من عاصمة السودان الجديد مدينة (كاودا) الحلو يطالب حمدوك بإعلان دولة علمانية ديمقراطية موحدة
كاودا – الشاهد
في زيارة تاريخية وصل رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك الى مدينة “كاودا” مستقلا طائرة تخص برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، وتفيد المتابعات أنه غير مسموح للطيران السوداني الهبوط في المنطقة التي لازالت في عداد المواقع الخاضعة لسيطرة التمرد، واحتشد سكان “كاودا” التي تعد معقلا رئيسيا للحركة الشعبية – شمال بزعامة عبد العزيز الحلو، لاستقبال الوفد المركزي الذي يصل لأول مرة منذ اندلاع القتال بين المتمردين والحكومة المركزية في الخرطوم بالعام 2011.
وفي السياق عبر القائد عبد العزيز الحلو ريئس الحركة الشعبية شمال عن شكره وتقديره للدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء لزيارته المهمة لمدينة كاودا، وقال لدي مخاطبته اللقاء الجماهيري علي شرف تلك الزيارة قال “مرحبا بكم في كاودا رئاسة السودان الجديد” واضاف الحلو مخاطبا ريئس الوزراء بأن التاريخ وضعه على قمة المسؤلية في هذه المرحلة المفصلية مما يتطلب منه اتخاذ قرارات حاسمة من أجل الحفاظ على وحدة السودان وذلك بإعلان دولة علمانية ديمقراطية وموحدة على أسس جديدة.
وأشار الحلو الي ان كل الحريات بمدينة كاودا مكفولة بالكامل سواء حرية الاعتقاد وحرية الضمير، أو أي حرية من الحريات المعروفة شريطة ان لا تتجاوز او تتعدى على حرية الآخرين. وقال إن هذه الزيارة تعكس رغبة الحكومة الانتقالية في تحقيق السلام في السودان، واعتبرها مؤشرا إيجابيا على اهتمام ريئس الوزراء والفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان ريئس مجلس السيادة واحساسهم بمعانة مواطني المناطق المحررة، مشيرا في هذا الصدد الي انهم لمسوا ذلك عندما تم السماح بادخال المساعدات الإنسانية إليها عبر مسارات متعددة، مبينا أن هذا الاستقبال يعتبر احتفاء بحمدوك ووفده الميمون لزيارته التاريخية الغير مسبوقة من جهه وبثورة ديسمبر المجيدة من جهة اخرى من حيث أهدافها وشعاراتها وانجازاتها.
وجدد الحلو بأن الحشود الجماهيرية التي شرفت هذا الاحتفال هي جزء لا يتجزاء من الشعب السوداني لكنها عانت طويلا من ويلات الحرب ومن الحرمان من الغذاء والدواء واحتياجات الحياة الأساسية بسبب تمسكهم بحقهم في الحرية والكرامة وجاءوا من مناطق بعيدة يتطلعون الي سلام حقيقي عادل و شامل ومستدام.
وقال ريئس الحركة الشعبية انه رغم نجاح ثورة ديسمبر التي ازاحت نظام المؤتمر الوطني الا ان هنالك تحديات ماثلة تقف دليل على أن الثورة لم تكتمل بعد، مشيرا الي الأحداث المؤسف التي وقعت مؤخرا في بورتسودان وتلودي والجنينة ومعسكر كريندق للنازحين وغيرها وماصاحبها من ممارسات وحشية لاتمت الى الإنسانية بصلة، مبينا ان الحركة الشعبية تعبر عن عميق اسفها لتلك الأحداث الدامية وان هذه الأحداث تؤكد ان امام الحكومة الانتقالية مهام كبيرة ومسؤليات يجب الاضطلاع عليها لتامين عملية التحول الديمقراطي من جانبها، وحفاظا على أمن واستقرار المواطنين من الجانب الاخر، بدأ بتقديم المتورطين في هذه الأحداث للعدالة واتخاذ التدبير اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث إضافة لتفكيك هياكل النظام السابق.
وقال الحلو ان المواطنين يتطلعون وهم يستقبلون ريئس الوزراء بأن يضع السلام كقضية استراتيجية تأتي على رأس سلم أولويات حكومته لان السلام يمثل احد اهداف ومطالب ثورة ديسمبر التي جاءت بالحكومة الانتقالية.
مؤكدا رغبة الحركة الشعبية الصادقة في تحقيق السلام مشيرا الي ان فريق التفاوض، ذهب إلى محادثات جوبا بعقل مفتوح وهو يحمل تفويضا كاملا ومسلح بإرادة حقيقيه للتوصل الي تسوية سلمية تضع نهاية حقيقة للحرب، مشيرا الي تمسك الحركة الشعبية بضرورة مخاطبة جذور المشكلة السودانية وفي مقدمتها علاقة الدين بالدولة بجانب مسألة الهوية الوطنية للإجابة على سؤال كيف يحكم السودان.
وقال الحلو انهم في الحركة الشعبية ينادون بضرورة بناء دولة علمانية تقوم على الفصل التام بين الدين والدولة بحيث تقف الدولة على مسافة واحدة من جميع الاديان وتقوم على الحقوق والواجبات، وان الاساس في هذه الدولة المواطنة الإنسانية بغض النظر عن الدين والعرق واللون او الجهة او النوع.
وأضاف الحلو قائلا “نعتقد ان هنالك فرصة تاريخية نادرة لاحت لناظرنا لاحلال السلام في السودان ويجب عدم اهدارها ومن الضروري ان يتحلى الجميع بروح المسؤلية وامتلاك الارادة الحقيقيه لدفع استحقاقات السلام” مؤكدا في الوقت نفسة استعدادهم في الحركة الشعبية للتعاون مع الحكومة الانتقالية لتحقيق السلام العادل والمستدام، مبينا بانهم في الحركة الشعبية يناضلون من أجل كرامة شعبهم العظيم لكي يتقبلوا أنفسهم وبعضهم البعض بروح طيبة وان يحترموا تنوعهم وتعددهم.
مشيرا الي انهم يتطلعون للسودان جديد يتمتع فيه الجميع بالحرية والعدالة والمساواة والاذدهار والرفاهية للجميع بغض النظر عن الانتماءات القبلية، والاثنية، والدينية او الجهوية. مذكرا الجميع بأن هذا النضال ليس عن النوبة او الفونج او الفور وليس أيضا عن الحوأزمة والمسيرية او الرزيقات إنما هو نضال من أجل الاعتراف والاحتفاء بالتعدد والتنوع في السودان باوجهه التاريخية والمعاصرة .
وفي ختام كلمته قدم شكرة للسيد ديفيد بيزني وكل وكالات الأمم المتحدة على مبادرة توصيل المساعدات الإنسانية المتضررين بالحرب فى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحركة الشعبية، كما شكر اعضاء الترويكا لاستجابتهم للدعوة ودعمهم لمنبر جوبا للتفاوض، وشكر كذلك حكومة جنوب السودان لقيامها باعباء الوساطة في عملية السلام في السودان.
وفي سياق متصل قال وزير الإعلام، المتحدث الرسمي باسم الحكومة، فيصل محمد صالح، في تصريحات صحفية، إن الوفد الحكومي “انفجر في موجة بكاء حار عندما شاهد الاستقبال الجماهيري الضخم بالمدينة” وأوضح أن المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، دونالد بوث، ومسؤولين ببرنامج الأغذية العالمي، رافقوا الوفد الحكومي إلى مدينة كاودا، وأكد صالح جدية الحكومة في تحقيق السلام بالبلاد، واعتبر زيارة حمدوك، إلى معقل الحركة الشعبية، بالمهمة وتمثل “اختراقا كبيرا في مسار السلام”.
وأوضح صالح أن زيارة رئيس الوزراء برفقة وفد كبير من الوزراء إلى كاودا، للقاء القائد عبد العزيز الحلو، تهدف إلى إرسال رسالة للمواطنين هناك، مفادها أن الجميع مواطنون سودانيون تجمعهم المواطنة، ونوَّه إلى أن الحكومة تريد تأسيس دولة على أساس المواطنة المتساوية والمساواة والعدالة والسلام، وأضاف، “المهم أن حالة العداء انتهت، بدليل أن رئيس مجلس الوزراء في حماية الحركة الشعبية وليس في حماية طرف آخر”.
ونبَّه صالح إلى أن الزيارة تأتي في إطار “تقديم اعتذار تاريخي” للمواطنين السودانيين في المنطقة حيال مظالم وعمليات قتل وترويع تمت باسمهم على الرغم قتالهم للنظام البائد طيلة الثلاثين عاما، وقال إن الحكومة ستوجه الدعوة للحلو للحضور إلى الخرطوم وأي منطقة للقاء المواطنين لكسر الحاجز النفسي وتهيئة الأجواء للمتفاوضين في جوبا.
وأوضح صالح أن عبد العزيز الحلو، رحب بثورة الشعب السوداني، وحيا نضالات الشباب، وجدد جدد الدعوة للحكومة الانتقالية للعمل المشترك للوصول إلى السلام، وأشار إلى أن حمدوك ألقى كلمة مليئة بصدق المشاعر للوصول إلى السلام، وحيا نضالات الحركة الشعبية، وأكد رغبتهم في الوصول الى السلام.. وأظهرت مقاطع فيديو استقبالا كبيرا للوفد الحكومي وحيا حمدوك ومرافقيه الحشد الذي بادله الهتاف لأجل السلام، كما رفع عدد كبير من المواطنين لافتات تؤكد على مطلب الحركة المطروح في التفاوض بإقرار خيار العلمانية أو منحهم حق تقرير المصير.
وقال حمدوك في وقت سابق الخميس، إن الحكومة الانتقالية تسعى جاهدة لتحقيق السلام الشامل والعادل في البلاد، وكتب في منشور على “فيس بوك”، قائلا “أتوجه اليوم وكلي أمل إلى مدينة كاودا العزيزة في زيارة تاريخية مهمة، تلبية للدعوة الكريمة التي تلقيتها من القائد عبد العزيز الحلو، رئيس الحركة الشعبية- شمال” وأضاف، “هذه فرصة عظيمة لأؤكد لأهلنا في كاودا ولكافة السودانيين في كل ركن من أركان بلادنا الحبيبة أن حكومتكم الانتقالية تسعى جاهدة لتحقيق السلام الشامل والعادل، وأن تولي اهتماما متعاظما بجميع مناطق السودان، خاصة المناطق المتأثرة بالحرب والتي ظلت مهمشة لعقود طويلة”.
وأضاف قائلا “إذ أننا ندرك حقا حجم المعاناة والظلم الذي تعرض إليه أهلنا هناك، كما ندرك ونقدر كفاحهم ونضالهم من أجل بناء سودان يسع جميع السودانيين بتنوعهم واختلافاتهم” وزاد، “دعوني أقول بصدق وإخلاص لأهلنا في كاودا، أنه على الرغم من سياسات التهميش والتغييب التي مارسها النظام البائد في حقكم إلا أنكم لم تخرجوا عن عقولنا وقلوبنا”.
وعلى تويتر غرد حمدوك قائلا “خلال هذه الرحلة إلى مدينة رمزية مثل كاودا أود أن أقول للناس في كل ركن من أركان البلاد أنهم لم يُنسوا وعلى الرغم من أنهم قد يكونون بعيدين عن الأنظار ، إلا أنهم لم يخرجوا أبداً عن قلوبنا وعقولنا. وإني اتطلع لمقابلتكم جميعاً” وأضاف “أنا ممتن لأكون جزءاً من هذه اللحظة التاريخية المهمة، لحظة نعترف فيها جميعاً بدورنا الفردي والوطني من أجل تحقيق السلام والاستقرار في السودان”.
ونوه حمدوك إلى أنه تم تهميش الشعب السوداني في مناطق النزاع بشكل منتظم منذ عقود، وأكد أن الحكومة الانتقالية تدرك أنه لا بد من إعادة بناء البلاد الجديد بما في ذلك جميع أجزاء السودان ،خاصة المناطق الأكثر تأثراً بالحرب، وأشار رئيس الوزراء إلى أنه منذ العام ٢٠١١م ظلت المساعدات الإنسانية غائبة عن كاودا، وتابع ” لأننا ندرك تمامًا أهمية مواصلة تقديم المساعدات للمحتاجين نحن في حكومة الفترة الانتقالية سمحنا لمنظمات العون الإنساني بتقديم العون لأهلنا هناك وفي كل انحاء البلاد”ز
والزيارة تعتبر الأولى من نوعها لمسؤول حكومي رفيع إلى المعقل الرئيسي لـ “الحركة الشعبية-شمال”، وذلك منذ اندلاع الصراع بالولاية عام 2011. ويعد إحلال السلام في السودان، هو أحد أبرز الملفات على طاولة حكومة عبد الله حمدوك، خلال مرحلة انتقالية بدأت في 21 أغسطس الماضي، وتستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، يتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وتحالف “قوى إعلان الحرية والتغيير”، قائد الحراك الشعبي.
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …