و انك لا تهدي من احببت
محمد فاروق سلمان:
دائما ما نظرت لكتابات الاستاذ محمد علي جادين والذي تشرفت بمعرفته، والاستاذ عبد العزيز حسين الصاوي، رحمهما الله، كمراجعات ضرورية للفكر القومي العربي في السودان، والتي شكلت مخرج حقيقي لازمة العقل السياسي السوداني وتبعية كثير من النخب الوطنية واغترابها والذي شكلت احزاب “الامة العربية الواحدة” قمة الانكار للواقع السوداني المتعدد والمتنوع، وان ظلت هذه الاحزاب ليست ذات اثر في هذا الواقع بحكم حالة اغترابها هذه عنه، _حتى نعتبرها ازمة بذاتها خارج سياق عام لهيمنة الايدولوجيا الاسلاموعروبية على نخب المركز وفق شروط الدولة القديمة هددت وجود الدولة نفسه_ ، الا مؤخرا ومع تراجع دور الحركة السياسية بشكلها التقليدي في مخاض السودان الجديد هذا بعد ثورة ديسمبر، شكل صعود دور “حزب” كالبعث الاصل ملمح من ملامح ازمة الحركة السياسية وتاكيد على حالة “تهافت التهافت” لاحزابنا السياسية، والتي تراجع دورها في تشكيل المشهد منذ بعد اتفاقية السلام الشامل في ٢٠٠٥، وفشلها في تحقيق انتقال ديمقراطي عبر اكبر تسوية دولية للسودان، لم تنتج وفق اداء الحركة السياسية غير وطنين ونظام واحد للسودانيين. ليشكل صعود قوى جديدة لم تتضح ملامحها بحكم عدم نضج تجربتها بعد، وتعثر هذا النضج، في ظل محاولة الاختطاف الدايمة من قبل الحركة السياسية المدنية التاريخية، بدلا من محاولة استيعاب ما يجري عندنا!
خروج البعث الاصل من (اربعة طويلة) لن يجعل منها اربعة قصيرة او ثلاثة طويلة، وللحقيقة “البعث” احوج للخروج من “البعث” حتى يكون طرفا في اي تسوية مستقبلا، بنفس الحاجة لخروج الاسلاميين من جدر الايدولوجيا خاصتهم، فلا فرق بين طاقة الاثنين على الهلاك والقهر السياسي بحكم التجربة والتاريخ. وان كان يحمد للمفكر محمد علي جادين وهو من مؤسسي ما يعرف بالفكر القومي العربي في السودان؛ نقده للتاريخ السلطوي للبعث وتناوله لتجربة الحكم في كلا العراق وسوريا، وعدم تردده في الاشارة للتهديد الذي شكله هذا التاريخ للديمقراطية وحقوق الانسان.
لا اظن ان الثلاثة (بعض حزب الامة، وكل حزب المؤتمر السوداني والتجمع الاتحادي) والذين تبقو في سيادة الحرية والتغيير-المجلس المركزي، والذين شكل “عم علي” الاب الروحي لصعودهم الهش في المشهد السياسي، لا اظنهم سيكونون باحسن حال، او ان خروج البعث قد تتبعه صحوة، فالبعث لم يكن اصل “الغواية” عندهم، فقصر النظر اصيل عندهم، شان كل حركتنا السياسية القديمة، احسبهم الان: اقرب للاحساس باليتم منهم للوعي بالذنب.
إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56].
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …