مقارنة بين الهمباتة وحميدتي وجنجويدِهِ
ابراهيم البكري:
يصفُ بعضُ الثوار حميدتي والجنجويد بأنهم همباتة! ولكن إذا نظرنا إلى الهمبتة كتأريخ ومفاهيم فإننا نجد فرقاً شاسعاً في الأخلاق والقيم وإختلافاً جذرياً في المفاهيم. ما يجعل الشبه منعدماً تماماً بل نجزم أن في مجرد المقارنة بين الهمباتة والجنجويد إهانةٌ للهمبتة. بالرغم من رفضي الشخصيّ التام لها. غير أنَّ الشعر الذي كتبه الهمباتة لا يمكن تجاوزه لا تذوقاً فحسب وإنما تفهُّماً لأسباب نُتوجِ أدبٍ كهذا في حياتنا العامة.
من حياةٍ زَخِمَةٍ عاشها الهمباتيُّ أنتجَ شعراً رغم الوحشية التي يتصف بها في كثير من أحايينه إلا أن فيه من الإبداع ما لا يمكن المضي في الحياةِ السودانية بأدبها وشعرها دون النظر إليه
للهمباتة تقاليد وأعراف تُشبه تقاليدَ صعاليكِ العرب الأوائل إلى الحد الذي يجعلنا نقول أن الهمبتة هي إمتداد للصعلكة مع بعض الإختلافات نذكر منها أن الصعاليكَ رفضَهم مجتمعُهم بينما الهمباتي يجد من مجتمعه غير ذلك أو أن رفضَ مجتمعه له أقل. وهذا مبحثٌ في حدّ ذاته ومدخل مهم لفهم المجتمعات السودانية التي يشتغل بعضُ أفرادِها بالهمبتة.
للهمباتي نخوةٌ تجعله لا يمدُّ يدَه لمال النساء كَثُرَ أو قلَّ ؛ كما أنه لا يمدها لمال الفقراء من الناس. ليس هذا فحسب وإنما يمدها لهم بالعون ويعطيهم مما نهب من الأغنياء.
يفتخر الهمباتي بالسجن إذا سُجِنَ ، ويصبر عليه صبراً يدهش كل ذي عقل صبّار.
يقول الشاعر الهمباتي الطيب ود ضحوية:
الليلة السجن جابْلُو اْنْكِتامَة وحَرَّة
أنِحْنَ جَرارْقُو، يا ساتر على ناس برّة.
سحّار الغروب راجينا كاضْمَ الجِرَّة
بلحَقْ بيك مُراح حسب الله وين ما فرَّ
سَحّار الغروب هو اسم بعير الشاعر وقد وصفه الشاعر هنا بالتوفُّز والإستعداد للإنطلاق في أيَّة لحظة .. درج الهمباتة وعموم الأبّالة على تسمية جمالهم بأسماء يتباهون بها .. يقول الشاعر وقد كان مسجوناً بعد أن وشى به شخص يدعى (حسب الله)
أن السجن على ضيقه فقد أتى بسخونة وكتمة خانقة .. يقول (أنحن جرارقو) وأهله القادرون على تحمله، ويطلب من الله أن يستر من الحرِّ على من هم خارج السجن أو ربما هو يتهكم بهم وبحياتهم الرغدة التي لا ينبغي للرجل أن يعيشها وربما لا يرى الهمباتي في الحياة رجلاً سواه. فهم ، أي الهمباتة ، يستطيعون مجالدة الحر والكتمة. والجرّق هو البعير القارح الذي يتحمل قسوة الحر والظمأ والسفر معاً
والإبل بطبعها تتحمل كل هذا، وفي الإبل يكون الجِرِّق هو أشدُّها تحملاً وأصبرُها على الشدائد
أما حميدتي وجنجويده فهم نوع بخس من اللصوص لا يتورَّعون عن نهب مال الفقراء وقتلهم وسلب النساء وإغتصابهن، هذا ما لا يفعله الهمباتي بل يحمي الفقراء ويذود عن النساء حتى اللواتي لا يعرفهن فكلُّ إمرأة هي حرمة الهمباتي وهو حاميها
في تاريخ الهمبتة نجد أن الهمباتي لا ينهب غير الإبل على الإطلاق فهو لا ينهب البقر أو الماعز والضأن ولا أساور النساء وحليَّهن ولا ينهب الإبل القليلة فهي دليل على فقر صاحبها. هذا في الوقت الذي نجد فيه الجنجويداي يسرق مال الفتاة ويفتح حقيبتها ويعتدي على شرفها وعفتها ويمد يده لجوال الصبي.
يقول شاعرنا:
إن بَرَدَن نقود، ماني البخيل صَرّيت
وإن حَرَّن، بُكارْ ماهِن صفايح زيت.
في هذا المجزوء من رُبْعيَْةٍ يعرض فيها الشاعر بمسجون وجده في السجن وعندما سأله عن سبب سجنه أخبره بأنه سرق صفائح زيت .. يقول أنه إذا توفر المال وصار رخياً في يده فهو مِجوادٌ به وإذا شحّ وعزّ فإنه ينهب الإبل لا سواها فهو أنبل من هذا الذي ينهب صفائح الزيت. وربما من طرف آخر يعني أنه إذا نجح في إقتياد إبله التي نهبها فهو لن يبخل بعائدها وإذا فشل وتم القبض عليه فإنه سيُسجَن في شأن عظيم وهو الإبل التي ليست بوضاعة صفايح الزيت.
جنود حميدتي بلا رادع ولا وازع مثل زعيمهم ولا دافع لهم ولا يعنيهم شرف الحرائر وليس للحياة عندهم معنى ألم يقل حميدتي ( هدفنا من الثورة دي: ما عندنا هدف)؟.
حميدتي هو حامي اللصوص الوضيعين وليس بحامٍ للشرف فهو وهم فاقدوه المعوزون منه ومن قيم الإنسانية كلها وهم حثالة سُرّاق صفائح الزيت ولكن رَمَتْ بهم في حياتنا خسة الزمن الذي دهانا به حُكم الإسلامين الذي نكّل بنا وبديننا ودنيانا
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …