قراءة في “دروس قرنٍ من الزمان” لإدغار موران
بن داود عمير :
قراءة في كتاب
أتيحت لي قراءةُ العملِ الجديدِ للفيلسوفِ وعالمِ الاجتماعِ، إدغار موران، الذي سيحتفل – شهر جويلية القادم – ببلوغه 100 عامٍ. يحملُ الكتابُ عنوان: “دروس قرنٍ من الزمن”، وكان قد صدر مطلع هذا الشهر عن دار “دونويل” الفرنسيَّةِ للنشر. يستعرضُ إدغار موران – من خلاله – أهمَّ المحطاتِ في مسارِ حياتِه الحافلةِ بالأحداثِ والمغامرات. يبدو هذا الكتابُ الممتعُ، تتمَّة لكتابٍ صدرَ له في السابق يحمل عنوان “الذكريات تأتي للقائي”؛ وكأنَّه – بذلكَ – يتداركُ أحداثًا حاسمةً في حياتِه غَفَلَ عن ذكرها، أو لم يوفِها حقَّها في التحليل.
ستتفاجأُ – وأنتَ تقرأُ الكتابَ – بأنَّ الرجلَ يتمتَّعُ بذاكرةٍ قويَّةٍ؛ على الرغم من تقدُّمه الكبيرِ في السن، وأنَّ خاصيَّتَه في التحليلِ العميقِ للأشياءِ لا تزالُ متوهِّجةً.
ينبِّهنا إدغار موران، في بدايةِ الكتابِ، إلى ملامحِ هُويَّتِه الحقيقيَّةِ، التي وصفها بالواحدة والمتعدِّدةِ في آن: “من أنا؟ أجيب: أنا إنسانٌ. ذلك هو اسمي وهُويَّتي. لكن لديَّ مجموعةٌ من الصفاتِ، متفاوتةِ الأهميَّةِ حسب الظروف. أنا فرنسيٌّ، من أصلٍ يهودي سفرادي، إيطالي وإسباني جزئيًّا، متوسطيٌّ إلى حد كبير، أوروبي الثقافة، مواطنٌ من العالم. هل يمكن أن نكون كل هذا في وقت واحد؟ كلا… هذا يعتمد على الظروفِ والأوقاتِ التي تهيمِنُ فيها إحدى الهُويَّات على هُويَّاتٍ أخرى”. ثم يضيف: “كيف يمكننا حيازةُ هُويات متعددة؟ الإجابةُ: يمتلك كل فردٍ منَّا هُويَّةَ عائلته، وهُويَّةَ قريتِه أو مدينتِه، وهُويَّةَ مقاطعتِه أو عِرقِه، وهُويَّةَ بلدِه، وأخيرًا هُويَّةً واسعةً من قارَّتِه. هكذا لكلٍّ منَّا هُويَّةٌ معقَّدةٌ، بمعنى هُويَّةُ واحدٍ ومتعددة في نفس الوقت”.
ولأنَّه ينتصرُ للإنسانِ قبلَ الهُويَّةِ، لن يقعَ في أسرِ (الشوفينيَّة)، التي ستحولُ بينَه وبين الموضوعيَّةِ في إدراك الحقائقِ. هكذا، سيختارُ – بشجاعةٍ – الانتصارَ للمبادئِ والقيم الإنسانيَّةِ. ولعلَّ من بينها الدفاعُ عن حقوق الإنسان والقضايا العادلة في العالم، مهما كلفه ذلك من ثمن. سيكتبُ: “وصفوني في إسرائيلَ بالعميلِ، بل – وحتَّى – بأنَّني ضدَّ الساميَّةِ، لأنَّني عبَّرتُ عن موقفي المعارضِ للاحتلالِ الإسرائيلي”، ثم يضيف: “كتبتُ العديدَ من المقالاتِ في صحيفة “لوموند”، عبَّرتُ من خلالِها عن احتجاجي القاطع على وجود إسرائيل… انتقدت – بشدَّةٍ – الممارساتِ القمعيَّةَ للشرطةِ الاسرائيليَّةِ على الفلسطينيين، معترفًا بحقِّ الفلسطينينَ في بناء دولةٍ طبقًا للوائحِ الأمم المتحدة”. ولأنَّه إنسانٌ حرٌّ قبلَ أن يكونَ فرنسيًّا، انتقدَ ممارساتِ الاستعمارِ الفرنسي، لدرجة أنَّه تعرَّضَ لمحاولةِ اعتداءٍ من طرف المنظَّمةِ السريَّةِ (OAS)؛ كما تعرَّض – من جهةٍ أخرى – إلى الانتقادِ من طرفِ جبهةِ التحرير الوطني، لأنَّه ساندَ مصالي الحاج، ودافع عنه باستماتة.
كتوطئة تتصدر العمل، كتب إدغار موران: “من المفيد أنَّني لا أعطي دروسًا لأحدٍ. أحاولُ أن أتعلَّم دروسَ تجربةِ حياةٍ تمتدُّ إلى قرن من الزمن.. آمُلُ أن تكونَ مفيدةً للجميع، ليس فقط لطرح أسئلة حياتهم، ولكن أيضًا لإيجاد طريقِهم الخاص”.
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …