لا بديل عن الشرطة إلا الشرطة
سالم الامين بشير :
قبل عام تقريبا و في نهار رمضان ، قبضنا على فتاة تحاول سرقة هاتف من داخل المنزل ، ذهبنا بها لمركز الشرطة .
في يوم المحاكمة سألها القاضي إن كانت لها سوابق ؟ ، نفت ذلك تماما و أخذت تبكي . اخرج القاضي هاتفه و اتصل بأحدهم قال انه فرد من شرطة الفيش و التشبيه ، سأله القاضي عن فيش الفتاة بعد أن ذكر له اسمها ، و قبل أن يتم القاضي وصفه لها عاجله الشرطي : هي من معتادي السرقات المنزلية بمعاونة صديقتها (فلانة) و تلقب ب ( كذا ) ، و زوجها (فلان) الآن مسجون في قضية مخدرات ، و والدتها (فلانة) الآن هي في الأردن تعمل هناك …
بعدها اعترفت الفتاة بكل ما قاله الشرطي ، فعلا أنها من مرتادي السرقات و كذلك والدتها و زوجها تاجر مخدرات ، كل هذه المعلومات ادلى بها الشرطي في أقل من دقيقة من ذاكرته الفولاذية ، دون أن يرجع للدفاتر أو الحاسوب . و حتى دون أن يطلب مهلة لمراجعة زملائه .
هذا يوضح حجم إمكانيات الشرطة البشرية ، و الخبرات العملية العالية التي يتمتع بها أفرادها . و الدليل على ذلك سرعة تفكيك غموض اعتى الجرائم خلال فترة زمنية وجيزة …
بالمقابل نفس الشرطة لا تأبه بالسرقات الصغيرة مالم تصحبها جريمة قتل أو سرقات كبيرة بحق أحد وجهاء المجتمع . و المباحث في كل أنحاء البلاد لديها سجل و صور و تاريخ كل المجرمين ، و كذلك طريقة ارتكابهم للجرائم المختلفة . يحددون المجرم من طريقة دخوله إلى مكان الحادث ، فيختلف من يتسور الحائط عمن يكسر الاقفال ، و كذلك تختلف طرق كسر الاقفال باختلاف المجرم ….
هذه المعرفة يكتسبها الفرد عبر خبرات مكتسبة و أخرى ملكات شخصية ، و خبرات تراكمية متوارثة عبر أجيال مختلفة …
تفعيل دور الشرطة هو أقل كلفة و أكبر إنجازا في ضبط التفلتات و محاربة الظواهر السالبة في الشارع العام .
خطأ جسيم يرتكبه المجلس السيادي بتكوين جسم يتكون من مجموعة من القوات المختلفة و المتباينة برئاسة ياسر العطا لتحقيق الأمن و السلامة . هذه القوات عديمة الخبرة في التعامل مع المجتمع ، و عديمة الخبرة في معرفة المجرمين او سرعة الوصول اليهم، و ضبطهم أحيانا حتى قبل وقوع الجريمة ، لن تستطيع أن توفر الأمن المنشود …
هذا الجسم الجديد الموازي للشرطة سيكون وبالا على الأمن بدلا عن توفيره ، و ستكون هناك تفلتات واسعة من هذه القوات نفسها ، وذلك بسبب عدم الخبرة و عدم وجود قانون ينظم وجودها و يحد من أنشطتها تفلتات أفرادها ، فقانونيا حتى الآن ليست لها وصف محدد لوظيفتها ولا مهامها سوى محاربة التفلتات .
لو كان هناك مجلس تشريعي لمنع قيام مثل هذه القوات و استدعي و زير الداخلية و استفسره عن التفلتات، بدلا عن تكوين قوات موازية بإمكانيات مالية تثقل ظهر المواطن ..
على السلطات الجلوس مع مدير الشرطة لتفعيل وحداته المختلفة ، وأن توجه الميزانية المخصصة للقوات الجديدة إلى أفراد الشرطة ليقوموا بمهامهم، فهم الاكفأ و الاجدر بتوفير الأمن و الاستقرار ، فالمرتبات و الميزانيات التي تخصص لأفراد الشرطة ضعيفة جدا ولا تفي باحتياجات الحياة في ظل التضخم الذي يزداد يوما بعد آخر ، فيجب دراسة أسباب سلبية الشرطة في الفترة الأخيرة و إزالة كل العوائق و المتاريس في طريقها . فان ثبت أن هناك جهات داخلها تحاول تعطيل حركتها فيجب الإطاحة بها فورا و محاسبتها حتى تكون عظة و عبرة …
كلفة القوات الجديدة ستكون باهظة جدا ، وستكون نواة لتفلتات منظمة و عصابات مسلحة مستقبلا يصعب ترويضها و لجامها ، و يحتاج الأمر إلى قوات جديدة ، و كاننا نفتقر إلى القوات التي تتناسل و تتوالد يوما بعد آخر لنقوم بتأسيس أخرى بلا قانون . حتى الآن أكبر عائق في البلاد هو استسهال تكوين قوات لتكون موازية للجيش فحدث ما حدث .
جوبا لديها تجربة سيئة في هذا الامر ، كانت تستعين بالجيش في مهام تخص الشرطة ، بمرور الوقت ظهرت تفلتات و جرائم مسلحة كانت تتم بواسطة افراد مسلحون يتبعون لتلك القوات مما روع المواطنين و فقدوا الأرواح و الممتلكات بسبب تلك القوات .
يجب الاتعاظ من تجارب الآخرين و النظر إلى الامر بعقلانية بعيدا عن حمق البعض بتجاوز دور قوات الشرطة المدربة و إيلاءه إلى قوات عديمة الخبرة .
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …