هجرة النوارس … أوطان تغادر وطنها
عمر عثمان:
مساء السبت صالة مغادرة مطار الخرطوم الكئيبة علي عادتها تضج بابناء وبنات الوطن ونساؤه وشيوخه هاربين من هذا الحجيم وهذا المرجل الذي يغلي فسادا وتدهورا في كل شئ، ولا امل الا عند الذين يرون انه من الممكن تغيير الوضع للافضل المؤمنين تمام الايمان بان الخروج وترك الوطن ليرتع فيه الارادلة والحركات وحميدتي والبرهان ليس حلا، قبل اسقاط الانقلاب وانتهاء الفترة الانتقالية المفضية لحكومة مدنية تقتص للشهداء وتدحر الفساد وتعيد الكرة في مطاردة لصوص ال ٣٠ من يونيو وتفكيك دولتهم التي مازال يرتع فسدتها في مفاصل الدولة.
لفت نظري مجموعة من الشباب حسبتهم في البدء مرافقين لاسرهم من ضم الاسر المغادرة عبر الخطوط العربية، تملؤهم البراءة حتي في تصرفتاتهم ومزاحهم مع بعض البعض، ويفوق عددهم العشرين شابا، لاقابلهم مرة اخري في مطار الشارقة، في انتظار الرحلة الي دلهي، لافاجأ حينها بان بعضهم رفقائي ايضا الي دلهي والبعض الاخر طاقش ارمينيا وشرق اوربا بنفس الغرض بداية الحياة الجامعية و (دراسة الجامعة) المستوي الاول هناك، هكذا تشتتوا عبر المطارات وودعوا بعضهم البعض، ومعظمهم جمعته رحلة البحث عن جامعة خارج السودان هروبا من الجامعات (المليارية) هكذا قالوها، ناقشتهم لماذا لم تدرسوا في السودان كانت اجابتهم واحدة وعن قناعة تامة (ماعندنا قروش وماعاوزين نتعب اهلنا، عاوزين نقرأ ونشتغل برة )، هكذا فرغ جبريل واتفاق جوبا المشئوم الجامعات السودانية للقبول المجاني واخرون مجبرين لا ابطال.
اطفال في اعمارهم كبار في مفاهيمهم دفعتهم الحياة الضاغطة وفشل قادة هذه البلاد، في توفير ابسط حقوقهم من التعليم والصحة ليقضوا اجمل سنوات عمرهم وزهرة شبابهم في بلاد كانت ارحم لهم من وطنتهم يسرت لهم التعليم باقل التكاليف، لا يعلمون حتى ماتخبئ لهم الغربة وما حرمتهم منهم الايام من رفقة اسرهم التي اضطرت علي الاقدام علي هذه الخطوة مكره ولا يوجد والد او والدة يستطيع ان يتنازل عن ابنه او ابنته للغربة مالم يكون مجبرا ذلك علي.
فالجامعات السودانية التي كانت قبلة للطلاب من كل انحاء العالم يحلم كل طالب سوداني بدخولها والعيش بكل التفاصيل التي سمعها ممن سبقوه.
هبطنا دلهي ووجدتهم بنفس الدعابة، ينتظرون دليلهم الذي لم يجدوا وسيلة للتواصل معه بعد ان خرجت الموبايلات من الشبكة ولا يوجد واي فاي للتواصل معه، ولحكمة يعلمها الله نظرت الي هاتفي لأجد به شبكة، فقاموا بالاتصال به من هاتفي ليرد عليهم وانه في انتظارهم بالخارج، ودعتهم واستودعتهم الله، شباب دفعتهم بلادهم للمجهول بعد ان اصبحت هي المجهول في كل شئ، ليشقوا طريق غير معلوم النهاية.
فكم هجر من قبلهم وكم سيهجر من بعدهم من ابناء جيلهم سيهجر السودان عبر المطارات والسفن في ظل التشريد الممنهج لابناء هذا الوطن، خرجوا بعد ان تركوا في حناجر ذويهم غصة وفي قلوبهم لوعة.
* استاذنتهم في اخذ صورة لكتابة هذا المقال ووافقوا مشكورين
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …