الإقتصاد السوداني يلفظ أنفاسه الأخيرة

د.عمار سليمان :

ما يحدث في السودان يطلق عليه ركود تضخمي Stagflation .
((زيادة جنونية في الأسعار مقابل ركود تام وتراجع في القوة الشرائية ل 60% من السودانيين.))
التضخم معروف وتحدثنا عنه كثيرا وهو الارتفاع المستمر في الأسعار وليس الارتفاع لمرة واحدة أو مرتين … واعتقد ان كل سوداني يعلم ان بلاده بها معدلات تضخم فاقت ال 400%
وتراجع قيمة الجنيه بنسبة 700%..
…..
الوصف الحالي :-
الركود فهو انخفاض معدلات النمو للناتج المحلي الإجمالي لثلاثة أرباع من العام … ونحن ندخل على العام الرابع بتراجع في معدلات النمو.. النتيجة ركود اقتصادي كبير..
اما الجديد فهو الركود التضخمي Stagflation وهو حالة الارتفاع الجنوني في الأسعار مصحوبة بتراجع كبير في النمو الاقتصادي..
كيف يحدث الركود التضخمي من وجهة نظر الاقتصاد؟؟
يحدث الركود التضخمي عندما تقوم الحكومة متمثلةً بالبنك المركزيّ بطباعة العملة فذلك يؤدي إلى التضخم وفي ذات الوقت تقوم السياسات الأخرى بتخفيض النمو، إذا قامت الحكومة بزيادة الضرائب والرسوم كلاهما سيعملان على الحد من إنتاجيّة الشركات، والخلاصة في ذلك أنَّه عند اتخاذ سياسات توسعيّة إلى جانب سياسات انكماشيّة متضاربة يحدث الركود التضخميّ
مؤشرات الركود التضخمي في السودان :
– تشير التقديرات ان الأدوية المنقذة للحياة في السودان انخفضت بنسبة 40% بالمقابل ارتفعت أسعار الادوية والمحاليل الطبية بنسبة 300%.
– تقلص عدد الشركات التي كانت تعمل كمشتري للسمسم في سوق القضارف من 100 شركة إلى أقل من 10 شركات في الموسم الحالي؛ بسبب المخاوف من عدم استقرار السياسات الحكومية إلى جانب مخاطر التصدير.
– توقف أكثر من 160 شركة تعمل في مجال الادوية
– اغلاق 1260 متجر في سوق الدمازين بسبب زيادة الرسوم والضرائب
– أكثر من 1200 متجر و3 آلاف تاجر في القضارف يغلقون محلاتهم ويهددون بالعودة للأغلاق مالم تخفض الرسوم.
– تم اغلاق أكبر سوق للصمغ والمحاصيل في مدينة الأبيض بسبب ارتفاع السوم والضرائب
كيف حدث الركود التضخمي في السودان.
– يعتبر عدم وجود حكومة وعدم وجود ميزانية واضحة للصرف.. وتقلص الانفاق الحكومي بنسبة كبيرة جدا من أهم عوامل وصول البلاد الى هذه الحالة..
– ويترتب على عدم وجود حكومة (عدم زيادة الرواتب بما يقابل معدلات التضخم المرتفعة.. وعدم اتخاذ سياسات من شأنها ان تقلل من حدة التضخم وتنعش الأسواق.. جلب الدعم والمساعدة الخارجية المادية والعلمية..)
– التركيز على زيادة الضرائب والرسوم والضغط على معاش الناس بالرغم من حالة الفقر والعوز … أكبر الامبراطوريات في العالم سقطت بسبب زيادة الجبايات والضغط على الناس في معاشهم.
– زيادة الضرائب والرسوم بمعدلات تراوحت بين 500، و1000%
– ارتفعت أيضا رسوم الموانئ بأكثر من 300 في المئة
– ارتفاع رسوم شحن الحاويات بنحو 500 في المئة
– رفع الدولار الجمركي 26.8 في المئة
كل هذه الرسوم والضرائب أدت الي عزوف المزارعين والمنتجين والشركات والمؤسسات والتجار مما قاد بصورة مباشرة الي وصولنا الي الركود التضخمي.
– التأثيرات
في أوقات الركود التضخمي، تتفشى البطالة، ويقل مستوى الدخل، وينخفض مستوى المعيشة للأسر، وتظهر حالات إفلاس بين الشركات لزيادة المديونيات، وبالتبعية، تقل وتيرة التوظيف
تتراوح الأجور في السودان بين 30 إلى 110 ألف جنيها “50 إلى 200 دولار” في معظم القطاعات والمؤسسات السودانية في حين تؤكد دراسات متخصصة أن الاحتياجات الأساسية للأسرة المتوسطة تكلف ما بين 350 إلى 450 ألف جنيه “600 إلى 800 دولار”.
هذا يعني ان العجز بين الدخل والصرف للأسر الصغيرة يعادل بين 150 – 250 دولار
أي بمبلغ 140,500 جنيه الي 84,375 جنيه على اقل تقدير
وللأسر المتوسطة العجز يصل الي 400 دولار الي 600 دولار
أي بعجز يبلغ 225,000 جنيه – الي 337,500 جنيه
هذه الأرقام حقيقية ونحسها نحن هنا في دول المهجر … اتصالات يومية من السودان بالشكاوى والطلبات المالية العالية 1000 ريال ما يعادل 150 ألف جنيه..
كثير من المغتربين دخلهم المتوسط حدود 5000 ريال ومطالبون بدعم اسرهم الكبيرة والصغيرة في ظل الأسعار الجنونية. بالإضافة للأعباء الأخرى من تجديد إقامة ورسوم وغيره..
انا شخصيا لاحظت زيادة معدلات الصرف لأسرتي في السودان التي تعتبر صغيرة. وزيادة الصرف بمعدلات فاقت ال 100%.. واحاول السيطرة عليها دون فائدة..
هذا الوضع الذي يؤثر مباشرة على الشباب الذي أصبح عاطلا بنسبة تفوق ال 80% بالطبع سيؤدي الي طريق المخدرات والنهب والانحراف …..
قالت المنسق العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية خاردياتا لو نديا في مؤتمر صحفي إن تقديرات العام 2023 تشير إلى أن نحو 15.8 مليون شخص أي ثلث سكان السودان سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية.
– علاج الركود التضخمي
أجمع الاقتصاديون على أنَّه لا يوجد علاج نهائيّ للركود التضخميّ ولكنَّ التخفيف من هذه الحالة الاقتصاديّة أمر ممكن فيجب زيادة الإنتاجيّة إلى الحد الذي يؤدّي إلى حدوث نمو اقتصاديّ أعلى بلا تضخم إضافي وهذا من شأنه أن يخفف حدّة التضخم في الركود التضخمي.
– أخيرا
– انصح نفسي واخواني المغتربين المقتدرين بمحاولة مساعدة أهلهم واقاربهم وتفقد الضعيف منهم ومد يد العون ومساعدتهم بقدر المستطاع في هذه الفترة العصيبة التي يمر بها أهلنا واحبابنا وبلادنا.