الشرطة فى قفص الإتهام

إيهاب مادبو:

تناولت مواقع التواصل الإجتماعى تسريبا لمحضر تحقيقات حول جريمة مقتل مغنية الراب “رنا” 25 عاما، في شقة ببحري, والجانى فى البلاغ ابن مسؤول كبير بالتصنيع الحربي هو مالك الشقة

التسريب والذى يقتضي فيه السرية التامة لانه فى الأساس يستهدف التمهيد لمرحلة المحاكمة وتوجيه الإتهام للجانى وليس من شأنه هنا الفصل فى الدعوى الجنائية بالإدانة او البراءة بل هو جمع للأدلة التى تتيح فى مرحلة لاحقة المحاكمة وتوجيه الإتهام بعد إكتمال حيثيات البلاغ .

ومن شأن هذا التسريب أن يطرح علامات استفهام قوية حول هوية مسرب محضر التحقيق، ولا سيما أن تفاصيل التحقيق في القضية حظيت بسرية بالغة رغم الكشف عن معلومات عامة بشأنها فى ديسمبر الجارى

وفي الاونة الأخيرة فقد تكررت في بعض القضايا التي يجري التحقيق فيها تسريب مجريات وتفاصيل التحقيق الأولية بعض منها بخط اليد إلى وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام، حيث طالعتنا الصحف المحلية وبشكل يومي بتفاصيل تسندها إلى مصادر أمنية وهو مؤشر خطير للغاية .

على الرغم من أن هذه المحاضر والتحقيقات هي خطوة أولى باتجاه ضمان استكمال خطوات المحاكمة والتقاضي العادل، مما يعطي انطباعا ومؤشرا بوجود رغبة لمن يسرب هذه التفاصيل والتحقيقات بتوجيه الرأي العام باتجاه تكوين تصورات وأحكام مسبقة بغرض الضغط على مسارات التحقيق وما يليها، مما قد ينقض بالتالي مسارات التحقيقات والمحاكمات العادلة ويحرفها عن حياديتها المفترضة.

والسؤال الموضوعى هنا هل تمت هذه التسريبات بعلم ورضى الشرطة والجهات المعنية فيها؟ ومن هي الجهة – في وزارة الداخلية – المعنية بضمان سير التحقيقات وفقا للقانون والمسؤولة عن ايقاع الإجراءات التأديبية تجاه من يخالفها؟ كذلك ما هي إجراءات وزارة الداخلية المعمول بها وفقا للقانون إزاء من يقوم بتسريب هذه المحاضر للإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي أو استخدامها في أي غرض خلاف ما أعدت له؟

الأصل في عمل الشرطة والنيابة وهما جهتان تقوم مهمتهما فى تكييف البلاغ وحيثياته قانونيا ومن ثم تحديد مواده القانونية ورفعه لمحكمة الموضوع ، وفى هذا فإن اهم مراحل التحقيقات هى السرية التي تحاط بها الإجراءات الشرطية في مرحلة التحقيق الاولى او الإبتدائي ، والتي تعد من أهم مراحل الدعوى الجنائية كونها الأقرب زمنياً لوقت وقوع الجريمة

ان نشر محضر التحقيقات وتسريبه على نطاق واسع من قبل مسؤول بالشرطة يعطى إنطباعا خاطئا للشرطة كجهة مسؤولة ويقدح بالتالى فى مصداقيتها مما يهز كثير من جدار الثقة بينها والمواطن لتكون كل محاضر التحقيقات ذات السرية على قارعة الطريق وهذا من شأنه التأثير السلبي على الرآى العام .

جريمة بحرى برغم غموضها وغيرها من الجرائم الا إن تسريب محضر التحقيقات قبل إكتماله ورفعه للنيابة فيه خطأ يستوجب المحاسبة الفورية ومن قبل ذلك توضيح من الشرطة حول الجهة او الشخص الذى قام بتسريب المحضر قبل إكتماله .. والإ فإن الشرطة فى هذه الحالة فى قفص الإتهام