البرغوث والسياسة

معتصم اقرع:

ليو ميسي شخصية رياضية محبوبة يحترمها تقريبا الجميع للتميز المذهل وحسن ادبه وتواضعه. لم يعرف عنه عنف ولا شتيمة لخصم ولا نرجسية.

الجدل الوحيد الذي اثير حوله كان في عام 2013 حين زار فريق برشلونا إسرائيل وظهر البرغوث مع رئيسها مرتديا الكبة بالقرب من حائط المبكي وتم تفسير ذلك كدعم لسياسة إسرائيل بالذات تجاه الفلسطينيين.

ربما كان ذلك التفسير مغاليا لان البرغوث لم يعرف عنه أي اهتمام بالسياسة أو بالثقافة وربما لم يعرف ابجديات تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وربما ظن حسب علمه المحدود ان الأوضاع في الدولة التي زارها طبيعية تماما كما هو الحال في الدول التي لا يوجد فيها احتلال ولذلك لا غبار على الظهور مع رئيسها.

اثارت الزيارة والصور التي أعقبتها ضجة كثيفة حول العام واستاء الكثيرون وذكرت صحيفة انه تبرع بمليون دولار لدولة إسرائيل. نفي البرغوث تبرعه وقال انه يفضل التبرع للمحتاجين في بلده وشرع في مقاضاة الصحيفة التي تراجعت واعتذرت.

وفي العام التالي, في أغسطس 2014 ضربت إسرائيل غزة في عملية عسكرية واسعة نشر اثرها البرغوث تغريدة دافع فيها عن حقوق الأطفال في مناطق الصراع، خاصة في قطاع غزة وقال “بصفتي أبًا وسفيرًا للنوايا الحسنة لليونيسف ، أشعر بحزن شديد بسبب الصور القادمة من الصراع بين إسرائيل وفلسطين ، حيث أودى العنف بالفعل بحياة العديد من الشباب وأصاب عددًا لا يحصى من الأطفال. الأطفال لم يخلقوا هذا الصراع، لكنهم يدفعون الثمن النهائي، يجب أن تتوقف دورة العنف الأخرق. يجب أن نفكر في عواقب النزاعات العسكرية ويجب حماية الأطفال “.

وفي عام 2018 قرر الفريق الأرجنتيني لعب مباراة ودية مع الفريق الإسرائيلي في إسرائيل في إطار التحضير لكاس العالم في نفس العام. وثارت ضجة سياسية شديدة للمرة الثانية تم الغاء المباراة على أثرها وانتشرت روايات تقول ان البرغوث رفض المشاركة في المباراة مما ادي الي الغاءها لأنها بدونه لا معني لها في بعدها السياسي قبل الرياضي.
النقطة هي ان البرغوث كائن بعيد من السياسة ولا يعرف عنه أي انحياز لجهة أو لأخري.

علي مستوي الرياضة, ظل السؤال عمن هو أعظم لعب كرة قدم في التاريخ وانحصر السباق بين بيليه وماردونا والبرغوث. نلاحظ ان بيليه ومارادونا عبقريتان عصيتان على التكرار لعبت السياسة دورا في تكبير اسطورتهما فالأول اشتهر في ظروف عنصرية ضاربة في الغرب وحول العالم منبثقة من تاريخ العبودية ومعاداة السود ولكن بيليه نجح في وضعهم علي الخارطة واجبر العالم علي الاعتراف بموهبتهم وانسانيتهم واجمل ما قال بيليه انه حين سئل عن اهم إنجازاته قال انه يعتز بفتح الطريق للرياضين السود كأهم مساهماته. ما فعله بيليه وما قاله يضعه في خارطة حقوق السود معية محمد علي كلاي ومارتن لوثر ومالكوم اكس ومانديلا ودي بويز.

أما ماردونا فكان رمزا اعصاريا للتمرد الانتحاري على كل شيء والتواجد خارج الصندوق إضافة الي جيفاريته وكاسترويته.

أما عبقرية البرغوث فظلت كروية حصريا وظل هو بلا لون سياسي ولا رائحة خارج الملعب ولا اعتقد انه يفرز طز من الواو الضكر في السياسة أو قضايا العلاقات الدولية. لذلك ربما كان البرغوث أعظم لاعب في التاريخ بمقياس الكرة المحضة الخالية من أي اعتبارات اخري.