بين الفهم والحفظ

قصي همرور:

القصة المتواترة عن ألبرت أينشتاين أنه لم يكن يهتم بحفظ القوانين (المعادلات) والثوابت الفيزيائية، مما لم يعلق بذاكرته تلقائيا، وكان يقول إنه لا يزعج نفسه بتذكّر هذه المعلومات لأنها متوفرة بيسر في الكتب وقتما احتاجها.

طبعا، بطريقته هذه، فمن الراجح أن أينشتاين لن يستطيع إحراز درجة عالية في امتحان فيزياء في المدارس الثانوية حاليا، في معظم مناطق العالم. وفي مثل هذه الحالة، يمكن أن نقول إن هنالك مشكلة في طريقة امتحان الفيزياء الذي يضع شخصا مثل أينشتاين في محك صعب في امتحان فيزياء في مدرسة ثانوية.

أتذكر أني كنت أحب مادة الفيزياء في المدرسة؛ كنت أحب المواضيع والمسائل التي تتناولها، لكني كنت أتعامل ببساطة مع حقيقة أن كل حبي هذا الفيزياء لا جدوى منه في الامتحانات والدرجات، وإنما عليّ في ذلك الجانب أن أجوّد قدراتي في حل المسائل الرياضية وان أحفظ المعادلات والثوابت جيدا. وصرف الزمن في هذا التجويد عادة ما يأخذ معظم وقت المراجعة والتحضير للمادة. وحتى أولى سنوات الجامعة كنت، مثل غيري، أتعامل مع المواد التابعة للفيزياء بنفس الطريقة، إلى أن انزعاجي من هذه المسألة صار يكبر مع تقدم مراحل الجامعة. واليوم، فإن من مسائل النقاش الجادة بين علماء الفيزياء عموما مسألة مدى علاقتهم مع الرياضيات، وبطبيعة الحال مدى علاقة تدريس الفيزياء بتدريس الرياضيات (تحديدا: مهارات حل المسائل الرياضية).

حاليا، من الأشياء الواضحة لكل من ينظر في مستقبل تعليم العلوم، أن طريقة التعليم الحالية لا يمكنها الاستمرار كما هي. لا بد أن تتغيّر، وبصورة أساسية، حتى تصبح العلوم من المعارف الأساسية المنتشرة في المجتمعات العصرية والمستقبلية، وهو انتشار مهم، لأننا حاليا ينطبق علينا ما قاله كارل ساقان: “نحن نعيش في مجتمع يعتمد بشكل شامل على العلوم والتكنولوجيا، لكن قمنا بترتيب الأوضاع بحيث يكاد لا أحد يفهم العلوم والتكنولوجيا.”

وللحديث شجون….