جمعية خريجي جامعة الخرطوم ذوي الإعاقة : وكأن الإعاقة قد أضحت ذنباً؟
الخرطوم – الشاهد :
طالعنا في الأيام القليلة الماضية قراراً صادراً من وزارة الداخلية رئاسة قوات الجمارك الإدارة العامة للالتزام والتسهيل، يقضي بزيادة غير مفهومة تنم عن قدر كبير من انتهاك القوانين والأعراف الدولية والوطنية، وتجاوز كبير لأبجديات واجبات الدول تجاه مواطنيها، وتجاه قيمها ومثلها العليا التي كان عليها أن تنتهجها درباً واضحاً في بند السياسات العامة وبند القيام بالأعباء الطبيعية المفروضة عليها عرفاً وقانوناً.
نص القرار في متنه، وبموجب ما اسماه “قانون الرسم الضريبي الإضافي” بزيادة الضريبة الجمركية على معينات ومسهلات الحركة لأصحاب الإعاقات الحركية، من نسبة 3% إلى نسبة 10%. وكإن الآعاقة قد أصبحت ذنباً يعاقب عليه صاحبه صباحاً ومساء ، ترتفع الضريبة الجمركية على معينات الحركة والمعينات التيسيرية وإمكانيات الوصول لتقعد الشخص ذا الإعاقة أكثر فأكثر في إعاقته ليس بخارج منها، وهي زيادة مرفوضةً جملةً وتفصيلاً، لما تتضمنه من إخلال كبير بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ولما فيها من قفز على معطيات الواقع.
وفقاً للاتفاقيات الدولية المصادقة عليها جمهورية السودان، يقع على الدولة ممثلةً في حكومتها إجراء كل ما يلزم لتوفير إمكانية الوصول accessibility للأشخاص ذوي الإعاقة وتوفير بيئة معينة ملائمة بالكامل لجميع الاحتياجات والإعاقات، وتأتي على قمة هذه المعينات والميسرات بطبيعة الحال كراسي الحركة. والتي بدل أن تقوم الدولة بتوفيرها بصورة مجانية لكل المحتاجين لها، تقوم وبكل بساطة بزيادة الضريبة عليها وتحويلها لبقعة استثمار كسول وفاقد للحس السليم، وبالتالي فإن هذا القرار يعتبر نكوصاً واضحاً عن واجب الدولة المنصوص عليه في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لسنة 2006.، ومخالف لتوجه قانون الأشخاص ذوي الإعاقة القومي لسنة 2017 الذي ذكر من ضمن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الفقرة (خ) من المادة الرابعة ” إعفاء الأجهزة التعويضية الطبية والإلكترونية ومعينات العمل والحركة والتعليم الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة من الضرائب والرسوم الأخرى والرسوم الجمركية، بموافقة وزير المالية”
قرار الجمارك لا يرى من المواطن إلا جيبه، ولا يرى في الإعاقة إلا كونها وسيلة استثمار ناجحة، فكلما زاد الطلب للحوجة الماسة يجب أن تزداد أسعار العرض، وهذه السياسة لا تضع في الاعتبار إلا المال والأموال، ناسيةً؛ أو متناسية أن أصحاب الإعاقات الحركية، وبموجب سنين من التمييز والبيئة غير الدامجة والمنفرة التي ساهمت الدولة في تكوينها، هم من أكثر فئات المجتمع حاجةً للدعم وتقديم يد العون بدلاً عن أن تستغلهم الدولة وتستغل حاجتهم، فنحن لا نعيش في عالم تكون فيه الدولة نفسها آكلةً للحوم مواطنيها بدل أن تقوم برعايتهم.
ونحن إذ نخاطب هذا القرار المجحف بعبارات القانون والاقتصاد والحقوق والواجبات باعتبارها المنطلقات التي يجب تناول قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة من خلالها، فإننا فضلاً عن ذلك على يقين بأن وزارة الداخلية الكريمة، لم تعد تتحدث بخطاب القيم الإسلامية والأخلاق السودانية السمحة والواجب الإنساني والحس السوي والسليم، فأوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة في السودان ليست على أفضل حال، هم أخوتنا وأخواتنا، وآخرون غير معروفين تتحاشى أسرهم من إخراجهم للمجتمع، يستحقون الوقفة وشد الأزر من الدولة ومن غيرها، يستحقون التمييز الإيجابي في فرص التعليم والتوظيف، يستحقون لأن يكونوا على قدم المساواة مع غيرهم من غير ذوي الإعاقة. هذا القرار بهذه الصورة يفتقر لأبسط مقومات القيم الحميدة والواجب المعروف والمتعارف.
لا ننسى في هذه السانحة، أن نقدم أسفنا وخيبتنا من تعبير وزارة الداخلية عند وصفها للمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة بعبارة محطة من القدر تنم عن جهل فاضح بأساسيات التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة ، وهي عبارة ” العجزة وأصحاب العاهات”. وصف ” أصحاب العاهات” هذا فضلاً عن كونه مخالف لما جاء في قانون الأشخاص ذوي الإعاقة القومي لسنة 2017، فإنه وصف غير لائق، ويعيد مفهوم الإعاقة مرة أخرى لدائرة الشخص ذي الإعاقة نفسه دون أخذ في الاعتبار العوامل البيئية المحيطة وتوفر المعينات التيسيرية. العاهة هي ليست في الشخص نفسه لأنه ليس له يد فيها، العاهة هو محاولة هذا الشخص الحركة فيعجز ويفشل، لماذا ؟ لعدم توفر الكرسي المتحرك وعدم الاستطاعة.
إن قرار وزارة الداخلية إدارة الجمارك بزيادة الضريبة الجمركية للكراسي المتحركة لأصحاب الإعاقات الحركية لن يمر هكذا مرور الكرام، وسنعمل نحن في جمعية خريجي جامعة الخرطوم ذوي الإعاقة على اتخاذ كل السبل الممكنة والمتاحة، إعلامياً وقانونياً.
جمعية خريجي جامعة الخرطوم ذوي الاعاقة 2.3.2023م
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …