آخر الأخبار - أبريل 15, 2022

فاوضني بلا وهم

معتصم اقرع:

علي الحركة السياسية الباحثة عن الديمقراطية التحلي بالواقعية والوضوح الفكري اللازم.
ليس من الصعب استيعاب ان كل المبادرات المطروحة جوهرها الضمني شراكة جديدة بين المدنيين وجنرالات الجيش والميليشيات لسبب بسيط هو ان أي حل متفاوض عليه يعني بالضرورة الابقاء على بعض اهم مفاصل السلطة في يد الجنرالات لأنه من المستحيل قبول أهل السلاح بنزع مخالبهم لدرجة خضوعهم لحكم القانون المدني الذي يهدد امتيازاتهم وحصاناتهم العملية التي تحمي افلاتهم من العقاب عما اقترفوا عبر السنين.

وهذا يعني ان أي حل متفاوض عليه تحت أي مبادرة لن يكون أكثر من إعادة الشراكة العسكرية-المدنية في قنينة جديدة في إطار يبدو فيه الجانب المدني أكثر ضعفا نتيجة للتشرذم الذي حدث في الثلاثين شهرا الماضية ودخول الحركة الشعبية وحركات دارفور في زواج متعة مع الجنرالات.

وسيظل جوهر الصفقة كما كان عليه وهو مشاركة المدنيين في السلطة مقابل توفيرهم لوجه “حضاري” مقبول للنظام يرفع الحرج عنه في الخارج ويوفر له بعض القبول في الداخل يساهم في امتصاص حرارة الشارع وتهدئة التدفق الثوري الجذري.

من يبتغي ابعاد الجنرالات عن دفة القيادة عليه هزيمتهم في الشارع كما هزم شباب الثورة نظام البشير ومن أراد التفاوض فعليه الاستعداد لتقديم ما يكفي من التنازلات لتزييت شراكة جديدة-قديمة.

أما فرضية التفاوض لتوفير مخرج آمن للجنرالات مقابل تقاعدهم عن السلطة فإنها تستحيل قبيل هزيمتهم في الشارع.

لا أحد يحتكر الحكمة، ولكل مجموعة سياسية الحق في ان تختار الطريق الذي يروق لها سواء كان تفاوض أو دواس وان تدافع عن خيارها، ولكن في ظل الموت المتواصل برصاص الجنرالات، لا أحد يملك الحق في بيع أوهام عن إمكانية ابعاد العسكر عن السلطة برضائهم عبر مفاوضات أو مبادرات أو انتخابات.

هذه النقطة كانت بديهية في 11 ابريل 2019 وقبله وقد كتبناها ولم يعد أحد – حتى من عجز عن التفكير المجرد – يحتاج الي درس عصر يثبت استحالة ابتعاد جنرالات الجيش والميليشيات طوعا وامتثالهم لحكم مدني بعد انقلاب 25 أكتوبر وغدرهم المتوقع بمدنيي الشراكة المثالية المتناغمة.

‫شاهد أيضًا‬

الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش

كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …