‫الرئيسية‬ آخر الأخبار انهاء الانقلاب ام انهاء الواقع السياسي المأزوم
آخر الأخبار - سبتمبر 20, 2022

انهاء الانقلاب ام انهاء الواقع السياسي المأزوم

أحمد الأبوابي:

في عنوان هذا المقال مفاضلة أو لنقل مقارنة قد لا تعني للكثيرين شيئاً ذا بال .. فالبعض يرى بان الانقلاب هو كل الازمة او على الاقل لبها.. و عند آخرين تجد العبارة كل المعنى .. بالنسبة لي فعندما نتحدث عن ضرورة انهاء الانقلاب فإنه يجب أن يكون واضحاً ان الانقلاب ليس مرضنا بل هو عرض مقيت و حاد لمرض.. هو كالصداع الحاد او التقيؤ المميت.. يجب معالجته و انهاء المعاناة الناجمة عنه .. و لكن واهم من يظن ان مشكلة السودان بدأت بالانقلاب أو أنها ستنتهي بمجرد انتهاء الانقلاب بأي طريقة من طرق الانهاء.. فطريقة انهاء الانقلاب و الافق الفكري السابق للانتهاء مبشراً بما بعده هي ما تحدد ما اذا كنا سننهي الازمة بانتهاء الانقلاب أم أننا سننتج أزمة جديدة ربما كانت أسوأ من سابقتها.. من ناحية أخرى فليس وجود العسكر في الحياة السياسية هو علتنا الاصلية في السودان بل هو كذلك عرض مقيت و مميت لأزمتنا الموروثة .. ما هو ماثل الآن أن العسكر هم هدف للاستقطاب السياسي من قبل عدد من أقطاب القوى السياسية.. فلكأن الجميع (او لنقل الاغلب من القوى السياسية) في سباق لاستمالة العسكر او استدراجهم ارغاماً أو تحبباً، لاجل صياغة حالة من الغلبة و السيطرة على الواقع تسمح بفرض أجندة محددة في الفترة الانتقالية المزعومة ليكون للجهة المعنية تغلب و استباق لما بعد الفترة الانتقالية.. لاجل ذلك فانك تستطيع ان ترى فؤوس الكثيرين و هي توشك أن تنهال على اصنام العسكر تحرص على ترك شيء ما لعلهم اليه يرجعون تأميناً للمسار السياسي الذي اليه يطمحون .. هذا الشيء ربما كان (كبيرهم) او ما هو اصغر منه بكثير او قليل .. الخلاصة هي أن اغلب ما هناك من خطط تتهيب زوال العسكر من الخارطة السياسية بضربة واحدة و الى الابد . البعض يصور هذا كأنه حرص منهم على مستقبل السودان و استقراره و هذا ما اسميناه من قبل ب(النزعة العسكورية ) و هي نزعة تنجاوز اسم الشخص المعين الى حالة سودانية تشمل تاريخنا منء الاستقلال و حتى اللحظة.. و البعض يدعي انه يريد خروج العسكر من العمل السياسي و لكنه في قرارة نفسه يريدهم ان يفعلوا ذلك (بشويش) و حبه حبه .. اذاً فالعسكر ليسو هم الأزمة و ان كانوا أحد اتعس تجلياتها في حياتنا السياسية .
ظللت اردد منذ وقت ان خروج العسكر من دائرة العمل السياسي رهين ببروز المدنيين الى مقام المسئولية و الرشد و الانفطام من الحاجة للعسكر و مما يلي ذلك زهد المدنين باطيافهم المختلفة في استغلال القوة العسكرية لتغليب كفتهم بازاء الآخرين .. هذا الأمر الذي تجلى في الانقلابات العسكرية المتتالية في تاريخ السودان.. و يتجلى الآن في ممارسات سابقة قريبة و أخرى حاضرة .. هذا أمر.. الامر الآخر و هو مرتبط بالاول هو انعقاد النية الجمعية على قبول التنوع في العمل السياسي بغض النظر عن التباعد القائم في الابديولوجيات و المواقف و برغم الغبائن التاريخية .. ثم يلي هذين الأمرين اليقين الجازم بألا بديل عن الديمقراطية الا الديمقراطية و ان الانتخابات هي الطريقة المثلى و الصحيحة لتداول السلطة مهما كانت نتاجاتها بعيدة عن التوقعات و الأماني لأي منا .. و هذا ما يقود الى توكد نية الانتقال الفعلي الى مستقبل ديمقراطي ترجع فيها ملكة الاختيار للشعب السوداني وحده ليختار فيصيب أو يخطيء ثم يتعلم شيئاً فشيئاً من اخطائه ..
ان المراقب للخطابات الكثيرة المشاعة عن الانتخابات يلاحظ أمراً مهماً و هو أن الجميع يريد انتخابات مفصلة -من حيث نتاجاتها – على مزاجه السياسي و بالتالي فالجميع يجد لنفسه الغذر في تأجيلها أو تعجيلها .. و لهم في ذلك دفوعات هي في الحقيقة مبررات للمباعدة بيننا و بين الانتخابات .. أقول هذا بغض النظر عن وجاهة المبررات او عدمها .. الخلاصة الحاصلة هي اننا ما نزال بعيدين عن استشراف مستقبل سياسي يعتمد الانتخابات كآلية لاختيار من يقودوننا .. في هذا الوقت فإن الفراغ سيتم ملأؤه بأحد ستة احتمالات (على الاقل) :
١-ماراثون مقاومة طوبية المدى تقود لانهاك الجميع- السلطة الانقلابية و من يعارضها ليحصل في الاخير انهيار ما للسلطة الانقلابية و ان طال السفر.. هذا الانهيار نفسه لن يخرج في نتاجاته من هذه الخيارات الاخرى التي سنفصل فيها ، و بالتالي قد تعاد دورة الأزمة من جديد ..
٢-التجاء السلطة للهروب للامام بتكريس الصفة الانقلابية في ما قامت به و بالتالي حدوث حملات واسعة من الاعتقالات و التشريد للمعارضين ، و مزيد من العنف في مواجهة التظاهرات التي تقوم بها القوى المعارضة و من جانب آخر استمالة من يرغب من القوى السياسية المناوئة لمعارضي الانقلاب، بغض النظر عن كونها مؤيدة للانقلاب في ذاته الآن أم لا.. في هذا السيناريو نحن متوعدون بالمزيد من العنف و العسف و بالتالي مزيد من التأزم..
٣-حدوث انقلاب عسكري بدعم سياسي من القوى المناوئة للانقلاب الحاضر و هذا سيؤدي الى احتدام الصراع على مستواه العسكري بين القوى اامؤيدة للانقلاب القديم و تلك المؤيدة للانقلاب الجديد .. و هذا سيكون ربما باب لحرب أهلية لا تبقي و لا تذر..
٤-حدوث انفلاب بدعم من المؤتمر الوطني و من شايعه من قوى.. و هذا أيضاً سيدخل البلد في ازمة سياسية وخيمة، و من ثم دورة جديدة من دورات الحكم بالزندية ..
٥-حصول تسوية سياسية بين العسكر و قوى الحرية و التغيير المجلس المركزي مع رفض من القوى السياسية المناوئة للمركزي بحيث تسعى قوة الحرية و الجديد لرسم مسار المستقبل وفق تفضيلاتها و احتكار السلطة على نحو ما بحيث يتم لهم ما يريدون من اكمال لما بدأ قبل انقلاب ٢٥ اكتوبر .
٦-حصول توافق سياسي بين المدنيين على نطاق واسع بحيث تتم ادارة الفترة الانتقالية عبر كوادر غير حزبية ذات تأهيل نوعي أكاديمياً و خبراتياً.. خروج العسكر من المعترك السياسي و تفرغهم لعماهم الذي تدربوا عليه ، و ان تنأى الأحزاب عن التشاكس حول السلطة في هذه المرخلة و ان تعد نفسها للانتخابات عبر تاهيل كوادرها و توعية المواطنين ببرامجها و رؤاها السياسية .. يتم اتفاق على المدى الزمني للانتخابات و تعمل الحكومة عاى الاعداد للانتخابات عبر اعداد السجل الانتخابي و ما اليه من مهام…
هذه الخيارات المذكورة لم تأخذ في الحسبان -لاعتبارات تتعلق بضيق المقام- تعقيدات اضافية في الواقع السياسية مثل تعدد الجيوش من حركات مسلحة و وجوظ الدعم السريع كحالة شاذة من حالات تواجد مليشيا في ثوب قوات لها اساسها القانوني و لكن دون انضواء كاف او التزام بموجبات الانتماء للقوات المسلحة.. و حين يتم استحضار هذه العوامل فان الاحتمالات ستتزايد على نحو ملحوظ ..
ما اراه هو ان الخيار الاخير هو المخرج المثال من أزمتنا الحاضرة و هو مخرج يحتاج للمزيد من التشاور و الحوار و ازالة المخاوف المتبادلة بين كل الاطراف المختلفة ..
هل ترى ما هو المصير الذي ينتظر بلادنا في مقبل الأيام ..على كل ليس أمامنا الا ان نرجو الخير و العافية و نعمل من أجلها ..

‫شاهد أيضًا‬

الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش

كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …