هواء طلق : من/ منذ متى يقبض من برهان أو حميدتي؟
فتحي البحيري :
“لا أبغض العالم الذي أعيشه ولكن أشعر بأنني متضامن مع الذين يتعذبون فيه… إن مهمتي ليست أن أغير العالم فأنا لم أعط من الفضائل ما يسمح لي ببلوغ هذه الغاية، ولكننى أحاول أن أدافع عن بعض القيم، التي بدونها تصبح الحياة غير جديرة بأن نحياها ويصبح الإنسان غير جدير بالاحترام”
البير كامو
الساحة الثورية والسياسية تتداولها خلال الاربعة سنوات الماضية وربما لوقت طويل قبلها وبعدها حراكات وفعاليات وأحداث يمكن تصنيفها بسهولة اذا توفرت الموضوعية والتجرد إلى مجموعتين واضحتين لا ثالث لهما ولا لبس بينهما هما مجموعة احداث وحراكات تهدف الى استدامة واستئناف الاعتصام ومجموعة حراكات واحداث تهدف الى استدامة واستئناف جريمة القرن البشعة المسماة فض الاعتصام وتفصيل وبيان ذلك يحتاج الى مساحات اطول بكثير من هذه المقدمة الضرورية المقتضبة والتي لا نستغني فيها أيضا عن إيراد النكتة الغنية بالمغزى والتي تنص على أن راعي غنم حكيما وقع بالقرب منه حادث مروري نتج عن انقلاب وتحطم بص به العشرات من السياسيين ولما وصلت فرق الإنقاذ إلى المكان وجدت أن الراعي الحكيم قد قام بدفن كل ركاب البص فسالوه : هل تأكدت أن الجميع ماتوا فعلا ..فقال : لا أدري .. بعضهم كان يصرخ ويزعم أنه حي … لكن من يصدق السياسيين!
في مراحل سابقة من هذا النضال السوداني الطويل كان من الصعب التمييز القطعي بين من يقاوم نكبة طغمة الإنقاذ بدوافع مبدئية ثورية استراتيجية وبين من يفعل ذلك بدوافع نفعية ذاتية تكتيكية ولكن بمرور كل هذا الوقت والدم والخيبات صار هذا التمييز سهلا
ولقد أدخلنا والله الاشتغال بالشؤون العامة في هذه البلاد الحبيبة العجيبة في جحر ضب عجيب … فما كان الذي يكتب هذا على سبيل المثال المحض يتصور قبل ثلاثين او عشرين او حتى عشر سنين انه سيضطر يوما إلى كتابة مقال بهذا العنوان المشين الا أن اعاجيب أحوال المشتغلين بشأن هذه البلاد واعاجيب جحر ضبهم قد نجحت في جعلنا نفعل وفي ان يحدث ما حدث.
اما الحقيقة الواقعية نفسها في ان هناك من يقبضون من حميدتي ومن يقبضون من برهان على الرغم من أنهم ينتمون إلى تيارات وكيانات واتجاهات في ظاهرها وادعاءتها مننا وفينا كعامة شعب ثائر صابر مبتلى بل من طلايعه المنافحة عن ثورته وحريته وديمقراطيته وسائر حقوقه ( االتي أولها الدم الغالي دون شك .. الدم المسفوح بغزارة وشراهة وسخاوة منقطعة النظير تحت اقدام هذين القاتلين الاقرنين الاملحين)
يصيبنا القهر والحزن والخزي والغثيان ونحن تصطدم بهؤلاء الرخيصين في معمعان الصراع الذي بدأ لنا أخيرا ان مداه أطول وميدانه أوسع بكثير مما كنا نظن
ان المرء ليحزن ويقرف اذا كان القابض مواطنا عاديا قهرته وتغلبت عليه ظنونه انه سيموت جوعا اذا لم يقبض من حميدتي او برهان او حتى لو كان القابض من رجالات ما يسمى بالإدارة الأهلية لكن الحزن والقرف يبلغ امداؤه القصوى عندما يكون القابض سياسيا او مثقفا او صحفيا يفترض فيه انه يحتكم إلى معايير تباعد بينه وبين هذا القبض المشين كما تباعدت السماء عن الارض
نعلم أن هناك بعض المساكين التي تنطلي عليهم لبعض الوقت نظريات مضحكة من مثل (حميدتي الضكران الخوف الكيزان) وغيرها ولكن ولوجوك في دفاع مستميت عن اي من قرني شيطان اللجنة الأمنية سيجعل بعض الناس على الأقل يشكون شكا موضوعيا ومبررا انك تقبض لا سيما ان كنت قائدا او حاديا او مؤثرا بهذه الدرجة او تلك … بل ان حميدتي قد لمح إلى ان بعض أولئك الذين معه يشتمونه بين الفينة والأخرى ويقولون ان ذلك لتضليل الرأي العام عن حقيقة ولائهم له … فلا حل لمن أراد نظافة الجو العام والتبرؤ الشخصي من ذلك الا أن يبتعد ابتعادا دائما ومضاعفا عن كل من وما تحوم حوله أية شبهة كهذه
وإنما هو صراع … سيداتي انساتي سادتي … اما ان نكون فيه من الذين يواصلون فيه الاعتصام ..وأما ان نكون فيه مع الذين يواصلون ارتكاب مجزرة فض الاعتصام
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …