قراءة إنطباعية في في بعض أعمال الأمين عثمان

براهيم حسن كوجان:

الأمين الذي نخافه جميعاً..

Black and white and the perpetual gaze
of ill-defined sadness

وللوهلةٍ الأولى تظن أنك تمر أمام أجساد تنتمي لأزمانٍ أخرى في عالمٍ آخر، أعينها باردة ذات ملمح جليدي حزين، تلك الأجساد وحدها فقط تستطيع أن تحكي لك عن آنيتها.
(أعين باردة حزينة تحدّق في اللانهاية)
والذي يمر من هنا يظن أو يأتيه إحساس أن الفن هنا ككل الفنون التي تعتمد على فكرة محددة تصاحب الفنان إلى الأبد، وربما عبر عن تلك الفكرة الأبدية، الماجد إبراهيم الصلحي في لوحته أحلام الطفولة والتي يحتفظ بها متحف التيت للفن الحديث بلندن.!
الذي يمر بأعمال الأمين عثمان يجد نفسه أمام أعمال في غاية الدقة وفيها قصدية، تلك القصدية تجدها (سليلة) تراكيب وتكوينات ذات زوايا وألوان تدلل على وجودها من خلال ظلالها التي تلقيها في المساحات الأخرر وكأنها تعطي للظل مثيله، أو للظل ظلاً آخراً، (complementary colouring)

في متابعتي لأعمال أستاذ الأمين عرفت ومنذ أواخر الثمانينات (وانا أدرس بقسم الدراسات الاضافية)، عرفت شيئاً واحداً أنه لا مهادنة ولا توجد طرق مختصرة للوصول للغاية التي يبتغيها الفنان.
وفي نقاشات متفرقة هنا وهناك، نقاشات في بعضها سخرية جافة تشبه في تجاويف حروفها تلك التي يأتي بها حسن موسى من وقتٍ لآخر تلك السخرية التي لا تطيح بجدية المعنى المبطن في حروفها، يقول فيها الأمين لأحد تلاميذه الذين بدأوا يرون ظلال أعمالهم في مجتمع الخرطوم الفني: (يجب أن لا تبحث عن حلٍ سهل لأعمالك) ويجب ان لا تبحث عن تعابير فرِحة على وجوه من يتفرجون على أعمالك، وكأنه يقول أن العمل يجب أن يحمل في دواخله علامات الإجادة والصبر والإجتهاد (ماكلفتة ساي).
وقتها جمع تلميذه كل أعماله لم يفز بإبتسامة من الأمين، لكنه أيضاً لم يحبطه، عندما قال بهدوؤ (في الحقيقة دي تجربة كويسة ما توقفك من إنك تجرب؛ وكأن الطريق أمامك ملئ بكل ماهو قاسٍ. (وما القسوة أما المبدع سوى تلك المتعة في معالجة صخور الطريق ومحاولة تمييعها وتطويعها فتقول نشيد شعرها بلغتك لا بلغة جحورها)..
..
شكراً أستاذ الأمين الذي خصني بقليلٍ من إهتمامه فصرت أناي الذي ترون.. وأناي الذي أعرف..