التي قصمت ظهر البعير كانت هي غياب التمويل لهذا الإتفاق المريب ، فالمجتمع الدولي بعد سقوط البشير أصبح يتخوف أن تغذي أموال المساعدات الحرب ، كما أن التقديرات المالية لهذا الإتفاق كان مبالغاً فيها ولم تراعي الظرف المالي الحرج الذي يمر به السودان الآن ، فقد اصبحت الأزمة الإقتصادية تمس كل السودان وليس دارفور وحدها .
وبعد مؤتمر باريس والذي شاركت فيه الحركات المسلحة بفاعلية لأنها كانت تعتقد أن المؤتمر سوف يرصد أموالاً لهذا الإتفاق ، لكن ما حدث في باريس أن المؤتمر اهتم بشطب الديون المتعثرة والتي كان السودان في حل منها بعد أن عجز عن سدادها في السابق ، والمبالغ التي وفرها الغرض التجسيري ليست تحت ولاية الحكومة السودان ، بل هي تخضع لإشتراطات جمة وعديدة .
لذلك صدر بيان الحركات المسلحة بعد أيقنت بنفسها بتهاوي إتفاق جوبا للسلام ، لكن ما أزعجهم لاحقاً هو جنوح المكون العسكري للتفاوض في جوبا مع عبد العزيز الحلو وعبد الواحد نور ، وهذا يعني أن أن أتفاق جوبا (1) لم يكن سوى محطة عابرة الغرض منه خلط الاوراق السياسية ، فكل من حركتي عبد العزيز الحلو وعبد الواحد تحظيان بتأييد شعبي ودولي ، كما أنهما يرفعان شعارات تتجاوز حدود المناصب والتعويضات ولهما تأييد كبير في شمال السودان ، فشعرت مجموعة جوبا (1) بالحرج الشديد وذلك لأن اي نتيجة للاتفاق الجديد تتطلب تغيير تركيبة التحالف الحالية وربما يصل الأمر إلى الإستغناء عن الموقعين لأنهم قادة بلا جنود او سند شعبي ..
لكن ما هي خيارات الحركة المسلحة بعد فشل إتفاق جوبا ؟؟ فهل ستعود للحرب ؟؟
بالتأكيد لا، خاصة بعد أن استقر قادة هذه الحركات في الخرطوم وأصبحوا يملأون وقت فراغهم بلقاء الدبلوماسيين ووزراء الخارجية من مختلف دول العالم ، واصبحت لهم مخصصات وقوات وسفريات منظورة وغير منظورة ، وهم فقدوا التواصل مع حواضنهم الإجتماعية في دارفور ولم يعد الناس هناك يثقون بهم ، ولذلك التلويح الحرب هو وسيلة لإثبات الوجود ، فقد قمعت شهوة السلطة كل الشعارات التي كانوا يرفعونها.

‫شاهد أيضًا‬

الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش

كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …